عبدالله مسار يكتب: الفترة الانتقالية مطلوب حكام وليس ناشطين

قامت ثورة في السودان أو حدث تغيير وذهب نظام الإنقاذ، جاء إلى السلطة حُكامٌ جددٌ أغلبهم ليسوا ممن شاركوا في الثورة، بل غيّب النظام الجديد أغلب الشباب الذين جاءوا بالثورة. وقادوا الحِراك الثوري ودخلوا السجون والمُعتقلات وذاقوا ويلات التعذيب.

أغلب الذين هم في الحكم الآن جاءوا من وراء البحار، وجزء منهم حَمَلة جنسيات مزدوجة، وهم لا دراية لهم بالحكم، بل يعتبرون السُّلطة غنائم تُوزّع على المحاسيب وأحزابهم!

ولذلك شقي المواطن الأغبش، وصار يُكابد ويلات الحياة دون مُعينٍ، تُقطع الكهرباء، وتُقفل المدارس، وتنعدم الأدوية، تنهار المنازل بالفيضانات، وتُشرّد الأسر، تتسخ المدينة، وينفرط الأمن، وتسعة طويلة تتفسّح في الخرطوم تقتل وتنهب وتسرق وتخطف!! كل أوجه الحياة توقّفت وليس هنالك مسؤول حكومي يتصدى، مشاكل الولايات تتفاقم ولا حياة لمن تنادي!

المواطنون يتساءلون مَن حاكم هذه البلاد الخفي الذي يُدير هذه الدولة المنكوبة، عاوزين نعرف مَن يحكمنا حقيقةً، هل كما يقولون السفارات؟!

لأن حال البلد وصلت الحضيض، تَدهورٌ في كُلِّ شَئٍ، أمن وصحة وتعليم ومياه وكهرباء، بل حتى الأخلاق، وناهيك عن معاش الناس، ضاعت سيادة البلد، أصبح الشأن الوطني غائباً، وأضحى الاتصال بالسفارات وبالسفراء أسهل من رفع سماعة التلفون! بل صاروا يجتمعون مع مَن يشاءون وقت ما يريدون دون حسيبٍ أو رقيبٍ، وصارت البلد هاملة لأنه ليس هنالك قوى سياسية حقيقية تُدير البلاد، وكأن البلاد تحكم من (أشباح)!

المطلوب، حكام حقيقيون ليقوموا بواجباتهم، ويُوقفوا هذا العبث، ويفرضوا سلطان الدولة وتعرف المسؤوليات، ولذلك مطلوب مجلس سيادة “مالي قاشه” وسلطة تنفيذية من كفاءات وطنية مُستقلة معلومة ومعروفة، ومن رجال عدول، وتمثل الشعب ونخرج من حكومة الوسائط الاجتماعية والإنترنت والواتسابات، عاوزين حكومة تنفيذية حقيقية خارج الأحزاب.. وكل الاحزاب تذهب لتمارس السياسة في دُورها وتعد نفسها للانتخابات.

ويمكن أن تكون الحكومة من الشباب الثوار الذين صنعوا الثورة وليست لديهم انتماءات حزبية، تهش وتنش، وفيه كشة وبشة، ونخرج من سيطرة السفارات ودوائر المخابرات، ونخرج من السياسيين التقليديين الذين أوردوا السودان موارد الهلاك!

السودان يحتاج الى شباب واعد وواعٍ يقود البلاد دون أن يتلوّثوا بالمُخابرات والدوائر الخارجية، ولا بالعمل الحزبي التقليدي، شباب وطنيين همّهم السودان.

إنّ البلاد الآن في أزمةٍ تحتاج الى مُنقذ قائد أو مجموعة قوية وطنية تحكم البلاد، همّها خدمة المواطن السوداني وخدمة الوطن ورفعته.

إنّ تجربة ما بعد الإنقاذ في حكم السودان حكومة وحاضنة مش ولا بد، ولذلك نود أن نرى حكاماً للسودان حقيقيين موجودين في المسرح الوطني بعُمق وأصحاب رأي وقرار، وهذا يُساعد في خدمة البلاد والعباد.

السودان مُحتاج لحكام ظاهرين وواضحين وعمليين لديهم قدرة على اتخاذ القرار موجودين ومتواجدين في المجتمع، ليسوا أفندية، ومحتاج لمشروع وطني وبرنامج فترة انتقالية محدد، وان يكون القرار وطنياً من داخل السودان لا يُملى من الخارج.

المرحلة القادمة مُختلفة تماماً عن سابقتها، الهَمّ الوطني هو أساس القضية وركيزتها، ولذلك مطلوبٌ ساسة وحكامٌ على قدر المرحلة، حتى يخرج الوطن من المِحَن التي يعيش فيها وذلك ممكن في ظل وطن واسع يسع الجميع، وفي ظل برنامج أوضح يغطي كل هُموم أهل السُّودان، ويشترك فيه كل أهل السودان فكرة وبرنامجاً وانتماءً لا غتغتةً ولا دسديساً، تُطبِّق شعار “حرية.. سلام وعدالة” وينعم المُواطن والوطن.

نأمل أن نرى ذلك قريباً…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى