محمد احمد تميم يكتب.. تنصيب كمرد اركو مهدد للأمن القومي لدارفور

“كل البلد دارفور” مقولة صدح بها كل الثوار في ثورة ديسمبر المجيدة الفريدة الناجحة بكل المعايير.. لم تكن احتمالية كما ظن الكثير بل أن نسبة نجاحها كانت محسومة لما صاحبها من تخطيط من بيوت خبرة أمنية ومدنية سوف يأتي الحديث عن هذه البيوت في الأعداد القادمة.. حققت الثورة الهدف القومي بل أصابته في مقتل والحمد لله. هذا الصدح بهذه الكلمات التي جلجلت أركان القيادة وساحات الاعتصام لم تكن من أطراف الشفاه بقدر ما انه كانت من الأعماق في ملحمة امتزجت فيها عاطفة الثوار مع عقلهم.. ليشكل سلوكاً تجلت من خلاله عظمة ومكانة مجتمع دارفور عند السودانيين عامة والثوار خاصة.. اعترافاً بالظلم والتهميش الذي خيم على انسان دارفور لسنين طويلة ومريرة.. بما أثار الشفقة لتتوالى الهتافات بشعارات الثورة “حرية- سلام- عدالة” بعدها كانت الخطى الحثيثة والتحركات الماكوكية لقيادات الثورة تلبية لهتافات الثوار حتى تحقق سلام جوبا “المنقوص” باكراً وترتيبات تجري الآن في اطار إكماله.

هذا الاقليم يتمتع جغرافياً بحدوده المفتوحة مع دول الجوار “ليبيا – تشاد – افريقيا الوسطى”.. ويتمتع اجتماعياً بأكبر عدد من القبائل والقبائل المتداخلة مع دول الجوار هذا الامر الذي يجعل هذا الاقليم مكان اهتمام الدولة أمنياً وسياسياً واجتماعياً. كما ان مجتمع دارفور يتمتع تاريخياً بارث الحكم “ممالك وسلطنات وغيره” فهو اقليم معقد الامر الذي لم يجعل حكمه سهلاً. اشير هنا الى المستعمر البريطاني لم يستطيع ادارته الا عبر ابناءه في هيكل حكم هرمي وظيفي ما سمى بنظام الادارة الاهلية محاولة ذكية منه لاستقرار  الأمن وتسهيل عملية الحكم. وفي ظل كل ذلك جاء القدر يحمل سلاح الحقد الدفين لتطال الاقليم حرب طاحنة بين حركات الكفاح المسلح بقيادة ابناءها  والحكومات المتعاقبة واخيراً بينهم كقبائل.. حصدت فيه الارواح وتعالت النعرة القبلية وبروز الطابع الاثني فساد الهدر والغاء الآخر وتهجير ونزوح ولجوء ثم تدخل دولي لمنظمات استخباراتية وتقارير ادت الى تدويل القضية, هذا كله مع عدم استقرار نظام الحكم في السودان والذي تموثق ما بين حكومة ديمقراطية وانقلاب عسكري حيث لم يجد منها المجتمع في دارفور سلاماً ولا عافية تجرع مجتمع دارفور كأسات المر من سلوك هذه السلسلة الشريرة فحكومات الانقلابات العسكرية حوارها دائماً بخشم البندقية.. من  باب تشربي والا اكسر قرنك” وتارة حكومة ديمقراطية ادعاء تنطلق احزابها نحو الاستقطاب الايديلوجي بنظرة حزبية ضيقة والوطنية عنهم براء؟ طابعها الغوغائية الميكافيلية والانانية البغيضة رأينا استقطاب على اساس قبلي واثني وعنصري جعل من النسيج الاجتماعي في دارفور ممزق مهتري اهون من بيت العنكبوت.

ضربت عليه العنكبوت بنسجها

وقضى عليه الكتاب المنزل

“وان اوهن البيوت لبيت العنكبوت” والادهى والأمر تسليح للقبائل بسبق الاصرار والترصد بحجة حماية انفسهم للاسف من بعضهم الامر الذي جعل بعضهم يتحصل على السلاح بأي ثمن لحماية نفسه وهنا يأتي دور الحدود المفتوحة والعلاقات الاجتماعية البينية بين القبائل معزز لذلك فأصبح السلاح في متناول كل القبائل الا من ابى واستعصم حيث لا عاصم لمن استعصم من الطلقة عندما تخرج من فوهة البندقية. ليزداد الطين بلة صدور “الكتاب الأسود” الذي تخطفه مجتمع دارفور اذ انه كان معداً ومحاكاً بعقول ماكرة وشريرة خاطبت غرائز المجتمع القبلي هناك بدغدغة المشاعر والاستفزاز النفسي والعاطفي مما ادى الى تقسيم المجتمع ما بين “عرب وزرقة” ليدعهم يرزحون في جهل وردة انسانية مريبة, كانت نتائجه مزيد من الهدر الاجتماعي والوجودي والغاء الآخر بكل قساوته والتسلط وفرض النفوذ بالقوة وسباق التسلح كم افتقد المجتمع شيخاً وأباً مسؤولاً عن اسرته واماً تربي ابناءها بل وابناء شفع رضع والامر من ذلك اطفالاً لم تكتمل مراحل تخلقهم بعد ذهب من ظلام بطن امه الى ظلام القبر هذه جميعها افرزت غبن ومرارات يتجرعها المجتمع الدارفوري ولا حياة لمن تنادي. لاحت بشائر السلام بعد ثورة ديسمبر المجيدة اذ انها هي الاهم للمجتمع بعد ان اذن عناد بتراكمية ليتكاكأ السواد الاعظم من الثوار وبعض الحكماء من القيادات المدنية والعسكرية حول القيادة العامة فأزالوا السبب فأصبح لا موانع فقد استوى الطريق للمضي قدماً نحو تحقيق شعارات الثورة.

فحركات الكفاح المسلح على دعامة اسقاط النظام ومطيتهم في ذلك انسان دارفور وقضاياه الحكومة بلا شك تمثل كل الشعب وقضاياه ولعل انسان دارفور جزء لا يتجزأ من الشعب. اذن محور المعركة الطويلة لكليهما هو انسان دارفور كل تبني ويتبنى المسؤولية ففي غضون هذا الادعاء دفع السودان بصورة عامة ومجتمع دارفور بصورة خاصة الثمن غالياً لا اظن معالجة آثار هذه الحرب التي يتمت واثكلت واهدرت مجتمع بكل تفاصيله الدقيقة تنتهي لمجرد ارضاً سلاح وايتراد مناصب. ان تنصيب كمرد اركو “حق” ويمكن ان يكون تجربة ناصعة في اطار الحل لكن دون تدخل حكماء من بيت الخبرة اخشى ان يكون حل “البصيرة ام حمد”.

هنا يجبرانني التفكر والتدبر بطبيعة الحال ان اطرح اسئلة موضوعية بغية الوصول الى اجابات منطقية وحتى تخرج من سلوك الانحطاط والتخلف الذي يقابل كل قرار  سياسي مصيري بالتسليم لمهين من دون تعقل وان نقول “يس” فقط يحضرني طرح الاسئلة استمد مشروعيتها من المباديء والعبادة فان الملائكة انفسهم ومقام الخالق عندهم ندما يسغربون امراً يطرحون على الله الاسئلة ليس من باب الرفض او الممانعة وانما للتوضيح والاستزادة..!!

“وقال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدسك”.

تساؤلات:

مما هو معلوم لدينا ان اتفاق جوبا كان بين الحكومة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري وحركات الكفاح المسلح هل تمثل حركات الكفاح المسلح التي وقعت على السلام “جزئية دارفور” كل مجتمع الاقليم؟ واذا افترضنا جدلاً تنصيب “كمرد” اركو مكان اجماع قادة حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا اين الشاب الاسمر عبد الواحد محمد نور من خارطة هذا الاجماع والاقليم؟ بل اين حركة منصور ارباب ودكتور الريح وزكريا الدش وموسى صالح وبقية الحركات المسلحة بليبيا؟ ام التعامل معهم من باب تشربي ولا اكسر قرنك” وهل هذا مجدي؟.

كلنا يعلم ان لدارفور قيادات سياسية ينضوون داخل اروقة احزاب كثيرة بمختلف ايويولوجياتها وبرامجها ولهم قواعد وانصار هل تدبروا الامر جيداً وهناك وجهة تسمى الادارة الاهلية فهي تشكل العمود الفقري لاقليم دارفور “سلاطين ونظار وشراتي وو” تمثل هذه الادارات الاهلية كل مجتمع دارفور بكل قبائلها واثنياتها بل ان حركات الكفاح المسلح في دارفور وما حققت من سلام واستحقاق لا تستطيع الانفكاك عنها.

هل عقد مؤتمر للاخذ بمسؤوليتهم الاجتماعية والاعتبارية؟ وهل عقد مؤتمر اهلي للاقليم بتمثيل كامل لكل الطيف الدارفوري للسلم الاجتماعي والمصالحة تجسيداً للسلام الاجتماعي والذي يمثل الحلقة المفقودة؟ “هل كل هؤلاء يروحوا ان شاء الله في ستين” اهكذا تورد الابل؟!

هذه التساؤلات موضوع حقيقي يجب النظرة الشمولية اليها بعين الاعتبار ودون ذلك لا يتعدى “تنصيب” كمرد اركو سوى ان يكون مهدد للأمن القومي لدارفور..!

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى