محمد صالح الأمين بركة يكتب : *دُعاة الانفصال ما بين بَث الفِتَنْ وخطاب الكراهية *

 

 

ليس هنالك مقارنة ما بين جنوب السودان ودارفور أبداً، لا من حيثُ المكونات والخصائص السكانية (الإثنية والقبلية) ولا من حيثُ الثقافة والمعتقدات (الدِّينية) الكجور والوثنية والمعتقدات الأُخرى، كلا .

لا يوجد أدنى قاسم مشترك يجمع ما بين الشعوب والقبائل المجتمعية في جنوب السودان مع شمال السودان، لا من حيثُ التداخل القبلي والمصاهرة الممتدة ولا العادات والتقاليد وهذه نقطة ضعف بائنة  .!!!

جنوب السودان ظل منذُ قبل الاستقلال يطالب بالانفصال وحق تقرير المصير وذلك قبل خروج المستعمر من السودان.

قام بحرب طويلة بدأت منذ العام 1955م حتى العام 1972م استمرت (17) سنة بالتمام والكمال .

ثم قام الجنوب بالتمرد الثاني منذ العام 1982م حتى العام 2005م وَاستمرَّتْ الحرب (24) عاماً، جملة سنين الحرب بين الجنوبيين وشمال السودان بلغت 41 عاما خصماً من استقلال السودان الذي بلغ حينها 50 عاماً حتى العام 2006م إذن الفترة الذي عاشها السودان بدون حرب وقتال فقط بِضْعُ سنوات (9) تِسْعٌ لا غير .

وبلغت الديون جراءَ عدم استدامة السلام والاستقرار (60) ستين مليار دولار تَبَرَّأَت منها دولة جنوب السودان وخرجت كالشعرة من العجين وتركت تركة ثقيلة لدولة السودان، يدفعُ ثمنها أجيال بعد أجيال دون جدوى، وآلاف القتلى والجرحى والمعاقين توارثوا الجُرح النازف، الذي لم يندمل بعد، إذن تم إهدار هائل للموار البشرية والبقتصادية بفعل الحرب دون طائل منها سوى الدمار والخراب والدماء والدموع .

أما دارفور ليست هي الرقعة الجغرافية كما يتبادر للبعض – كلا، دارفور على اتصال وتواصل مباشر مع كل مناطق السودان ويربط بينها وبين أهل السودان رباط المصاهرة والتمازج وَالدِّيِنْ والإقامة الدائمة في كل أنحاء السودان حيثما ذهبتُ وجدتهم يساكنون الآخرون بالإلفة والمودة وهي نفس العادات والتقاليد والتراث والفنون .

ويجمع ما بينهما وبقية أهل السودان (المسجد وبيت البكاء والحي والنادي) وكل المناشط الاجتماعية الأخرى .

أما نزعة الدعوة للانفصال سواءً صدرت من جزء الشماليين أو فئة من الغرابة فهي محدودة لا تُمثِّل المكونات الاجتماعية قاطبة من المجتمع – بل تمثل ثُلَّة قليلة ليس لها وزن سياسي أو اجتماعي أو ثقافي – تعمل وفق أجندة محددة وقد تكون لها ارتباطات إقليمية أو دولية معلومة أو غير معلومة .!!!

وحتى حركات الكفاح المسلح في دارفور خطابها المعلن قومي ووحدوي وليس انفصاليا وهذا يُحمدُ لها ضمن البرنامج المطروح .

على دُعاة الانفصال القبول بمبدأ الحوار الذي يؤسس على منهجية مبنية على الثوابت الوطنية والاستراتيجية التي لا تقبل النُّكُوص أو التراجع.

مثلاً الوحدة الوطنية خط أحمر لا مساس به وما دون ذلك فيه فسحة للحوار وللأخذ والعطاء .!!

لا يمكن قبول مبدأ طرح بند الانفصال مثلاً كجند للتفاوض ولكن يجب طرح الظلامات الاجتماعية أو الخدمية والتنموية إنْ وِجِدَت – خاصةً كل ذلك عالجتهُ بعض الاتفاقيات وأصبح ضمن حزمة البنود التي يتمُّ تنفذها والوضع ما بعد الفترة الانتقالية ستغيَّر ويحكمهُ الدستور والقانون .

ختاماً :

نحن نعيش في عصر الوحدة وليس عصر التجزئة والانقسام إذا كانت القضية تكمن في اكتساب الحقوق فالمخرجُ في: (اقتسام السلطة والثروة) وهذه المعايير مقبولة ومنصفة وليس الحل يكمن في الدعوة للانفصال أو الاحتراب والاقتتال – كلا – الحل الناجع يكمن في وضع دستور دائم يحفظ الحقوق ويكفل الواجبات .

إذن السؤال المحوري هو ليس البحث عن مَن يحكم السودان – بل يجبُ الوصول لصيغة كيف يُحكمُ السودان .

بإذن الله سيظل السودان موحداً وقوياً ويسع الجميع وموارده تكفي الجميع، ولكن للأسف نقطة الضعف الجوهرية تكمن في سوء الإدارة (إدارة الموارد البشرية والاقتصادية) على مدى العهود السابقة والحالية. يواجهُ الوطن موجه عارمة من سيادة خطاب الكراهية وذلك لضعف هيبة الدولة وبسط القانون على الجميع بلا استثناء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى