مشروع (ثمرات) جدل لا ينتهي

 

مواطنون: انتظرنا طويلًا ولم تصلنا الأموال

مشرف البرنامج: لا اتجاه لتقليص المدة الزمنية أو الدمج وكل ما يثار شائعات

مدير البرنامج القومي: رغم التحديات يوجد تحسن نسبي في عمليات الدفع بنسبة 70%

مصدر مصرفي: هناك أخطاء في إدخال المعلومات وإشكالات لوجستية يجب مراجعتها

تنسيقية كرري: صاحَب المشروع فساد بالمحلية وتعرضنا للاعتداء من قبل لجان

مواطنون: نحن بحاجة لتوضيحات من خلال منبر مفتوح

تحقيق: إنتصار فضل الله

” مريم عباس ” (55عاما) تقطن أمبدة ود البشير الـ(52) مربع (3) ، تتكبد المشاق يوميًا لتفرش “الكسرة” التي تقف على بيعها في سوق أمدرمان  تتشارك المكان مع بائعة  “ايسكريم  “، لجأت لبيع الكسرة بعد تعرض زوجها لحادث حركة أدى لإقعاده، فأصبحت تعول أسرة مكونة من (11) شخصاً سبعة أبناء والزوج بالإضافة إلى والدتها وشقيقتها، واجهت ظروفاً معيشية قاسية جدًا علاوة على أن صناعة الكسرة عبر “الكانون” أرهقتها وهي تعاني حساسية “الجيوب الأنفية .”

حلم مريم الوحيد أن تمتلك “اسطوانة غاز وبتوجاز” فكانت تحتفظ ببعض المال لشراء هذه الاحتياجات الضرورية، تمكنت من جمع (50) الف جنيه وهي بحاجة إلى (100) ألف جنيه على الأقل لشراء الأدوات، علمت ذات يوم   من إحدى جاراتها في العمل بأن  الحكومة الانتقالية أعلنت عن دعم مالي للأسر السودانية، فأسرعت الخطى ترافقها أحلام عراض مستفسرة عن الخطوات ولأنها في ضائقة فكانت من أوائل المسجلين الذين حصلوا على الدعم الشهري .

تمكنت مريم من خلال المنحة الشهرية البالغة (55) دولار بواقع (5) دولارات لكل فرد تصرف باستمرار من تطوير تجارتها، واستغلت المبلغ في شراء الأدوات التي كانت تحتاج إليها وخصصت جزءاً منه لتغطية تكاليف علاج زوجها، ترى أن برنامج دعم الأسر السودانية “ثمرات” مفيد جدًا ويجب الاستمرار فيه وتطويره من خلال تمليك الأسر مشاريع صغيرة تسهم في تحسين الوضع المعيشي.

مريم ليست وحدها تمكنت من الحصول على الدعم، فهناك مئات الأسر يصطفون بشكل يومي أمام منافذ الصرف خاصة شركات الاتصالات منهم من استلم الدعم وعاود مرة أخرى ومنهم من يريد أن يتحصل عليه، وآخرون يتسابقون لتسجيل أسمائهم بعد تأكدهم من أهمية البرنامج، مقابل ذلك يشتكي  مواطنون من عدم حصولهم على الدعم رغم مضي فترات تراوحت بين الـ(3 ـ 4) أشهر على تسجيلهم عن طريق البنك.

وأظهر آخرون امتعاضًا من هذا التأخير وتساءلوا عن الأسباب، فيما يواجه االبعض الآخر صعوبات حالت بينهم وبين التسجيل لعدم امتلاكهم أوراقاً ثبوتية “الرقم الوطني “ويشيرون إلى أن المبالغ ليست كبيرة لكنها تغطي جزءاً من المصاريف ولو لأسبوع ، في ظل ذلك ألقت تحديات بظلالها على البرنامج الذي باتت تحيطه تجاوزات وفساد كشفها بعض المتحدثين في هذا التحقيق.

ماهية البرنامج وبداية ظهوره

ثمرات دعم مالي مباشر لحوالي (34) مليون سوداني أي حوالي (8) ملايين هم خارج الحسبة، والدعم بواقع (5) دولارات للفرد شهرياً، فاذا كانت تضم الأسرة (5) أفراد مثلًا يعني (25) دولاراً اي (11.500) جنيه شهرياً، أعلنت عنه الحكومة الانتقالية ممثلة في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في سبتمبر (2020) ، وهي أموال مرصودة من المجتمع الدولي للسودان، بدأت المرحلة الأولى بدعم حوالي نصف مليون فرد في (11) ولاية بهدف تخفيف آثار الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي طبقتها الحكومة، يغطي في مرحلته الأولى ولايات “الخرطوم ـ جنوب دارفور ـ البحر الأحمر ـ كسلا ” وهي الولايات الأكثر تأثرًا .

طريقة العمل

بحسب تقارير إعلامية يعمل على تحويل المبالغ المالية للمستحقين عبر العديد من البنوك من خلال المحفظة الإلكترونية ويتم الدفع عبر شركات الاتصالات من خلال خدمة الهاتف المصرفي بالتنسيق مع وزارات المالية والتنمية والاتصالات والتحويل الرقمي وبنك السودان المركزي وإدارة السجل المدني في وزارة الداخلية، ويخصص المشروع نسبة زيادة تقدر بـ(3.5%) من المبلغ الكلي وهذه النسبة  للوكلاء ونقاط البيع لضمان عدم خصم أي مبالغ من الأسر مقابل خدمة السحب وأيضًا لضمان تسليم المبالغ كاملة للأسر دون خصم.

أحاديث الأسافير وتعقيدات أخرى

أحاديث كثيرة تناقلتها الأسافير خلال الفترات الماضية تفيد بتقليص فترة البرنامج إلى ستة شهور بدلا عن عام، وانه سيتم دمجه مع مشروع “سلعتي “الأمر الذي أقلق المستهدفين بشكل مباشر وجعلهم يتساءلون حول الحقائق ، واستفسر مواطنون بولاية الخرطوم  تحدثوا لـ” الصيحة ” عن إمكانية زيادة فترته، وأظهر عدد من قاطني محليتي أمدرمان وأمبدة الذين أكملوا إجراءات التسجيل في البرنامج استغرابًا  لتأخير صرف المنحة رغم مضي فترات تتراوح بين “أربعة إلى خمسة ” أشهر، وقال  آخرون إنهم لم يسجلوا في البرنامج لأنهم لا يمتلكون أوراقاً ثبوتية “الرقم الوطني ” والقليلون لم يسمعوا به حتى اليوم .

فيما تساءل البعض عن أسباب تأخر الصرف نظرًا لأن هناك من تلقى الدعم مرة واثنين وثلاث، وآخرون سجلوا مؤخرًا قبل شهر وتحصلو على المنحة فيما لم يتحصل عليها مواطنون سجلوا منذ بداية المشروع، وطالبوا الجهات المختصة توضيح ذلك في منبر عام يدعى له الكافة، ويواجه آخرون صعوبات في الدعم إما بسبب أعطال في نوافذ الصرف  أو لمشكلة في الشبكة.

حالات فساد وتجاوزات

من محلية كرري رفعت مكارم بشير عضو لجنة الفحص الميداني تنسيقية لجان مقاومة كرري “بوكس شمال الخور” وعضو لجنة تحقيق برنامج “ثمرات، الغطاء عن فساد مالي وإداري يواجه المشروع بالمحلية من قبل بعض اللجان، وقالت: هناك لجنة مكونة من محاسب وضباط إداريين ومدير المالية وشؤون العاملين تقف على التحري في المشروع منذ بدايته ومراجعة شكل اللجان القائمة والمنصرفات والنثريات ثم إصدار تقرير مفصل بذلك .

أردفت بشير  لـ”الصيحة ” حاول الجناة عرقلة سير التحقيقات أكثر من مرة وفشلوا، وقبل يومين تعرضت لجنة التحقيق لهجوم  أثناء عملية التحقيق بالمحلية وأنها تعرضت لاعتداء شخصي سبب لها أذى جسيم اًمن قبل الجناة الذين حاولوا إرغام  اللجنة التوقف عن تكملة الإجراءات عنوة، مؤكدة أن التحقيقات ما زالت مستمرة لإظهار الحقائق وتمليكها للرأي العام .

تؤكد بشير، أن نسبة إدخال المسجلين بالمحلية بلغت (%90) للذين يمتلكون أرقاماً وطنية وتجرى المعالجات لاستخراج أرقام وطنية لبعض الأسر في الحارات الواقعة شمال وسط المحلية بالتنسيق مع لجان التغيير والخدمات وإدارة السجل المدني بوزارة الداخلية، وعزت تأخر التسجيل في بعض الأحيان لمشكلة في الشبكة وأعطال أجهزة الكمبيوتر ليومين او ثلاثة وتأخر النثريات الخاصة بالمدخلين .

عدم جاهزية

وكان معتصم أحمد صالح مدير البرنامج، أكد اكتمال تسجيل (2) مليون ومائتي ألف أسرة حتى الآن فيما تم الدفع لحوالي (800) ألف أسرة، وأوضح أنه بنهاية أغسطس ستكون هناك دفعيات ليصبح عدد الأسر التي ستتلقى الدعم حوالي مليون و224 الف أسرة.

وأشار معتصم إلى وجود تحديات تسببت في تأخر عمليات التسجيل والدفع منها عدم جاهزية البنوك وشركات الاتصالات لتسليم الدفعيات للمواطنين، وأضاف أن البرنامج قام بتحويل كل الاستحقاقات الخاصة بالمواطنين الذين تم تسجيلهم إلى البنوك وشركات الاتصالات ولكن نسبة لوجود إشكاليات داخلية متعلقة بقدرة هذه الجهات على تحويل هذه الدفعيات لم تصل لمستحقيها إضافة إلى أن عمليات التحقق من البيانات تحتاج إلى وقت بجانب عدم توفر نقاط كافية لشركات الاتصالات لصرف المبالغ.

تنسيق وتحسن في الدفع

وتابع مدير ثمرات: بالرغم من التحديات التي تواجه مراحل التنفيذ إلا أن هناك تحسناً نسبياً في عمليات الدفع لحوالي  %70 من عدد الأسر المستهدفة، مؤكداً أن هناك ترتيبات مع إدارة السجل المدني بوزارة الداخلية لاستخراج الأرقام الوطنية للمواطنين مع توفير كل المعينات لهم حتى تصل للنسبة المقررة للبرنامج، فيما أوضح مصدر مصرفي لـ”الصيحة” أن دولارات “ثمرات” تدخل بنك السودان ويتم تغذية ما يقابلها للبنوك وشركات الاتصالات وهذا الإجراء يأخذ وقتاً طويلاً مما يصعب وصول “الكاش” إلى المستحقين.

وأشار المصدر لأسباب أخرى أدت لتأخير الصرف تمثلت في تأخر الكشوفات عند اللجان والجهات المعنية لتسليمها المصارف ، وإلى أخطاء في إدخال المعلومات جراء استيعاب شباب في وظائف إدخال المعلومات ليس لهم خبرة ودراية كافية في تحويل المبالغ للحسابات المعنية، وأكد أن العملية تواجه بطئاً شديداً وإشكالات لوجستية  مما يتطلب مراجعة المشروع.

المدة الزمنية للبرنامج

حول مزاعم تقليص المدة الزمنية للدعم لستة أشهر بالإضافة لدمجه مع مشروع “سلعتي”، قال دكتور أبوبكر ضحية المشرف على برنامج “ثمرات” بولاية الخرطوم لـ”الصيحة “: لا اتجاه لدمج ثمرات مع أي مشروع آخر،  وأن الفترة الزمنية لم يطرأ عليها تغيير وهي عام كامل وكل ما يثار حول المشروع شائعات لا أساس لها من الصحة، داعياً المواطنين إلى أهمية التسجيل في المراكز المخصصة في المحليات السبع من أجل الحصول على الدعم والاستفادة منه، مؤكدًا السعي لمعالجة كافة الإشكالات الراهنة خاصة فيما يتعلق بالرقم الوطني، حيث تم توجيه إدارة السجل المدني والمديرين التنفيذيين بالإسراع في استخراجه  لمواطني قرى وأرياف الولاية.

وكان د. جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط قد ذكر أن النرويج قدمت دعمًا إضافيًا بتاريخ (23 أغسطس  2021م) لبرنامج دعم الأسر حجمه (6) مليون يورو، وأن داج إيناج اولستين وزير التنمية الدولية النرويجي زار البلاد للوقوف على خطوات البرنامج كواحد من البرامج التي تنفذها الحكومة الانتقالية .

وتشهد الخرطوم حملة إعلامية كبرى انطلقت فعالياتها أمس وتستمر لمدة أسبوع لحث المواطنين بضرورة التسجيل والاستفادة من الدعم المقدم للأسر والأفراد .

ملامح حول البرنامج

” ثمرات ” عبارة عن دعم مادي مباشر يقدمه البنك الدولي والدول المانحة للسودان ويستهدف نسبة (80%) من الشعب السوداني والدعم عبارة عن ما قيمته (5) دولارات أو ما يعادلها بالعملة المحلية حسب سعر الصرف الرسمي لبنك السودان لكل فرد شهريًا ولمدة (12) شهرًا منذ بدء الصرف.

يتم التسجيل عبر مراكز للتسجيل في المناطق المستهدفة عبر الفريق الذي تم تدريبه من عدد من أعضاء لجان التغيير والخدمات في الوحدات الإدارية التابعة للمحليات السبع بولاية الخرطوم وقد بدأ تطبيق البرنامج في أربع في مرحلته الأولى بأربع ولايات وهي الخرطوم وكسلا ودارفور والبحر الاحمر، وانطلق ليعم بقية ولايات البلاد الأخرى.

مطلوبات هامة وشروط

يتطلب التسجيل الرقم الوطني لرب الأسرة المسؤول عن الأسرة سواء كان رجلاً أو امرأة ولا تقبل شهادات الميلاد والتسنين للتسجيل في البرنامج مما يستدعي الحرص على استخراج الرقم الوطني ، يتم التسجيل كأسرة عبر رب الأسرة برقمه الوطني والرقم الوطني لبقية أفراد الاسرة أما الأسر الممتدة التي تسكن في بيت العائلة الواحدة يتم تسجيل كل أسرة لوحدها.

شروط التسجيل الرقم الوطني لكل أفراد الأسرة ورقم هاتف تكون الشريحة مسجلة باسم رب الأسرة أو ربة الأسرة أو الأفراد رقم حساب بنكي لمن يرغب في التسجيل رقم الحساب ليس شرطاً أساسياً وإنما رقم الهاتف وأن يكون مسجلاً المحفظة الإلكترونية ” كاش كارد ”  وتشمل بطاقات الضمان الاجتماعي التي تم صرفها للأسر المتعففة.

لكيفية استلام الدعم يتم الايداع في رقم الحساب البنكي المقدم أو إيداع مبالغ مالية في رقم الهاتف يتم صرفها عبر نقاط مراكز التوزيع التابعة لشركات الاتصالات لكل شركة مثل “قروشي ا” لسوداني و”أموال ” لشركة إم تي إن ” وعدد مرات الصرف 12 مرة لمدة عام منذ بدء أول صرف حيث لا يتم الصرف بمجرد الانتهاء من التسجيل للأفراد والأسر إلا بعد مضي شهر واحد فقط .

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى