حال الوطن

كتب المهندس عثمان ميرغني في قديم الأيام، مقالاً بعنوان (بلد أم فكو).. فأثار غضب السلطة وزُج به في الحبس سجيناً عقاباً له وقلمه الذي لم يُحسن وصف البلاد على حد نظر السلطة حينذاك.. أما الشيخ مصطفى الأمين رحمة الله عليه، وهو من أعمدة رأس المال الوطني قيل إنه تفقد مصنعاً يملكه.. وجد العمال يؤدون واجبهم في همة ونشاط وحيوية.. سأل عن الإنتاج وكانت مؤشراته جيدة.. وسأل عن المدير.. فأخبره العمال عن غيابه عن المصنع منذ شهر لوجوده خارج البلاد في إجازة.. فسأل هل تأثر الإنتاج بغياب المدير.. كانت الإجابة لا..

هنا قال الشيخ مصطفى الأمين (أفصلوه)!!

إذا كان المدير غائباً لشهر ولم يتأثر الإنتاج فلماذا يُنفق المال على موظف لا يتأثر العمل بحضوره أو غيابه؟ وبلادنا منذ فبراير الماضي “قاعدة في السهلة” حل الرئيس الأسبق وليس السابق حكومة قريبه معتز موسى، وجاء برئيس وزراء جديد (أيلا) باسم حكومة الكفاءات، وقبل أن تكتمل هياكل تلك الحكومة هبت عليها عاصفة أبريل واقتلعتها.. وعطل المجلس العسكري الدستور الذي كان يحكم البلاد 2005م وهو دستور متفق عليه من قبل معظم القوى السياسية والخلاف الوحيد حول تعديل بعض المواد بعد انفصال الجنوب، ومنذ بيان الرئيس السابق عوض ابن عوف وحتى اليوم التاسع والعشرين من أبريل بلادنا بلا دستور يحكمها..!!

(ماشة ساكت)، ولم يشعر أحد بأهمية الدستور ولا القانون.. والأمن معطل والشرطة انسحبت من المشهد العام.. والثوار في الميادين فهل بلادنا حالها كحال وصف عثمان ميرغني (أم فكو)؟؟

تنفيذياً لم يتفق قادة المجلس العسكري وأحزاب قوى الحرية والتغيير التي (احتكرت) حق تشكيل الحكومة لنفسها وتقرير مصير البلاد لوحدها.. لم يتفق بعد على الحكومة المدنية.. بلادنا منذ اندلاع الثورة بدون وزير خارجية يُحدّث العالم عن الذي جرى في السودان هل هو انقلاب عسكري؟؟ أم ثورة شعبية على نظام عسكري؟؟ بلادنا بدون وزير داخلية يشارك في اجتماعات وزراء الداخلية العرب والأفارقة، ولا أثر لوزير عدل في بلد يتهم قادتها وأحزابها بتطفيف الكيل واختلال ميزان العدل.. نحن في بلد بلا وزير زراعة يشرف على التحضير للموسم الزراعي القادم.. ودون وزير مالية (يوفر) لنا الخبز الحافي بعد أن أصبحت بلادنا منذ عشر سنوات تعتمد على الهبات والقروض والودائع الخليجية، واندثر شعار نأكل مما نزرع.. فهل بلادنا الآن أحق بوصف (المشي أم فكو)؟؟ وإذا كان الدستور غائباً والحياة تمضي.. والبلد بدون حكومة والخدمات تنساب أفضل مما كانت عليه أيام وجود حكومة فلماذا لا نُفكّر في مستقبل بدون دستور وبدون حكومة وبدون أي شيء إلا رمضان الذي يطرق الأبواب في فصل الصيف..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى