ميثاق التوافق بقاعة الصداقة.. انسحاب اللحظات الأخيرة.. لماذا؟

 

تقرير- آثار كامل

المشهد السياسي الآن, يشهد حالة من الارتباك والتوتر والخلافات بين القوى السياسية المنضوية تحت مظلة “قوى الحرية والتغيير”، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية بسبب اختلاف وجهات النظر, بجانب وجود حالة إحباط وتوهان وتشويش وسط الشارع بسبب ما يحدث بعد مخاض عسير أنتجت كل الخلافات بالساحة السياسية. العديد من المبادرات وآليات الحل, منها آلية رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك, بجانب الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير الذي وقعت عليه العديد من الأحزاب, وخالفت بعض المكونات السياسية وأخرى بأطراف السلام, فيما تعاني العلاقة ما بين المدنيين والعسكريين في ظل اقتراب انتقال السلطة للمدنيين من الفتور, إضافة إلى رسم حدود هذه التفاعلات وأدوارها وضبط كيفية توزيع السلطات بين بعضها البعض, ولكن تختلف هذه الحدود والمعطيات باختلاف النظام السياسي, بمعنى أن السيطرة المدنية على السلطة هي ممكنة من دون نظام ديمقراطي، ولكن الديمقراطية وحدود علاقتها مع المؤسسة العسكرية هي ليست ممكنة في ظل وجود نظام غير مدني بالسلطة، رغم مرور مدة زمنية طويلة على الفترة الانتقالية، إلا أن التعقيدات لا تزال تشوب المشهد، وتطرح تحديات جَمّة على طريق الانسجام بين العسكر والمدنيين وتحديات من ناحية وضع سياسي واقتصادي غير مستقر.

انسحاب المنشقين

وقعت  مجموعات سياسية وفصائل بقاعة الصداقة على ميثاق التوافق الوطني لوحدة القوى السياسية ضمت “جيش تحرير السودان جناح مناوي, حركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، وعددا من الأحزاب  الأخرى”, وكانت قد شملت قائمة الموقعين حزب الأمة القومي د. إبراهيم الأمين, والحزب الوحدوي تيار العدالة الاجتماعية  ساطع الحاج وبعض الفصائل والأحزاب السياسية الأخرى, وقبل التوقيع على الميثاق تسربت قائمة بأسماء الموقعين واحزابهم, تبرأ منها العديد عبر بيانات صدرت منهم, واكدوا عدم صلتهم بها, فيما ظهر بعضهم بقاعة الصداقة وانسحب في اللحظات الأخيرة مُخلِّفين علامة استفهام على موقفهم المتناقض  كمحمد عصمت وساطع الحاج, وتم اعلان احمد ربيع بأنه جزء من الميثاق وتمت اذاعة اسمه بالمنصة الرئيسية للفعالية, لكنه لاحقاً أعلن على الملأ بأنه ليس جزءاً من التحالف الجديد وكتب منشورا بصفحته الشخصية بفيسبوك قال فيه “إن إيراد اسمه في ميثاق لقوى الحرية والتغيير بقاعة الصداقة كذب ونوع من التضليل ولا علاقة له مطلقاً بما يجري في قاعة الصداقة”.

استقطاب وصراعات

يرى المحلل السياسي د. خالد قنديل محمد ان الساحة السياسية في البلاد  تشهد احتقاناً كبيراً واستقطاباً حاداً داخل الائتلاف الحاكم قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية, وتشعّب الصراع إلى ابعاد اخرى باتهامات للمكون العسكري برعاية الميثاق الجديد وخلق حاضنة سياسية موالية وداعمة, للسيطرة على مفاصل الحكم, وأضاف قائلاً: الانشقاق الذي ظهر بقاعة الصداقة يعكس بوضوح عُمق الأزمة بين القوى السياسية, بجانب دخول الحركات المسلحة لترجيح كفة الصراع لصالح مكون داعم للشق العسكري تحت غطاء توسيع الحاضنة السياسية وإضافة أجسام فاعلة تمّ إقصاؤها من المجموعة الأخرى التي أصبحت تعرف بمجموعة الأربعة, ولفت في حديثة لـ(الصيحة) ان الاتهامات لمجموعة الأربعة لإقصائها الآخرين والسيطرة على مراكز صنع القرار في الحكومة الانتقالية, وقال, تجلت الخلافات التي اصبحت سمة للقوى السياسية بانسحاب بعض المكونات السياسية الداعمة للميثاق حال وصولها للقاعة وتجلى الخلاف حول اضافة بنود للميثاق, اكد المنسحبون انه تم تضمينها دون المشاورة بوجود رأي بأن يستوعب الميثاق الجديد الإسلاميين وهو ما ظل يدعو له حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي عبر دعواته بإجراء مصالحة مع الإسلاميين وانهم جزء من الفاعلين في الساحة السياسية, وهو ما ذهب اليه رئيس حركة العدال والمساواة جبريل ابراهيم بانه لا يرى سببا في اقصاء اي شخص من الساحة عدا المؤتمر الوطني. وأضاف قنديل وما دعا لتوسيع شقه الخلاف ان الطرف الآخر يرى ان الخطوة الغرض منها فقط المصالحة مع الإسلاميين, وغير بعيد ترحيب رئيس حركة الإصلاح الآن غازي صلاح الدين في بيان بالميثاق, واعتبره انفتاحا لقوى الثورة لاضافة وتوسيع الحاضنة السياسية وهو مؤشر يرمي الى ان المخطط يمضي لاستيعاب الإسلاميين في الحاضنة السياسية الجديدة.

انسحاب الأمة القومي

قال الأمين العام لحزب الأمة القومي د. الواثق البرير, إنّ عادل المفتي ود. ابراهيم الامين حاولا الاشتراك, الا انهما تراجعا, وأوضحا أسباب انسحابهما, ولفت في حديثة لـ(الصيحة) بأن من أسباب انسحابهما عدم وضوح شكل توحيد الحرية والتغيير, بجانب أنهما تفاجآ بوجود عناصر النظام البائد, منهم من تقلد مناصب دستورية ووزارات.

الحوار الشفاف 

دعا المحلل السياسي والباحث الأكاديمي صابر الحاج  إلى إجراء حوار مع كل القوى السياسية لضمان التماسك ووحدة الصف دون تفرقة، مُحذِّراً من انقسام قوى الحرية والتغيير, ولفت بأن على الجميع العودة الى الرشد وتحكيم صوت العقل, محذرا من ظهور انقسامات وانشقاقات وتحالفات جديدة بالمشهد السياسي,  وقال ان بعض الاحزاب في الساحة السياسية تعاني من حالة توهان وأخرى تنظر الى المصلحة الحزبية ولا أحد ينظر الى الثورة العظيمة التي شارك فيها الجميع, وأضاف أن حدوث اتفاق وتفاهم سياسي بين أحزاب “قوى الحرية والتغيير”، بالاضافة الى العسكريين مطلوب خصوصاً أن الخلافات القائمة تتمحور حول مسائل تصب في مصلحة الإصلاح الداخلي, ونوه في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن الأولوية لمعاش الناس ومتابعة قيام المجلس التشريعي, وقيام المحكمة الدستورية وإكمال هياكل السلطة, ولفت إلى أن المشاكل والخلافات السياسية طافية على السطح, ويرى أن من أتت بهم ثورة ديسمبر المجيدة غير جديرين بالمناصب التي يتولّونها لعدم الانتباه إلى المطالب الأساسية التي من أهمها تحقيق العدالة، ومعالجة الاقتصاد المتدهور، وتحقيق السلام، مُطالباً المكونين المدني والعسكري بمناقشة ومُعالجة القضايا بالحوار الشفّاف والوضوح, ووضع الشراكة في الطريق الصحيح, وفتح طريق البلاد نحو انتقال كامل لدولة الديمقراطية والكرامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى