عبد الله مسار يكتب..   المحكمة الجنائية وتسليم البشير (٢)

قلنا في المقال الأول، إنّ المحكمة الجنائية الدولية قامت بانتقائية وأُنشأت بضغطٍ من المنظمات الأوروبية ضد الدول الضعيفة، وخاصة الدول الأفريقية العاصية على النظام العالمي الجديد، وقلنا إنّها قامت على  ميثاق روما، وقلنا إنّ الدول الأوروبية وقّعت اتفاقية معها حتى لا يُحاكم رعاياها فيها، وقلنا إنّ ثلثي سكان العالم لم يوافقوا عليها، وإن دولاً كأمريكا وروسيا والصين لم توقع على الميثاق بل أمريكا ترفض   دخول المدعي العام لأراضيها وتعتقله لو دخل، بل يمكن ان تتدخل عسكرياً حال تعرضت المحكمة لأحد رعاياها.

بالنسبة للسودان، شارك في جلسات مناقشة الميثاق  ووقع عليه، ولكن البرلمان السوداني لم يصادق عليه، حيث اتخذ قرارًا رافضُا الانضمام للمحكمة في عام ٢٠٠٧م، ومازال قرار البرلمان سارياً تشريعا وقانونا، ولا تستطيع الحكومة الحالية إلغاءه، يجب أن يلغيه برلمان مُنتخب.

قضية دارفور أُحيلت للمحكمة من مجلس الامن بعد تكوين لجنة تحقيق منه لتقصي الحقائق حول جرائم  إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب اُرتكبت وخالفت القانون الدولي الانساني، رغم عدم ثبوت هذه التهم في التقرير، واشار التقرير أن طرفي النزاع ارتكبا  جرائم في دارفور بموجب هذا التقرير أحال مجلس الامن ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية، وكان السودان قد تعرض لحملة اعلامية شرسة من منظمات تطوعية دولية ومن بعض أبناء دارفور.

وكان القرار سياسيا بامتياز، مقصود به استهداف السودان، لأنه ظل يعارض النظام العالمي الجديد.   وعليه، اصدر مجلس الامن القرار رقم ١٥٩٣ احال بموجبه الملف الى المحكمة الجنائية، واستمرت الاجراءات رغم ان المحكمة لا يعقد لها اختصاصا حول السودان، لانه غير مصادق على ميثاقها.

وثانياً، لا يعقد الاختصاص أيضاً إلا إذا عجز القضاء المحلي ويمكن ان نجد لذلك العذر في اثناء حكم البشير، ولكن ليس هنالك سبب يمنع التقاضي داخل السودان بعد قيام الثورة وجاء الحكم من كان يعارض البشير.

ثالثاً، أعتقد ان قادة القوات المسلحة والنظامية لن يوافقوا على تسليم الرئيس السابق ولا أي سوداني لهذه المحكمة، إلا إذا ذهب طواعية كما فعل كوشيب. رابعاً، تكاليف المحكمة تدفعها حكومة السودان كما يتم الآن لكوشيب وهي مكلفة جداً، فتكاليف كوشيب تقارب الخمسين مليون دولار، ولذلك من الصعب أن تقوم الدولة السودانية بذلك.

أيضاً اعتقد ان أمر معالجة قضية دارفور مطلوب العدالة فيه، ولكن اعتقد ان المصالحات افيد وانفع، وتطبيق العُرف يزيل الأغبان اكثر من القضاء.

أخيراً، أعتقد أن تسليم السيد الرئيس السابق لن يتم، ولذلك أفيد أن تعرض القضايا على المحاكم السودانية، ويمكن تكوين محكمة خاصة لجرائم دارفور حتى لا يفلت أي أحد من العقاب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى