القاعدة في السودان.. مطلوبون دوليون في قبضة السلطات

 

تقرير- صلاح مختار

طلب النائب العام مولانا مبارك محمود من نيابة الجرائم المُوجّهة ضد الدولة، مدّه بملف عناصر تنظيم القاعدة الموقوفين لدى النيابة، وطبقاً لمصادر (الصيحة)، فإن طلب النائب العام للملف يأتي على خلفية طلب تلقّته النيابة العامة من دولة الإمارات بتسليمها اثنين من المتهمين في البلاغ، مطلوبين لديها. وسبق أن ألقت السلطات الأمنية القبض على (9) عناصر من تنظيم (القاعدة) الإرهابي، كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات في دول الخليج. وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه حول إمكانية تسليم مطلوبين إلى دولة أخرى خاصة إذا كانت هنالك اتفاقيات ثنائية؟ كذلك سؤال مهم يدور في أذهان البعض عن كيفية دخول هؤلاء السودان؟ وهل أصبحت البلاد مرتعاً خصباً لـ(القاعدة) بعد سقوط نظام الإسلاميين؟.

مطلوبون للعدالة

وكيل نيابة مكافحة الإرهاب والجرائم الموجهة ضد الدولة أحمد سليمان العوض كشف في وقت سابق لـ(السوداني)، أن من بين الإرهابيين التسعة، حملة جوازات سورية من أصل تونسي وتشاديون، أحدهم متهم بالتخطيط للهجوم على السياح الأجانب في مدينة سوسة ومطلوب لدى تونس، وأضاف أن التحقيقات أظهرت أن المعتقلين متهمون في بلدانهم بارتكاب جرائم إرهابية، لافتاً إلى أن بعضهم دخل السودان عن طريق التهريب لتلقي تدريبات تستهدف الخليج العربي. وأكد أن التحري مع المتهمين بدأ منذ أكثر من شهرين ولا يزال مستمراً، مشيراً إلى أن النائب العام السابق تاج السر الحبر، كان تلقى قبل أيام من استقالته، طلباً من النائب العام الإماراتي لتعاون دولي بتسليم متهمين يتبعون لتنظيم “القاعدة” إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

خطوة مهمة

مصدر لصيق بملف القضية أثبت لـ(الصيحة) أن السلطات الأمنية وضعت يدها على (9) على عناصر تنظيم القاعدة في الخرطوم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف سفارات دول خليجية في أفريقيا، واعتبر تلك خطوة مهمة تمت بعد رصد ومتابعة ومعلومات توفرت لجهاز المخابرات العامة عن وجود تلك العناصر بالخرطوم والذين ينتمون لجنسيات مختلفة، وأكد أن جهاز المخابرات خاطب عبر خطاب رسمي ممهور بتوقيع الفريق أول جمال عبد المجيد النائب العام السابق تاج السر الحبر لاستصدار أمر بالقبض على تلك العناصر التي رأى أنها تشكل تهديدا للأمن القومي، وقال إن النيابة المختصة عبر القوات المعنية بالقبض على عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، وجزم بأن النيابة فور إلقائها القبض على المتهمين دونت في مواجهتهم بلاغاً وشرعت في التحري والتحقيق معهم.

قرار قضائي

وعلى إثر الطلب الذي تلقته النيابة من نظيرتها الإماراتية لتسليمها اثنين من تلك العناصر، طلب النائب العام المكلف مولانا مبارك محمود من نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة مده بملف البلاغ للنظر في طلب التسليم الوارد من دولة الإمارات، معلومات الصحيفة تؤكد أن التحريات والتحقيقات مع المتهمين لا زالت مستمرة. مصادر الصحيفة قالت إن أي خطوة لتسليم متهم إلى دولة أخرى يتطلب قراراً قضائياً من المحكمة، واستبعدت المصادر تسليم المطلوبين من تلك العناصر إلى الإمارات، وعزت الأمر إلى أن تلك العناصر تم تدوين بلاغ في مواجهتها لدى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، وبالتالي لا بد من إكمال البلاغ ومحاكمتهم داخل السودان ومن ثم النظر في طلب التسليم الوارد من الإمارات.

أرض الواقع

رغم وجود عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة، إلا أن مراقبين يستبعدون أن تكون هنالك ثقافة في المجتمع السوداني، ولكن لا يمنع ذلك أن التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية عملية مستمرة لكل فئة خارجة عن القانون.

ولكن استبعد الخبير القانوني أبوبكر عبد الرازق في حديث لـ(الصيحة) أن يقوم النائب العام بتسليم تلك العناصر إلى أي دولة, وقال: هذا ليس من اختصاصه وإنما من اختصاص وزارة الداخلية ومجلس السيادة, وأضاف النائب العام حتى وإن إصدر قراراً يخضع للمراجعة, لأنها مسألة سيادية, والجانب الآخر إذا كانت هنالك اتفاقية لتبادل مجرمين لن يستطيع النائب العام تسليمهم إلى الخارج, إلا إذا تأكد أنهم مجرمون. وقال: بالطبع يمكن محاكمتهم بالقوانين الداخلية, إذا كان هنالك متهمون بالانتماء للقاعدة ارتكبوا أفعالاً مجرمة بموجب القانون السوداني، وثبتت عليهم البينة كان يتوجب على النيابة إحالتهم للنيابة للمحاكمة.

عبر الإنتربول

ورأى عبد الرازق أن دولة الإمارات إذا طلبت أي مجرم ينبغي أن تطلبه عبر الإنتربول وببينات حقيقية، وفي نفس الوقت وجود يومية تحري تؤكد على طبيعة البينة وصحتهاً، فضلاً عن أن لا يكون ذا اتنماء سياسي وحتى وإن كانوا ينتمون إلى تنظيم القاعدة فهم سياسيون، وحتى لو كانت هنالك اتفاقيات ثنائية لا ينبغي أن يسلم ذوو الانتماء السياسي الذين ينبغي أن يسلموا هم الذين ارتكبوا جرائم بموجب قانون الجنائي الموضوعي، وليست هنالك شبهات الانتماء السياسي أو هدف سياسي مطالب به.

حصاد وحساب

ويقول المختص في شؤون الجماعات الإسلامية الهادي محمد الأمين في تحقيق منشور له بعنوان سودانيون في (القاعدة), يقول: السودان يصنف (كمنطقة منخفضة) بمعنى أنها جاذبة، وتفتح شهية التنظيمات الجهادية لاستقطاب من يوالونها بسهولة، هذا بالإضافة إلى اتساع وطول الحدود المفتوحة في الشريط الفاصل بين السودان وليبيا وكثرة المنافذ البرية وصعوبة مراقبتها رغم ما تقوم به القوات الحكومية، إلا أن حالات التسلل عبر المثلث الصحراوي الرابط بين السودان مصر وليبيا ضربت رقماً قياسياً العام المنصرم..

هشاشة أمنية

يربط الخبير الإستراتيجي العسكري أمين مجذوب بين بروز مثل هذه الظواهر والأوضاع الداخلية المضطربة والهشاشة الأمنية في شرق السودان. ويقول مجذوب لموقع (سكاي نيوز عربية) إن من المتوقع أن تعمل أجهزة مخابرات خارجية بعينها على زعزعة استقرار السودان عبر مختلف الوسائل مستغلة حالة الحرب الحالية في حدود السودان الشرقية. ويشدد مجذوب على أن ضعف الأجهزة الأمنية في مقاومة مثل هذه التنظيمات يغري تنظيمات جديدة للإعلان عن نفسها في محاولة لإيجاد روابط خارجية توفر لها الدعم والتمويل.

انضمام للتحالف

وسبق للسودان أن أعلن انضمامه لتحالف الساحل والصحراء من أجل مكافحة الإرهاب باعتبار أنه امتداد طبيعي لدول الساحل ضمن الصحراء الإفريقية الكبرى التي يمكن أن يتسرب من عبرها عناصر تنظيم (القاعدة) إلى إقليم دارفور.

وجدد السودان مطلبه بالانضمام إلى المجموعة (تضم موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد) بصفة مراقب. ويبرر عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر، الذي حضر القمة، سبب هذا الإصرار على الانضمام للمجموعة بهدف لــ”تعزيز التعاون بين دول الإقليم لمجابهة التحديات المشتركة خاصة: الإرهاب، والجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية، والفقر.” مشيراً إلى “تشابه التحديات وتشابكها بين السودان ودول المجموعة”. ولأن السودان جزء من الصحراء الإفريقية الكبرى، تنتشر بها على نطاق واسع شبكات تهريب السلع والبشر والسلاح والمخدرات.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى