ترشيح ثلاثين سفيرًا للبعثات الخارجية.. إبراز وجه السودان الجديد

 

تقرير- مريم أبشر

خلال الأيام الماضية، دفعت وزارة الخارجية في الخرطوم بأضخم قائمة تضم ثلاثين سفيرًا تم ترشيحهم والتوافق عليهم من قبل الجهات المعنية بالوزارة، وصادقت عليها وزيرة الخارجية الدكتورة مريم الصادق لرئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك  للنظر فيها واعتمادها بشكل رسمي قبل إمضاء الموافقة عليها من قبل رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان توطئة للدفع بهم وتوزيعهم على البعثات الدبلوماسية في عدد من الدول التي تحتضن سفارات للسودان.

وتأتي قائمة الثلاثين سفيرًا لترشيحهم لشغل مهمة رئاسة البعثات السودانية بسفارات السودان الخارجية، بعد أن ظلت تلك البعثات شاغرة خلال الثلاث سنوات الماضية عقب الإطاحة بنظام الإنقاذ عبر ثورة ديسمبر المجيدة، ويتم تسيير أعمال أكثر من 60 بعثة دبلوماسية عبر قائمين بالأعمال .

تمرحل

عقب الإطاحة بالنظام السابق، سارعت وزارة الخارجية في أعقاب التغيير الذي حدث بالبلاد بموجب ثورة ديسمبر باستدعاء عدد كبير من السفراء المعتمدين من قبل النظام السابق بعدد من البعثات الخارجية إلى مقر الوزارة وعملت أيضًا على إعفاء عدد كبير منهم ممن صنفوا بأنهم سفراء الإنقاذ الذين ولجوا إلى الوظيفة عبر سياسة التمكين وألغت بالمقابل اعتمادات ترشيح عدد كبير منهم كانوا في طريقهم لتسلم مهام رئاسة بعض البعثات.

هذه الخطوات التي اتخذتها الوزارة باعتبارها استحقاقاً ثورياً خلفت على أثرها فراغاً كبيرًا بالبعثات، فاقم من الأزمة شح الموارد المالية الكافية لتسيير العمل بالبعثات وإيفاء استحقاقات ميزانية التسيير في ظل الضائقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ومحاولة تصريف المهام بأقل عدد من الكوادر البشرية، بل واللجوء لإلغاء بعض السفارات غير ذات التأثير والاعتماد على التمثيل غير المقيم لتغطية أكبر مساحة دبلوماسية بكادر أقل وتفعيل أفضل..

استعادة

غير أن مياهاً كثيرة مرت تحت جسور العلاقات بين السودان ودول العالم عقب قرار الولايات حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب على خلفية تلك المترتبات بموجب الثورة وبعد ثلاثة أعوام، اعتمدت الوزارة القائمة الجديده للسفراء سيتم ترشيحهم تباعاً وعلى مراحل كما بحسب حديث السفير محمد شريف وكيل وزارة الخارجية والذي أكد في تصريح لـ(الصيحة) أن قائمة السفراء الجدد سيتم تنفيذ ابتعاث مرشحيها لتولي الأمور برئاسة البعثات السودانية في عدد من الدول على مراحل، مبيناً أن الاختيار سيكون للبعثات الأكثر حاجة لتسيير مصالح السودان عبرها بدول التمثيل، وأشار إلى أن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك يولي دعماً كبيراً لوزارة الخارجية نظراً لأهمية العمل الذي تقوم به لتحقيق مصالح السودان الخارجية عقب الانفتاح الكبير الذي شهده السودان في أعقاب تحرره من العزلة الدولية واندماجه في المحيطين الإقليمى والدولي.

أهمية التوقيت

على خلفية إبعاد عدد كبير من السفراء كما سبق الذكر من البعثات عبر لجنة إزالة التمكين، يرى السفير جمال محمد إبراهيم الخبير الإعلامي والناطق الرسمي الأسبق لوزارة الخارجية، أن ترشيح سفراء لتلك البعثات واعتمادهم من قبل قيادة الحكومة الانتقالية أمر مهم، لافتًا إلى أن العديد من البعثات تعيش فراغاً دبلوماسياً وأن بعضها يسير العمل فيها إداريون، لافتاً في حديث أدلى به لـ(الصيحة) أن السودان يمر بمرحلة هامه للغاية تتطلب وجود دبلوماسية فاعلة لتغليب مصالح السودان والتواصل مع العالم بشكل مختلف بعد اندماجه مع الأسرة الدولية.

مرحلة تجب ما قبلها

وبما أن الدبلوماسية مهمتها التواصل مع المجتمعات  وبالتالى يجب ان يكون بالبعثات سفراء على قدر كبير من الإمكانيات والمقدرات للبحث عن المصالح، وهنا يشير  السفير والخبير الأكاديمى الدكتور حسن بشير في حديث أدلى به لـ(الصيحة) إلى أن تخفيض مستوى البعثات الدبلوماسية السودانية في دول العالم خلال الفترة الماضية وجعل قائم بالأعمال هو من يصرف شئون الدولة في بلد التمثيل يعد من ناحية دبلوماسية تخفيضا لمستوى العلاقات بين تلك الدولة والبعثة الممثلة للبلد المستضاف، لافتاً إلى أن عدداً من البعثات السودانية بالخارج ظلت منذ قيام الحكومة الانتقالية يصرف الأعمال فيها قائمون بالأعمال في غياب السفراء وهذا يعطي إشارة خاطئة للدولة المستضيفة بأننا غير راغبين في علاقات جيدة معها.

معالجات

أشار  السفير والخبير الإكاديمي الدكتور حسن بشير في حديثه لـ(الصيحة)، إلى أن إحدى الدول الأوربية لديها تقليد في مثل هذه الحالات إذ تعمل على ابتعاث سفير متقاعد لسد الفراغ عندما يكون سفيرها المقيم فى مهمة أخرى حتى لا تترك فراغاً دبلوماسياً، ولفت إلى أن السفير المفوض من قبل حكومته هو الشخص الوحيد الذى يحق له أن يوقع إنابة عن حكومة بلده على كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والثنائية  فضلاً عن عمله على تسهيل علاقات بلاده، وشدد السفير حسن بشير على أهمية حسن الاختيار للسفراء المبتعثين، وأن يدفع بالسفير المناسب للبلد المناسب خاصة أولئك الذين لهم علاقات معرفة ببلد التمثيل. وأشار إلى أن السفراء المختارين يجب أن يتلقوا النصائح من قيادة الدولة بمراعاة مصالح البلد  وجذب الاستثمارات لها باعتبار أن هذه مرحلة مهمة في عمر البلاد تجب ما قبلها.

سفراء للثورة

ربما رأت الحكومة أنه آن الأوان لتعديل الصورة التي ظلت تفاصيلها غير واضحة طوال فترة ما بعد الثورة فترشيح 30 سفيراً دفعة واحدة للدول ذات التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفير سيكون له انعكاس جيد في أمر العلاقات الثنائية وإعادتها لطبيعتها، إذ لا شك أن بعض الدول التي سحبت سفراءها قد مرت العلاقات فيها بفترة جمود تحتاج إلى ضخ دماء جديدة لإعادة الحراك فيها، سيما وأن السفراء الجدد سيكونون بجانب كونهم سفراء للدولة فهم أيضًا سيكونون سفراء للثورة والثوار الذين بهروا العالم بمعجزة تغيير سلمي يبتغون به رفعة السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى