عبد الله مسار يكتب.. شخصية الأسبوع الدكتور فارس الخوري

هو رجل من الشام, من أرض سوريا, حيث أقام  سيدنا معاوية بن أبي سفيان سلطان دولة الإسلام  وامتد بها حتى الهند والسند, وجابت جيوشه أوروبا العجوز ووصلت سفنه الى مراكش وإسبانيا وهو الخليفة الذي بنى أسطولاً بحرياً جاب كل العالم وقتها. وهو الأستاذ الجامعي الذي قبل يد تلميذه الملوثة بالفحم، بل هو رئيس مجلس الأمن الدولي في عام ١٩٤٧م وأول ممثل لسوريا في الامم المتحدة, وكان وزيراً للمالية والداخلية والمعارف ورئيساً للمجلس النيابي السوري ورئيس مجلس الوزراء, وهو المدافع الشرس في الأمم المتحدة عن سوريا واستقلالها عن فرنسا, وحادثة جلوسه الشهيرة مكان مندوب فرنسا  الذي استشاط غيظاً منه حتى رد عليه ذلك الرد التاريخي الذي طارت به الاسافير, حيث قال له انك لم تتحمل ان اجلس على طاولتك لنصف ساعة كيف تقبل ان تجلس جيوشك على رؤوسنا وفي بلدنا ما يزيد على خمسة وعشرين عاماً وهذا الموقف فعله (الزعيم الأزهري مع ملكة بريطانيا. عندما جلس على كرسيها, فقال له رجل المراسم هذا الكرسي مخصص للملكة,  فقال له الأزهري لم تحتملوا جلوسي على كرسي ملكتكم دقائق وتجلسوا على رؤوسنا وبلادنا سنين عددا).

وبعد هذا الموقف من فارس الخوري ومن الأزهري, نالت سوريا استقلالها من فرنسا، والسودان من بريطانيا.

وخرج الانتداب الفرنسي. وفي يوم ما ابلغه الجنرال غورو حاكم سوريا من قبل فرنسا, ان فرنسا جاءت الى سوريا لحماية مسيحيي الشرق, فما كان منه إلا ان قصد الجامع الأموي في يوم الجمعة وصعد الى منبره وقال ((اذا كانت فرنسا تدعي انها احتلت سوريا  لحمايتنا نحن المسيحيون من المسلمين, فأنا كمسيحي من هذا  المنبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله)). فأقبل عليه مصلو المسجد الأموي  وحملوه على الأكتاف وخرجوا به الى احياء دمشق القديمة في مشهد وطني مهيب وخرج اهالي دمشق من المسيحيين في مظاهرات حاشدة ملأت دمشق وهم يهتفون ((لا إله إلا الله)). وعندها لم يكونوا مسلمين ومسيحيين فقط, بل كانوا ابناء الوطن.

إن موقفه الرافض للاحتلال الفرنسي واتخاذ حماية أقلية أو طائفة ذريعة للتدخلات الخارجية كان موقفاً وطنيًا جامعًا.

فارس الخوري هو مؤسس معهد الحقوق العربي  وساهم في تأسيس المجمع العلمي العربي, ولكن الأغرب في مسيرته انه استلم مهمة وزير الأوقاف الإسلامية, حيث دافع عنه النائب عبد الحميد الطباع  آنذاك قائلاً: (إننا نؤمن بك على أوقافنا أكثر مما نؤمن انفسنا).

وفي إحدى محاضراته التي كان يلقيها في جامعة دمشق, دخل طالب متأخراً عن المحاضرة, فسأله عن سبب تأخره هو يشتغل فحاماً في الليل ليحضر المحاضرات في النهار, عندها أمسك الدكتور فارس الخوري بيد الطالب وقبّلها أمام الطلبة.

الدكتور فارس الخوري من عظماء هذه الأمة وهو رمزٌ مُضيئٌ وهو رجلٌ أنموذجٌ للإنسان الوطني المسؤول,  وهو شخصٌ يعتد به ويفتخر به في بناء مجتمع سليم وواحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى