حوافز المغتربين.. حبر على ورق

 

تقرير: عوضية سليمان

أقر الأمين العام لجهاز المغتربين، مكين حامد تيراب، بوجود بطء شديد في ملف الحوافز التي تم إقراراها للمغتربين، وهي تزيد عن “24” حافزاً تم إقرارها لتشجيع المغتربين على تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية مع إلغاء الرسوم المفروضة عليهم، وقال تيراب أمس: كان من المفترض أن تجيز الحكومة خلال الفترة الماضية حوافز المغتربين وأرجع تأخر إجازتها إلي مشكلات فنية بين وزارة المالية والبنك المركزي وتقاطع اختصاصات الجهتين وعدم توصلهما لاتفاق فتم إيداع الملف مجلس الوزراء للبت فيه.

جذب التحويلات

الحوافز التي منحها مجلس الوزراء للمغتربين جاءت عندما تم تحرير سعر صرف للجنيه مقابل الدولار، وكان الهدف منها جذب تحويلات الخارج، وشملت اختزال جميع الرسوم في رسم واحد، وإنشاء بنك برؤوس أموال المغتربين، وتيسير التمويل العقاري للمغتربين، واستخدام بطاقة المغترب الذكية في الدفع الإلكتروني ومنحهم إعفاءات جمركية كل خمس سنوات للسيارات، والسماح بتأسيس مشروعات استثمارية فردية وجماعية، فضلًا عن تأسيس شركات مساهمة عامة بينهم والقطاع العام، للعمل في مجالات تصدير واستيراد مدخلات الإنتاج وبموجب تلك الحوافز تم إدخال تغييرات على سياسات بنك السودان المركزي للعام 2021م فيما يتعلق بالحوافز، في مسعى لجذب أكبر للتحويلات عبر القطاع المصرفي الرسمي، وأعلن المركزي في منشور عممه للبنوك، أن سياساته تهدف لاستقرار واستدامة سعر الصرف عبر إصلاح إدارة سعر الصرف وتطبيق النظام المرن المدار وتعظيم موارد النقد الأجنبي، وبناء احتياطات رسمية من النقد الأجنبي والذهب إضافة إلى جملة إصلاحات تهدف لاستعادة وتطوير علاقات المراسلات المصرفية الخارجي.

خيبة أمل

وعلى الرغم من أن الدولة في شقها التنفيذي المتمثل في مجلس الوزراء وضعت الحوافز كسياسة تشجيعية، إلا أن الواقع يؤكد أنها لم تنزل أرض الواقع وظلت حبراً على ورق رغم مرور أكثر من 4 أشهر على إصدارها لدرجة ان المغتربين الذين عادوا في إجازاتهم السنوية هذا العام ووجدوا صعوبات أكثر في التعامل مع جهاز شئون العاملين بالخارج خاصة في مسألة تجديد الجواز الاليكتروني ولم يجدوا الحوافز التي تحدثت عنها الحكومة رغم التزامهم بتحويل مدخراتهم عبر النظام المصرفي ما رتب خيبة أمل كبيرة لدى الكثير منهم ربما أدت في النهاية لإفشال سياسة الحكومة الرامية لجذب مدخرات المغتربين.

معالجات

ومن الملاحظ أن الحكومة استشعرت خطورة حنثها بتوفير الحوافز التي أقرتها، فقد قال مكين لـ(الصيحة)، إن حوافز المغتربين التي وعدت بها الدولة تمت إحالتها لرئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك وزاد “نحن في انتظار الرد المبشر والمفرح للمغتربين في دول المهجر لكل ما جاء في حوافز المغتربين” مقرًا بوجود قوانين زعزعت الثقة بين المغتربين والدولة تحتاج لتعديلات تكون متواقفة مع السياسة قاطعاً بأن الحكومة تسعى جاهدة لمعالجة قضايا المغتربين وما يعايشونه من زيادة في رسوم الخدمات التي أرهقت المغترب، وقال “نحن عبر علاقاتنا مع الجهات ذات الصلة نطالب بعدم زيادة الرسوم الا بعد التنسيق معنا ونحن أدرى بأحوال المغتربين ونعدهم بأن تكون هنالك معالجات توصلهم إلى ما يريدونه”، وكشف مكين عن استثمارات زراعية وخدمية وسكنية، وقال “نحن الآن بصدد المراجعات في السابق والحاضر وأن خدماتنا تختلف عن الخدمات والوعود السابقة لأنها تتم بطريقة قانونية شفافة، وهذا مما دعانا أن نقدم حزمة تحفيزية للمغتربين”، مؤكدًا أن عددا كبيراً من الملفات التي تتعلق بحوافز المغتربين تمت إحالتها لمجلس الوزراء، وقال “هنالك بطء شديد في تنفيذ الملف، ومن المفترض أن تجيز الحكومة حوافز المغتربين خلال الفترة الماضية، إلا أن هنالك عوامل فنية تتعلق بوزارة المالية وبنك السودان المركزي” وأضاف “الصعوبات التي تواجه المغترب كثيرة مثل إجراءات الجواز وفحص الكرونا وكرت الحمى الصفراء وغيرها من الإجراءات التي ترتب عليه مزيداً من الأعباء”.

تجارب غير مشجعة

بدوره، يرى المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، أن معظم المغتربين يترقبون الحوافز التشجيعية من الحكومة وكانت لهم آمال عراض بمثل القرارات.

وأشار هيثم في حديث لـ(الصيحة) إلى أن المغتربين جراء ممارسات سابقة كادوا يفقدون الثقة في جميع الجهات المعنية بهم، لذلك لا بد من إعادة الثقة بينهم والجهات الحكومية في ظل وجود الكثير من التجارب غير المشجعة للتعاون وأهمية ثبات السياسات لتنال الثقة، وأشار إلى أن القرارات أكدت وجود رغبة حقيقية بالاستفادة من العاملين بالخارج في إنعاش الاقتصاد الوطني وتوفير العملة الصعبة، ودعا الحكومة للاستماع لهم والتعرف على مشكلاتهم وتلبية متطلباتهم وأنواع المشروعات التي يرغبون بها قبل البدء في طرح أي مشروع، مع ضرورة توفر مشروعات متنوعة تشمل غالبية المجالات السكني منها والتجاري والاستثماري، لافتاً الى أن الحكومة أحوج ما تكون لاجتذاب مدخرات المغتربين، بيد أنه أشار لوجوب تضمين السياسات حوافز متعددة وليس فقط في التحويل بسعر تشجيعي، أن نجاح الحكومة في اجتذاب مدخرات المغتربين تحكمها عدة معطيات ولا تقتصر فقط على السعر التشجيعي، موضحاً أن المشكلة تتمثل في عدم استقرار سعر الصرف مما يجعل البنوك مضطرة لتعديل أسعار التحويل وفق تغيير السوق، وإلا ستكون النتيجة فقدان التحويلات حال كانت أسعار الحكومة التشجيعية بعيدة عن سعر السوق الموازي ووفق المنشور سمح المركزي للمصارف والصرافات، بفتح نافذة لشراء وبيع تحويلات السودانيين العاملين بالخارج والتعامل عبر الكاونتر والتحويلات بسعر المصدرين والمستوردين، وهو سعر أقل من سعر السوق الموازي وأعلى من السعر الرسمي شريطة أن يتم توظيف عائد تحويلات المصارف، لاستيراد السلع الضرورية .

محاولات سابقة

وخلال السنوات الماضية، لم تنجح المحاولات الرسمية في جذب مدخرات المغتربين وتحويلاتهم رغم الحوافز التي قدمها بنك السودان المركزي خلال العام الماضي، وتمثلت في استلام المغترب تحاويله في المصارف المحلية بالعملة التي حول بها، وإقرار سياسة الحافز للمغتربين، إلا أن تلك السياسة لم تؤدِّ لنتيجة حيث يشكو المغتربون من فرض الحكومة التزامات مالية مباشرة عليهم، كرسوم تأشيرة الخروج ومتأخرات المساهمة الوطنية ورسوم خدمات الزكاة والضرائب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى