القضارف.. الوالي في مواجهة النيران الصديقة!

تقرير: نجدة بشارة
ضجّت منصات التواصل الاجتماعي، خلال اليومين الماضيين بمقطع فيديو يظهر فيه والي القضارف سليمان علي محمود متحدثاً خلال فعالية مبايعة إحدى القبائل لحزب المؤتمر الوطني المحلول، في العام 2009م أيدت من خلالها دعمها لترشيح الرئيس المعزول عمر البشير لانتخابات الرئاسة التي أجريت في العام 2010م، ووجد المقطع استنكاراً، وتنديداً كبيرًا من قبل المواطنين، كون أن الوالي الحالي تقلد منصبه عقب ثورة ديسمبر التي أطاحت بالبشير وحلت حزب “المؤتمر الوطني” ووضعت شرطاً أساسياً لتولي المناصب يتمثل في عدم المشاركة في أي مرحلة من مراحل الحكومة البائدة..
ورغم أن والي القضارف سارع بنفض يده وتبرأ من انتمائه للمؤتمر الوطني المحلول، إلا أنه كان دفاعًا جاء بعد أن وجهت الحرية والتغيير في القضارف سهامها وأطلقتها نحوه معلنة سحب الثقة عنه.
تبرير
والي القضارف سليمان علي، أقر بصحة الفيديو المتداول بيد أنه قال إنه تم في أحد مناشط المؤتمر الوطني، في العام 2009م وكان في منشط اجتماعي يرتبط بقبليته، وأنّ عمدة القبيلة طلب منه الترحيب بالحضور، وقال إنّ كلمته في المنشط لا تتجاوز محطة “الترحيب”، ونفى بشدة صلته بالوطني المحلول واتهم سليمان فلول النظام السابق في القضارف بالترويج للفيديو لإقالته بعد أن قام بملاحقاتهم وملاحقة كل الفلول الفاسدين حسب قوله.
سحب ثقة
لكن ومع اتساع رقعة الاحتجاج والاستنكار بسبب مشاركة قمة الهرم الحكومي في ولاية القضارف (الوالي) في فعالية تخص الحكومة البائدة، سارع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، وهو الجهة التي سبق وأعطته ثقتها وصعدته والياً للولاية، بسحب هذه الثقة.
وكذلك فعل التجمع الاتحادي، الذي يدعي الوالي الانتماء له، فقد قام أيضًا بسحب الثقة منه، مؤكدين في تصريحات أن المكتب السياسي اجتمع مع ممثلين للحرية والتغيير وأكدوا أن التجمع أبدى موافقتة وعدم الاعتراض على قرارات المجلس المركزي للحرية والتغيير ووافقوا على سحب الثقة من الوالي (كأخف الأضرار)، وموضحين في ذات الوقت تواصلهم مع الوالي الذي أكد لهم صحة مقطع الفيديو المتداول، رغم تأكيد عدم انتمائه للوطني.
مشاورات
ويبدو أن القضية أثرت جدًا على المستوى السياسي فقد أوضح عضو تجمع الاتحاديين حسين ميرغني في حديثه لـ(الصيحة)، أن القضية كلها يشوبها عدم توفر المعلومات، كما لا توجد معلومات تشير إلى انتماء سليمان للمؤتمر الوطني السابق، أثناء الترشيح لمنصب والي ولاية القضارف أو الفرز، كما لم تصل عبر الطعون المقدمة من قبل المواطنين، حيث أخفى الوالي حياته السياسية عن الجميع، وتساءل عن أسباب بث هذا الفيديو في هذا التوقيت؟ ومن يقف خلفه؟ وأكد أن هنالك اجتماعات ومشاورات تجري حالياً داخل الحزب لدراسة القضية والبحث عن الحقائق حتى يصل التجمع إلى القرار المناسب.
شكوك وظنون
وحسب محللين، فإن فيديو والي القضارف يفتح باب الشكوك والظنون، والتساؤلات عن احتمالية وجود نماذج مماثلة لشركاء الفلول داخل الأجهزة التنفيذية للحكومة الانتقالية، أخفوا سيرتهم الذاتية أو تدثروا بعباءة الثورة حتى أصبحوا جزءاً من قيادات الأجهزة التنفيذية للحكومة الانتقالية؟ ثم ماذا إذا أخفقت الحرية والتغيير في معادلات الاختيار؟ ويرى القيادي بالحرية والتغيير ورئيس حزب البعث التجاني مصطفى، في حديثه لـ(الصيحة) أن من الأهمية بمكان ضرورة حسم والي القضارف وإبعاده عن المشاركة في حال ثبت تورطه بمشاركة الفلول وتأييد المعزول، خاصة وأن هنالك اعترافاً ضمنياً للوالي عن تحدثه في المنصة التي أيدت إعادة ترشيح البشير، واستبعد أن يكون ظهور الفيديو صدفة أو مرهوناً بصراع سياسي، وقال: بلا شك أن هنالك مؤيدين للوالي ورافضين لأدائه، والأخيرة سعت لتبيان الحقاىق التي بالتأكيد أخفاها عندما قدم سيرته الذاتية للترشيح. وأضاف: “أي شخص في نطاق المسئولية بالحكومة الآن إذا اكتشف أو حتى حامت الشكوك حول مشاركته النظام المباد، فإن الإجراء الطبيعي أن يبعد”، وأردف: لا أستبعد مثل هذه الهنات في اختيار التنفيذيين من قبل الحرية والتغيير، لأن قوى الحرية والتغيير هيَ اتحاد لمكوّنات سياسيّة سودانية عريضة تمثل تجمّع المهنيين، والجبهة الثورية وتحالف قوى الإجماع الوطني وكذلك التجمع الاتحادي,
اعتذارك هل يفيدك؟
طالب القيادي المستقل بشرق السودان، مبارك النور عبر (الصيحة) قيادات الحرية والتغيير بالقضارف للاعتذار الفوري لأهل القضارف عن دفعهم بالوالي الحالي لقيادتهم، وقال: “الوالي الحالي من أفشل الولاة الذين مروا على الولاية ولم يقدم أي جديد للمنطقة والقضارف في عهد حكومة الثورة ولا يملك قدرات تنفيذية”، وأكد أن أهل القضارف خرجوا في احتجاجات عديدة ونظموا وقفات احتجاجية؛ رفضًا لسياساته في إدارة الولاية، وانتقد النور عددا من السلبيات التي اعتبرها جزءاً من نقائص أداء سليمان، حيث انتقد عدم استقباله ولقائه رئيس مجلس السيادة في زيارته الأخيرة للفشقة، وأردف “لو كنت في مقام البرهان لرفدته”.
حالة غش
وشدد مبارك على اختيارات الحرية والتغيير للقيادات التنفيذية للحكومة، وقال: اختيارات التنفيذيين يجب أن تكون بتروٍّ، وتخضع للتمحيص والتدقيق ،وقال “أطالب الوالي أن يقدم استقالته وأقول له ارحل غير مأسوف عليك، فيما نبه لجنة التمكين أن تشرع في التقصي عن هذا الوالي، لأنه في حال ثبت تورطه في إخفاء سيرتة الذاتية، فإن هذه تعتبر حالة غش وتستوجب المحاسبة عليها”.
جينات
في المقابل، انبرت جهات صديقة تبحث له عن مبررات، حيث قال القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر، في تصريح صحفي إن معظم من ينتسبون لقوى إعلان الحرية والتغيير، بايعوا وشاركوا المؤتمر الوطني في وقت من الأوقات، وأضاف “لكن إذا أردت أن تعتلي منصة لابد من إثبات عدم صلتك بالوطني”، وأشار عمر إلى أنّ الكثيرين يحملون جينات ودمغة الوطني.
تغيير ومحاسبة
في الأطار طالبت حركة العدل والمساواة، أمانة ولاية القضارف الحاضنة السياسية بالولاية للإسراع في سحب الثقة من والي القضارف د. سليمان علي بعد ثبوت انتمائه للنظام البائد، وشددت الحركة في بيان لها شددت على ضرورة تغيير الوالي ومحاسبته فوراً.
وتابعت الحركة في بيانها؛ “تفاجأت الحركة بولاية القضارف بالفيديو الصادم الذي رشح لوالي القضارف المدني د. سليمان علي.. خلال مبايعته نظام المؤتمر الوطني البائد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى