صلاح الدين عبدالله علي يكتب: وسقطت قحط في أول امتحان لحرية الصحافة

فاجأنا المجس القومي للصحافة والمطبوعات باستدعاء رئيس تحرير صحيفة “الصيحة” د. الغالي شقيفات لتبليغه بأن المجلس قد أوقع على الصحيفة عقوبة الإيقاف عن الصدور لمدة ثلاثة أيام عقاباً لها على نشر إعلان مدفوع الأجر من جماعة الناظر تِرِك.

كان الأمر مفاجئاً للغاية لرئيس التحرير، بل ولمجلس إدارة الصحيفة.

وبما أنني نائب لرئيس مجلس الإدارة والمكلف من قبل المجلس مع عضوين آخرين بالمجلس بمتابعة أداء الصحيفة ومتابعتها في تنفيذ سياسة التحرير والاستراتيجية التي وضعها المجلس لتكون هادياً للصحيفة في مسارها في أداء واجبها.

قامت السياسة التحريرية لـ”الصيحة” وبعد أن تغيّرت قيادتها السابقة، على ان تكون “الصيحة” منبراً حراً لكل السودانيين بمختلف توجهاتهم السياسية، على أن يجد كل سوداني نفسه في الصحيفة سواء من الناحية السياسية او الاجتماعية او حتى الرياضية، ولقد التزمت قيادة الصحيفة بهذا المسار منذ أن ترجّل عن قيادتها الأستاذ القامة الصادق الرزيقي لشبهة أنه مناوئ للتغيير الذي حدث في البلاد رغم عدم صحة هذا الاتهام.

إنني أخاطب السيد/ أمين مجلس الصحافة والمطبوعات الجديد بأن يراجع كل ملفات المجلس السابقة خاصةً في عمل لجنة الشكاوى .

كان الأستاذ القامة المرحوم فضل الله محمد يقف سداً منيعاً ضد أي إيقاف للصحف، ويقول لن أقبل بمعاقبة الصحف بمنعها من الصدور كمجلس.

وحتى عندما كان المجلس يضطر إلى إنزال عقوبة على إحدى الصحف لأي تجاوز تقوم به لا يتم ذلك من اول وهلة، بل بعد عدد من الاتصالات والتنبيهات ولفت النظر للصحيفة المعنية، واذا قرر اتخاذ قرار الإيقاف فيتم ذلك في أيام نهاية الأسبوع الخميس والجمعة حتى لا تتضرر الصحيفة بالمنع من الظهور في أيام الأسبوع الهامة.

وعندما كان يأتي أمر إيقاف أي صحيفة من جهاز الأمن لا يتبنى المجلس هذا القرار، بل يعلن للصحيفة أن القرار قادم من جهاز الأمن.

لقد اتضح الآن أن القوى السياسية السودانية بمختلف توجُّهاتها من أقصى اليمن إلى أقصى اليسار تتحدّث بصوت عالٍ عن الحريات الصحفية ومصادرة الصحف. أما عندما تجلس على مقاعد السلطة فهي تنقلب تماماً على ما كانت تنادي به أيام ما كانت في المعارضة، وتسعى لتكريس السلوك الشمولي الذي كان يمارسه النظام السابق وبنفس قوانين النظام السابق. وهذا عين النفاق السياسي وفضح كل ادعاءات الحرية والسلام والعدالة التي نادت بها الثورة المجيدة.

إن القوى السياسيّة الحاكمة اليوم في حكومة الفترة الانتقالية، خيّبت ظن الشعب السوداني باتخاذ مثل هكذا قرار ما كان يحلم أكبر المتشائمين بأن حكومة الثورة المجيدة سوف تقدم عليه.

نقول للسيد أمين مجلس الصحافة والمطبوعات، لقد وضعت أول نقطة سوداء في تاريخ مسؤوليك عن هذا الموقع وتنكّرت للمبادئ التي نادت بها الثورة، ولم تتحمّل حكومتك إعلاناً دفعت قيمته للصحيفة وهو أمر لا يؤثر على أمن البلاد بأي حال من الأحوال، ثم إن رئيس التحرير ليس من مهامه مُراجعة الإعلانات التجارية ليقوم هو بتقييمها لمعرفة إن كانت مقبولة او غير مقبولة للحكومة القائمة.

نكرر، إننا في قيادة صحيفة “الصيحة” نلتزم تماماً بسياسة التحرير والاستراتيجية التي وضعناها للصحيفة من أجل الوطن أولاً وأخيراً ونرفض هذا الأسلوب الديكتاتوري الذي بدأ يمارسه أمين مجلس الصحافة والمطبوعات وهو في أول الطريق لقيادة هذا المجلس.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى