صلاح الدين عووضة يكتب : وجع الصدى!!

 

لا رجع الصدى..

فنحن لا نردد مع المبدع صلاح مصطفى صدى رائعته – الغنائية – هذه..

ولكنا نقاسمه (حزنه)… مع اختلاف المسببات..

وإن كان سبب حزننا نفسه لا يبعد كثيراً عن مجال الطرب؛ مع الفارق..

مع أسباب أخرى سيأتي ذكرها..

ونبدأ الشرح – والتشريح – بمفردة (عاطف(..

مَن عاطف هذا؟… في الواقع لا وجود له فيما نحن بصدده… مجرد شخصية وهمية..

وكنت أنا ذاتي وهمياً – ومتوهماً – إلى أن أدركت الحقيقة..

والحقيقة تجدونها في ثنايا إعلان تولى كبره مصرف المزارع التجاري..

إعلان بصوت ذكوري مائع… وآخر أنثوي ضائع..

أو هو صوتٌ ثانٍ؛ كما سمى لنا الموسيقار الماحي سليمان هذه الظاهرة الغريبة..

ظاهرة غناء البنات بأصواتهن الثانية..

وذلك هرباً من الصوت الأول – الطبيعي – كيلا تبين للناس عورته التطريبية..

ولكن ما سبب هروب الأولاد إلى الأصوات المائعة؟..

ننتظر تفسيراً آخر – أيضاً – لهذه الظاهرة من أستاذ الموسيقى الماحي..

الظاهرة التي تضع الصوت في منزلة بين المنزلتين..

فلا هو ذكوري… ولا هو – كذلك – أنثوي؛ كما في إعلان آخر عن بطارية (برايد(..

أو – تحرياً للدقة – في غالب إعلانات هذه الأيام..

نعود إلى موضوع عاطف والذي قلت إنه ما من وجود له؛ وأعني في الإعلان..

فمن كثرة بثه – وكثرة استماعي له – عرفت المقصود..

فإذا بصاحبة الصوت العاشر – لا الثاني وحسب –  تقصد كلمة (عاجبني(..

وقد يسألني سائل هنا (وإيه اللي غاصبك؟(..

وإجابتي عن هذا السؤال (ربنا يجازي اللي كان السبب)… إدارة الكهرباء..

فلولا قطوعاتها لما استمعت للإذاعات هذه أصلاً..

ولما أُصبت بداء (وجع الصدى) النفسي… وهذه هي المصيبة الأكبر..

وتتمثل أولى أعراضه في أن أذنك (تنتح) بما تكره..

ومنذ فترة (تنتح) أذناي بمقاطع إعلانية لأصوات مائعة – أو ثانية – بلا انقطاع..

تنتح طوال اليوم بصدى مقاطع من قبيل:

)بتفتش في بطارية؟)… أو (فستان يا ناس عاجبني)… أو (من جوة البيت وبرة البيت(..

تنتح وأنا (جوة) البيت… و(برة) البيت..

وبلغ المرض النفسي هذا حد أن صحوت البارحة على صدى (عاطف ده شديد(..

فصححت أذنيَّ هامساً لهما (عاجبني شديد)… لا (عاطف ده شديد(..

فخلتهما تردان علي بسخرية (ما فرقت(..

وفعلاً لم يعد (يفرق) معنا أي شيء؛ الصوت الثاني… أو العاشر… أو حتى المليون..

والصوت لا يفرق إن كان مائعاً… أو خانعاً… أو صائعاً..

وعاطف – بافتراض إنه كذلك – لا يفرق إن كان عاطف خيري… أو عاطف القوز..

تماماً كما لم يعد يفرق معنا شيءٌ في فترتنا (الانتقامية) هذه..

لا صوت حمدوك المائع… ولا أمل برلماننا الضائع… ولا فمٌ لثدي السلطة راضع..

وما أكثر الأفواه الراضعة الآن… على حساب الثورة..

على حساب كل شيء؛ الناس… والشهداء… والضمائر… وجنيهنا الذي يحتضر..

وتكالبت علينا مسببات الأذى..

وأمنيتي الآن أن أصحو – ذات صباح – فلا تردد أذناي كل مؤذٍ من صدى..

لا (عاطف ده شديد)… ولا (بتفتش في بطارية؟(..

ولا (سنعبر(!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى