شاكر رابح يكتب : الأمن القومي من منظور قانوني  1- 3

 

الجرائم المتعلقة بتهديد الأمن القومي كثيرة ومتعددة وأعظمها وأكثرها خطراً على سلامة واستقرار البلاد “الخيانة”، والخيانة أنواع شتى ومنها ما يبدأ بخيانة الأمانة والزوجة والصديق، ولكن أخطرها على الاطلاق خيانة الوطن، وكل أنواع الخيانات يعاقب عليها القانون، ويكاد يتفق كل المشرعين على عظم هذا الجرم، والقانون الجنائي السوداني نص على عقوبة خيانة الوطن بعقوبة أشد وأكثر إيلامًا وهي الإعدام لمن يخون وطنه بثمن بخس، والخائن لوطنه لا يجد إلا الازدراء والاحتقار، ويخلد ذلك التاريخ على مر السنين والتاريخ لا يرحم. وتابعت باندهاش شديد  تصريحات الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة إبان مخاطبته ضباط وضباط صف وجنود جهاز الأمن والمخابرات التي اتهم فيها أشخاصاً لم يسمهم بالجلوس مع سفراء وسفارات وتمليكهم معلومات تضر بأمن السودان القومي، وهذا أشبه بعملية التخابر والعمالة والتجسس مخالفين بذلك العرف الدبلوماسي والقانون، وقد ورد في الماده “52” من القانون الجنائي السوداني التعامل مع دولة معادية، حيث نصت المادة على الآتي (من يقوم دون إذن بالعمل في خدمة أي دولة يعلن السودان أنها دولة معادية أو بمباشرة أي أعمال تجارية أو معاملات أخرى معها أو مع وكلائها يعاقب بالسجن مده لا تتجاوز عشر سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا) أما الماده “53” التجسس على البلاد تنص على الآتي (يعد مرتكب  جريمة التجسس ويعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد او السجن لمده أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله من يتجسس على البلاد بأن يتصل بدولة أجنبية أو وكلائها أو يتخابر معها أو ينقل إليها أسراراً وذلك بقصد معاونتها في عملياتها الحربية ضد البلاد أو الإضرار بمركز البلاد الحربي، فإذا لم يكن التجسس بذلك القصد ولكن يحتمل أن يضر بالبلاد سياسياً أو اقتصادياً يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً)، أما منطوق الماده “55” (إنشاء واستلام المعلومات والمستندات الرسمية وأن يحصل بأي طريقة على أمور سرية من معلومات أو مستندات تتعلق بشئون الدولة دون إذن ومن يفضي أو يشرع في الإفشاء بتلك المعلومات أو المستندات لأي شخص دون إذن أو عذر مشروع يعاقب بالسجن مده لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً وتكون العقوبة مدة لا تتجاوز خمس سنوات إذا كان الجاني موظفًا عاماً). اعتقد وبما أن عقوبة الخيانة الإعدام تعتبر معقولة ورادعة وتتناسب مع بشاعة الجرم المرتكب، ومع ذلك تبقى النصوص العقابية والأجهزة المنوط بها متابعة ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم الذين يمارسون ذلك في وضح النهار وتحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية والسيادية في القانون الجنائي تكون النصوص  غير كافية والأجهزة غير قادرة على الملاحقة للحد من هذه الجرائم الخطيرة.

تناولت هذه القضية من منظور قانوني، وسوف أتناولها لاحقاً من منظور أخلاقي وسياسي في مساحة أخرى .

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى