شاكر رابح  يكتب : الانتخابات استحقاق دستوري 2-2

صحيح أن النظام السابق خلف سلبيات مزمنة سياسياً واجتماعياً وكذلك هناك بطء وارتباك برامجي للحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية رغم ذلك لا يوجد مبرر لإطالة أمد الفترة الانتقالية دون إجراء انتخابات قد يؤدي تأخيرها إلى صراع سياسي عنيف، والانتخابات مطلب شعبي ملح وإجراؤها يؤدي إلى توزيع جديد لمراكز القوة ويؤكد إلى أي مدى نجحت ثورة ديسمبر المجيدة.

وقد تباينت الآراء والمواقف لأحزاب قوى إعلان الحرية والتغيير بين رفض وقبول فيما يخص تصريحات خالد عمر يوسف وزير وزارة مجلس الوزراء الذي أشار في معرض رده على سؤال في منتدى كباية شاي قاطعاً قيامها في يناير 2024، وقد أبدى رئيس حزب البعث عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير التجاني مصطفى استغرابه لتصريحات الوزير خالد عمر بشأن قيام الانتخابات وقال لصحيفة الصيحة (إن الانتخابات لم تحدد بعد وتحديدها يتم عبر اتفاق شامل لكل مكونات الحكم في السودان) وأضاف التجاني مؤكداً (أن الوثيقة الدستورية لم تحدد موعدًا للانتخابات كما لم يتم أي اتفاق حولها حتى الآن)، ووصف ما قاله الوزير عبارة عن (مجرد كلام لا سند له) هذا يعني أن كلا التصريحين ضربا بالوثيقة الدستورية عرض الحائط، وأصبحت كافة بنودها حبرا على ورق، وهذا يؤكد بجلاء التخلي مع سبق الإصرار عن المبادئ التي وردت في إعلان الحرية والتغيير ثم الوثيقة الدستورية التي توافق عليها المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، يظل هناك سؤال مهم ما هي مهام حكومة الفترة الانتقالية في إطار تحقيق الانتقال الديمقراطي؟ كما هو معلوم بالضرورة أن الفترة الانتقالية تبدأ من  17 أغسطس 2019 وهو تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية ومدة الفترة 39 شهراً يترأس الفترة الأولى المكون العسكري ولمدة 21 شهراً ثم يترأس عضو مدني ما تبقى من الفترة الانتقالية وهي 18 شهراً ومن أهم واجبات الحكومة خلق بيئة مناسبة لقيام انتخابات حرة ونزيهة وعادلة وديمقراطية ونظام سياسي تعددي وكامل التمثيل للقوى السياسية، ولا شك أن الانتخابات تدعم التحول الديمقراطي وتجعله سلساً وتوطد سيادة حكم القانون وحكم رشيد يحافظ على حقوق الإنسان.

هنا لا بد من النظر إلى تجارب دول ثورات الربيع العربي التي انتظمت الدول العربية وسبقتها دول أوروبا الغربية والمتابع لها يجد أن أول شرارة اندلعت كانت في الجزائر 1988 عقب ذلك تحولت من نظام الحزب الواحد إلى التعددية السياسية، ثم من بعد ذلك المظاهرات التي اندلعت في المملكة الأردنية والتي أدت بدورها إلى إصلاحات كبيرة أفضت إلى انتخابات المجلس النيابي ثم ثورة الياسمين في تونس2010 عندما أحرق محمد البوعزيزي نفسه احتجاجاً على مظالم اجتماعية واقتصادية، وكان ذلك سبباً في عودة تونس إلى الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، ثم ثورة مصر 2011 التي رفعت شعار «عيش حرية كرامة»، بيد أن هذه الثورات أدخلت الأحزاب السياسية في دول الربيع إلى “مصيدة” يصعب الخروج منها إلا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تظل الانتخابات واحدة من تحديات الفترة الانتقالية وعدم قيامها في موعدها يعني فشل الحاكمين في الاختبار ويعني بلا أدنى شك أن الحديث عن الحريات العامة والديمقراطية ومبادئ ثورة ديسمبر المجيدة التي تتحدث عن الحرية العدالة والسلام مجرد شعارات براقة.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى