تجميد مسار الشرق هل ينهي الأزمة أم يُؤجِّج الصراع؟

 

تقرير- عوضية سليمان

ربما لم تجد الحكومة الانتقالية بداً ازاء الضغط الكبير الذي واجهته من قبل المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة الذي صعد رفضه لمسار الشرق الموضع ضمن مسارات اتفاق سلام جوبا بإغلاق شرق السودان وميناء بورتسودان وميناء تصدير البترول وإغلاق الخط الناقل لمشتقات الوقود المستورد، غير ان تتجاوب مع بعض المطالب التي رفعوها.. فقد توصّل وفد قاده عضو مجلس السيادة الفريق اول ركن شمس الدين كباشي منتصف الأسبوع لاتفاق قضى بعودة انسياب صادر البترول مع وعد ببحث القضايا المتعلقة باحتجاجات البجا وعلى رأسها رفض المسار، غير أن خلاصة الامر ربما حمله تصريح لوزير النفط والطاقة جادين علي عبيد خلال حديث أدلى به لقناة النيل الأزرق، أكّد فيه أنّ اتجاهاً برز لتجميد مسار الشرق والعمل على عقد مؤتمر جامع لأهل الشرق.. تجميد مسار الشرق ربما سيمثل عقبة جديدة من واقع إقرار الحكومة بوجود مكونات أخرى، في وقت يؤكد فيه من قادوا التفاوض انهم مثلوا كل اهل شرق السودان، فضلا عن معضلة اعتراض بعض القوى وعلى رأسها الحرية والتغيير على ظهور الناظر تِرِك في مسرح الأحداث كونه كان جزءاً من نظام البشير وعضواً في البرلمان السابق.

خلفيات

وعلى الرغم من أن اتفاقية سلام جوبا دخلت بصورة كبيرة حيز التنفيذ، خاصةً فيما يتعلق بمسارات دارفور والنيل الأزرق، الا ان مسار الشرق لم يبدأ تنفيذ بنوده بعد ولأسباب لم تفصح عنها الحكومة، لكن اللافت أن إرجاء التنفيذ جاء على خلفية الرفض القاطع للمسار حتى من قبل التوقيع عليه، فقد اكد الناظر ترك ابان رفضهم تعيين صالح عمار والياً على كسلا، انه حصل على وعد بتجميد المسار، بيد ان الامر لم يتم، ما ادى لاندلاع ازمة واحتدم الخلاف الى ان وصل لحد قفل الشرق وقفل ميناء البترول، وتصاعدت الاحتجاجات لدرجة دفعت الحكومة الانتقالية للتفاوض مع قيادات الحراك بهدف التهدئة والوصول لحل يرضي الطرفين ويقلل من مخاطر العصيان الذي أدى لتنامي خطاب الكراهية من بعض المكونات تجاه المكونات الاخرى واندلاع المشاكل والاقتتال بين بعض مكونات الشرق.

مؤتمر تشاوري

في تصريحات سابقة حول تجميد مسار الشرق، قال الأمين داؤود رئيس الجبهة الشعبية المتحدة لتحرير العدالة، إن الحكومة الانتقالية عطّلت مسار الشرق لحين انعقاد المؤتمر التشاوري الذي لم ينعقد حتى الآن، وأضاف أنهم قبلوا تجميد تنفيذ المسار واستحقاقاته لدعم السلم الاجتماعي ولمزيد من التشاور والتوافق بين جميع المكونات، مؤكداً أنهم ضد تقرير المصير في الشرق ومع السودان الموحد، وقال لم تتم اي تعيينات بشرق السودان إلا بعد قيام المؤتمر التشاوري.

ومن جانبه، أكد عبد الوهاب جميل، الامين العام للجبهة الثورية أن مشكلة الشرق سياسية ولا ترتدي ثوب القبلية، مُشيراً إلى أنّ الجهة التي وقعت مسار الشرق كانت تعمل من أجل حل قضايا الشرق وان مسار الشرق مثبت وموثق في اتفاقية جوبا.

رفض التجميد

رفض تجميد المسار بدا واضحاً في حديث رئيس مؤتمر البجا، أسامة سعيد الذي أشار لوجود صعوبات وعقبات تُواجه تنفيذ مسار شرق السودان في اتفاقية سلام جوبا أسوة بالمسارات الأخرى، وقال انهم تقدموا بشكوى رسمية لرئيس لجنة الوساطة في اتفاقية السلام توت قلواك، وقال انهم وجدوا منه تفهما كبيرا لما يحدث، وأضاف هنالك توجه غير مقبول من الحكومة بتجميد اتفاق مسار شرق السودان وعدم تنفيذه، واصفاً ذلك بالخلل الكبير، لان الاتفاق جزء من الوثيقة الدستورية ويجب على الحكومة أن تلتزم، ونحن نقول بوضوح سلام جوبا ليس بخير، وإن الحكومة تتغافل في تشكيل الآليات التي وردت في الاتفاق لتنفيذه والمتمثلة في اللجنة العليا وكذلك لجنة المراقبة والتقييم، كما أن اللجان الخاصة بالمشاركات لم يتم تكوينها والوساطة قد رفعت كل اللجان منذ أكثر من أربعة أشهر وان الحكومة لم تنفذ هذا البند المهم.

مؤتمر الشرق

شكّكت ستنا محمود اسرتا القيادية في مؤتمر البجا المعارض الموقع على اتفاق جوبا عضو المجلس القيادي الجبهة الثورية، في زيارة الوفد الحكومي الذي قاده الفريق أول شمس الدين كباشي لبورتسودان، وقالت “كانت زيارة مفبركة”، ولفتت الى أن رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك أوصى بانعقاد مؤتمر اهل شرق السودان، وقالت “هذا الأمر موجود في الاتفاق، حتى أنّ رئيس مجلس الوزراء أوصى بالتحضير الجيد للمؤتمر”، موضحة ان المؤتمر التشاوري لأهل شرق السودان يمثل المخرج الصحيح، شريطة أن يكون المؤتمر جامعاً لكل القوى المدنية في الشرق، وان تكون مخرجاته مُلزمة للحكومة، وان تقوم بتنفيذها كاملة، وقالت “نقر بأن هنالك مجموعة من اهل الشرق لم تأخذ حظها في المشاركة في اتفاق سلام جوبا ولديها قضايا لا بد من طرحها في المؤتمر التشاوري”، وأضافت “الدعوة لقيام هذا المؤتمر موجودة اصلاً ولم تكن من بنات افكار من دعوا لمؤتمر الشرق التشاوري”، وشككت في حديث وزير الطاقة والنفط، وقالت “الموقع الذي صرح فيه الوزير موقع كيزان وغير مؤتمن، والحكومة لم تخرج في العلن لتعلن عن تجميد المسار ولا تقدر على أن تقول ذلك لانها تكون قد ألغت الوثيقة الدستورية”، وأردفت: ليس من الكياسة أن تكون هذه الحكومة بهذا المستوى وتصرِّح بذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى