ياسر زين العابدين المحامي يكتب : عدالة السماء!!!

كل مجزرة لها شقيقة كبرى وصغرى وثالثة ستكبر…

تكبر اذا غضضنا الطرف وصمتنا على الظلم…

الإنقاذ فعلتها وصمتنا فسدرت بغيِّها وهي عامهة…

أكتوبر ١٩٩٢ (أبو بكر راسخ) بطريقه لمنزل شقيقته بالثورة…

سيارة تبعته مذ تحرُّكه بمدار الثانية…

أوقفوه ثم أطلقوا الرصاص عليه فأردوه قتيلاً…

وداست سيارتهم على جثمانه بالشارع

أمام نظر الجميع…

نفذت المهمة كما طلب منهم…

من يومها ولتاريخه القاتل مجهولٌ…

من يشهد ضدهم مصيره شر وبيل… فساد صمت الرجال الأمهات…

إنه الإفلات من العقاب ومن يأبه…

جانب مظلم تفاصيله قذرة جداً…

استمر القتل الممنهج والمجرم جزءا من الدولة…

ابتداءً بعلي فضل الى آخر شهيد…

الفاتح النمير أردته رصاصة قتيلاً… في أحد أيام الثورة وهو يُشارك في التظاهرات…

العالم شاهد فيديو صور مقتله…

يمكن معرفة القاتل بكل يسر لكن هذا الأمر ليس من الأولويات…

وقتها الشهادة أنثى تختار أنقى شباب الوطن فاختارته ورفقاءه…

والقاتل مجهول لحد الآن…

الثوار حموا جثمانه وهم في طريقهم لمثواه الأخير….

الهتاف شَقّ عنان السماء…

أرتال السيارات الأمنية راقبت موكب المُشيّعين عن كثب…

والمقابر صارت مدناً رديفة…

منع فيها التجول للمعارضين ومنح التصريح للموالين…

الذين صدقوا الكذبة قبل بثها…

والذين روّجوا لها بلا وازع…

ضحى النمير من أجل وطن رزئ

بإفلات القتلة من العقاب…

والتضحية لا يتقنها إلا الشرفاء…

فحب الوطن ليس كلمات ولا أسى مزيف أو دموع إنما أفعال…

والتضحية بالنفس أعلى مراتب الإنسانية..

فتبقى النفس ذاتاً فعالة خلاقة… تتخطى عقبات الحياة وظروفها… تصير الأنموذج الأفضل…

هكذا كانت روح الفاتح وأرواح بقية شهدائنا فارتقت…

أفلت الجاني من العقاب والجريمة

جريمة دولة….

من أمر بإطلاق الرصاص والدهس…

يلزم نبش الماضي وإضاءة العتمة…

فتحديد الجناة واجب على عاتقنا وعداً قطعناه موثقاً…

هو حق للضحية وذويه والمجتمع…. فتقديم القَتَلَة للعدالة يعزز ثقافة علوية القانون….

وعدم فعل ذلك سبة لا تنمحي…

ما يُشكِّل نكران لحق الضحايا في العدالة والإنصاف….

الدماء أُهدرت بساحة الاعتصام…

شبابٌ غضٌ قدم التضحيات بنكران ذات وقاتلهم مجهول…

بذلوا النفس لأجل غاية أسمى وهدف أرجى…

حصدهم الرصاص غيلة وصدورهم عارية…

يساورنا الشك بأنّ بعض القتلة قيد الضبط…

وآخرين قد غابوا واختفوا عن أنظار السلطات….

نخشى أن يكون شعار عدم الإفلات من العقاب لحظياً…

فبعد أن خبا وهج الثورة  ضاعت معالم الطريق…

ضاع هذا الحق في غمرة التدافع نحو الكراسي…

وفي التهافت نحو مُحاصصات مؤلمة

تشي بشطب العهود…

فوعود الساسة سراب بقيعة…

تقسم المناصب فتذهب العقول…

فتحيط بها شلالات دماء الشهداء …

الهتاف كان الدم قُصاد الدم ما بنقبل الدية….

ما يقتضي تطبيقه بأرض الواقع بلا ممالأة وبلا تسويف…

لن يضيع الحق حتماً مقضياً…

فان التبس عليهم قصدا في الحياة

الدنيا….

لن تزل الأقدام حتى يقتص لهم…

فإن غابت العدالة بزماننا الردئ فعدالة السماء ستطبق حتماً مقضيا….

(الصيحة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى