كولقي وقلاب.. “معظم النار من مستصغر الشرر”

تقرير- نجدة بشارة

معظم النار من مستصغر الشرر، مقولة تجسدها الصراعات التي تندلع بين الفنيبة والأخرى في دارفور، إذ أن غالبيتها تبدأ صغيرة بين (أفراد) ثم تتحول إلى اشتباك إثني وصراع قبلي، وما حدث في مناطق  “كولقي، وقلاب” غربي مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، أمس الأول نموذج يشهدان على ذلك، إذ إنه ووفقاً لشاهد عيان هاجمت قوة تابعة لإحدى حركات الكفاح المسلح مكونة من نحو 30 سيارة على منطقة “كولقي”، حيث وقعت مواجهات أدت لمقتل 3 أشخاص وإصابة 10 بجروح، وأرجع الشاهد الهجوم لصراع حول الحواكير (ملكية أراضٍ في كولقي)، تزامن الأمر مع هجوم مماثل على قرية قلاب المجاورة للمنطقة قبل 3 أيام نتج عنه مقتل مواطن، ونزوح عشرات الأسر إلى المناطق المجاورة.

تعدد الروايات

اختلفت الروايات المتداولة بشأن أحداث مدينتي (كولقي، وقلاب) حيث تداولت منصات التواصل وقوع اشتباكات بين قوة تتبع لحفظ الأمن بدارفور ومليشيا قبلية وأفادت الأنباء من منطقة كولقي التابعة لمحلية طويلة بشمال دارفور بوقوع اشتباك بين قوة حفظ الأمن بدارفور المكونة من الدعم السريع وقوات الكفاح المسلح والشرطة والأجهزة الأمنية مع مليشيا قبلية مدججة بالسلاح بعد تعرض قوة حفظ الأمن لإطلاق نار أثناء دورية تمشيط واستطلاع.

وسقط في المنطقة خلال الأسبوع المنصرم قتيلان وعشرات الجرحى من النازحين على يد مليشيا قبلية على خلفية دعاوى النزاع حول الأرض، أدى ذلك لاحتجاج النازحين وحمل الجثمانيْن لمقر حكومة الولاية وإغلاق الطريق الرئيس الرابط بين الفاشر ونيالا لعدة أيام.

رواية أخرى

ويروي شهود عيان رواية أخرى مفادها أن الأيام الماضية شهدت قيام جماعات مسلحة منفلتة يمتطون الجمال والدراجات النارية بإطلاق حيواناتهم في مزارع المزارعين ومنعوا المزارعين من حرث الأراضي التي زرعوها وقاموا بقتل بعض المزارعين وضرب بعضهم وحدث نهب الممتلكات والمواشي.

وشكلت حكومة ولاية شمال دارفور قوات مشتركة من القوات المسلحة وقوات قوى الكفاح الثوري المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا وقوات الدعم السريع لحماية المزارعين وحفظ الأمن والاستقرار في منطقة كولقي أمس الأول الجمعة، وفي سنياريو غير مألوف تعرضت هذه القوات لكمين غادر راح ضحيته سبعة منهم وعشرات الجرحى.

الأسباب

من يراجع أسباب ما حدث من عنف في كوقلي يرى أن دارفور لا تزال هشة أمنياً وتندلع فيها الصراعات لأسباب واهية، وأشار المراقب للعملية السلمية في دارفور الكاتب إسماعيل عبدالله في حديثه لـ(الصيحة) أن أسباب الصراع تعود إلى أن بعض حركات الكفاح الموقعة على السلام لها قوات دخلت إلى مناطق التماس مع قبائل الرحل، في الوقت الذي يوجد هنالك صراع قديم بين الرحل والمزارعين، وأن معظم أفراد  قوات حركات الكفاح المسلح من مكوّن المزارعين.

سلاح

ربما أذكى الصراعات القبلية في دارفور عموماً وفي كوقلي بالتحديد وجود السلاح خارج الأطر القانونية، إذ أنه ورغم حملة جمع السلاح التي أعلنتها الحكومة ونفذتها أكثر من مرة عبر الدعم السريع إلا أن كثيرا من القبائل ما زالت تحتفظ بأسلحة خارج سيطرة الدولة تستخدمها في أقل نزاع فضلاً عن الاستنجاد بالامتدادات القبلية في تشاد وأفريقيا الوسطى، وهو ما يبقي الوضع في دارفور ملتهبًا.

اهتمام

فور تنامي الأخبار عن الاشباكات في كوقلي وكثرة الروايات حولها اهتمت الخرطوم على أعلى مستوياتها بالحدث كون أن بعض رواياته تتحدث عن اشتباكات بين عناصر الحركات الموقعة على السلام بينما تعيد الأمر أقاويل أخرى إلى كونه اشتباكاً بين مواطنين وعناصر عسكرية، لكن في الحالتين فإن اهتمام الحكومة المركزية بدا واضحاً في اجتماع طارئ عقده النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” ضم عضوي مجلس السيادة المنضمين للمجلس بموجب اتفاق سلام دارفور الهادي إدريس والطاهر حجر بجانب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي ووزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم وكل قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في جوبا بجانب قادة عسكريين من القوات المسلحة لبحث تداعيات القضية.

قرارات

الاجتماع الطارئ بحسب تصريحات أدلى بها الأمين العام لحركة العدل د. سليمان صندل قرر تشكيل لجنة برئاسة قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو وممثلين للقوات المسلحة، الشرطة، جهاز المخابرات العامة والنائب العام، إلى جانب عضوية جميع حركات الكفاح المسلح على أن تتوجه اللجنة فوراً إلى شمال دارفور للوقوف ميدانياً وتقصي الحقائق حول الأحداث التي شهدتها تلك المناطق، مشيراً إلى أن الاجتماع تناول بشكل مفصل تطورات الأحداث والمعلومات الواردة من قبل الأجهزة الأمنية وحركات الكفاح واعتمد عدداً من التدابير الأمنية التي من شأنها إعادة الهدوء في تلك المناطق، لافتاً إلى تشكيل قوة مشتركة من جميع الأطراف للتوجه فوراً إلى المناطق المذكورة.

تقصٍّ

ولم تشرق شمس أمس السبت إلا وكانت طائرة رئاسية تحمل وفد التقصي إلى الفاشر يقوده عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي نحو مدينة الفاشر حاضرة إقليم دارفور، ومعه ممثلون للقوات المسلحة، الدعم السريع، الشرطة، جهاز المخابرات العامة والنائب العام، إلى جانب عضوية جميع حركات الكفاح المسلح، وفور وصول لجنة التقصي بدأت في إنفاذ مهمتها من الفاشر بعقد اجتماع مباشر مع لجنة أمن الولاية قبل أن تتوجه لمنطقة النزاع.

قوة مشتركة وإعلان طوارئ

لجنة أمن ولاية شمال دارفور برئاسة الوالي، نمر محمد عبد الرحمن، اتخذت عددا من الخطوات المهمة قبل وصول لجنة تقصي الحقائق فقد تأسفت من خلال بيان أصدرته بشأن أحداث كولقي وقلاب وترحمت على أرواح الشهداء، وتمنت عاجل الشفاء للجرحى والمصابين وطالبت كل الأطراف بالصبر، وضبط النفس، ومعاونة الأجهزة الأمنية والرسمية في احتواء الموقف.

وأصدرت اللجنة عدداً من القرارات قضت بتكوين قوة مشتركة قوامها خمس وأربعون سيارة قتالية إضافية تنضم إلى القوة العسكرية الموجودة بموقع الحادث، بحانب تشكيل لجنة للتحقيق في الحادث برئاسة وكيل النيابة وسحب كل القوات الخارج عن مظلة القوات المشتركة خارج منطقة النزاع، وجعل مناطق كولقي وقلاب والمناطق المجاورة مناطق طوارئ يمنع فيها التجمعات والتحرك من دون إذن، وفض المنطقة من أية تجمعات، ومن كل الجهات داخلها وخارجها والرجوع إلى مناطقهم فوراً.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى