عبد الله مسار يكتب : رسالة مفتوحة لهؤلاء الإخوان

 

السادة:-

الأستاذ علي الريح السنهوري

الأستاذ عمر الدقير

الأستاذ فيصل بابكر

الأستاذ ساطع الحاج

الأستاذ بولاد

الدكتور حيدر الصافي

وبقية قادة الحرية والتغيير الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية الآن.

تحية طيبة وبعد:-

لما قامت ثورة الإنقاذ في الثلاثين من يونيو1989 بقيادة عساكر تحت مظلة وغطاء الجبهة الإسلامية، نكلت بقيادات الأحزاب وخاصة حزب الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي وأحزاب اليسار وخاصة الحزب الشيوعي ودفعت بنا الى السجون والحبس المنزلي والحبس في بيوت ومنازل تتبع لجهاز الأمن، وقضينا أغلب السنوات الثلاث الأولى في المحابس، يخرج الشخص ليعود إليه مرة اخرى، وقابلنا كثيرا من قادة الأحزاب الحاكمة اليوم في السجون بالذات الحزب الشيوعي، وتعرض كثير من المحبوسين في ذمة الرأي والعمل العام والسياسي لصنوف من العذاب، مصادرة الممتلكات والتشريد والطرد من الخدمة والوظيفة العامة، وأغلب السياسيين ذهبوا الى المنافي، ولكن رغم الضيق وصنوف العذاب لم يستسلم قادة ونشطاء العمل العام والسياسي وواجهوا كل صنوف العذاب بثبات وصبر وجلد شديد.

بل أغلبهم وهم في السجون وبيوت الأشباح كانوا على تواصل بالخارج لعدم إيقاف العمل المعارض، وأقاموا  وأسّسوا التجمُّعات المعارضة حتى المسلحة وحتى (التجمع الوطني) نشأ في هذا الظرف.

نفس المشهد كان في مايو 1969، والسنوات التي تلت استعملت كل صنوف العذاب إبان حكم الشيوعيين وبعده، وأنشأت لجان التطهير، وصُودرت الممتلكات باسم التأميم، وأقامت المجازر في الجزيرة أبا وود نوباوي وقتلت الإمام الهادي، وكذلك أعدمت عبد الخالق محجوب وآخرين، ولم تتوقّف المعارضة ضد النظام، بل قامت الجبهة الوطنية وأقامت المعسكرات في ليبيا وإثيوبيا، وتعرضت مايو لكذا   انقلاب وثورة، أشهرها ثورة سبتمبر وفِي رمضان، بل حتى هجوم مسلح من الجبهة الوطنية بقيادة العميد ركن محمد نور سعد، ولَم يستقر نظام مايو حتى بعد المصالحة الوطنية في 1977م وحتى سقوطه في ابريل 1985م.

وكذلك نظام الإنقاذ رغم البطش والتنكيل بالمُعارضين، ظلّت المُعارضة مُتّقدة ومستمرة حتى توقيع السلام في نيفاشا والاتفاقيات التي وُقِّعت في فترات مختلفة، منها اتفاقية الشريف الهندي وجيبوتي وقطر واتفاقية الشرق وابوجا ونيفاشا والحوار الوطني، ولكن كل هذا لم يُوقف المعارضة، بل لا القتل ولا الحروب لم تخيف المعارضة.

انا على الصعيد الشخصي تعرضت للاعتقال لأكثر من مرة، وقضيت ومعي الأخ المحامي صالح محمود من الحزب الشيوعي وآخرون تجاوز عددنا المائة وستة، وقتاً من الزمن في سطوح رئاسة جهاز الأمن الوطني وفِي رمضان دُون ظِلٍّ ولا فرش لمدة طويلة، وكذلك قضيت وقتاً في زنازين بيت الأشباح جوار عمارة الخطوط الجوية ومعي آخرون ردحاً من الزمن، وفي اعتقال بمنازل تتبع لجهاز الأمن والمخابرات وغير ذلك ذاقوا أصنافاً من العذاب، وَلَكِن لم يستسلموا وذهبوا بالثورة، بعضهم صالح هذه الأنظمة، وبعضهم استمر في النضال حتى سقوط الإنقاذ.

الآن انتم وآخرون تولّيتم حكم الفترة الانتقالية، لأنكم وقعتم على اعلان وميثاق الحرية والتغيير، وكذلك لا ينكر دوركم واحزابكم في النضال ضد الإنقاذ، ومعكم آخرون كتجمع المهنيين والحزب الشيوعي ولجان المقاومة وناشطون من أحزاب كالمؤتمر الشعبي وحزب دولة القانون الإصلاح الآن وحتى إشراقة محمود ومبارك الفاضل، وكذلك آخرون دون أحزاب والشعب السوداني، وكذلك ساعدت في ذلك بعض السفارات والدور الخارجي، حتى لحظة سقوطها وهذه شهادة شرف لكم، ولكن أيضاً فيه مسؤولية كبيرة  على إدارة البلاد والمحافظة على شعار الثورة (حرية.. سلام وعدالة) وكذلك عدم إبعاد أي شخص أو تنظيم، لأن العزل مكانه صندوق الانتخابات.

ثانياً، كانت الإنقاذ تستعمل عناصرها من الإخوان المسلمين والامن الشعبي، الآن انتم منتهجون نفس المنهج وهو منهجٌ خطيرٌ يجعلكم خارج القانون وفوق القانون، ويُعيد نفس الدرس الذي رفضناه في الإنقاذ وثُرنا ودخلنا السجون ضده، وهو سيطرة الحزب أو مجموعة أحزاب وان جهاز الامن الداخلي لَم يُصادق على قانونه حتى الآن وحتى ولو قام يجب ان يكون جهازًا حربيًا ولا جهازاً لقمع الشعب ولا لتكميم الأفواه ولا لكبت الحريات.

ثالثاً الوطن شراكة وحق المُواطنة مَكفولٌ لكل شخص ومحاسبة من ارتكب جُرماً أو أفسد، مسؤولية أجهزة  معروفة لا علاقة للسياسة بها.

رابعاً الحل لما نحن فيه هو الوفاق الوطني، وانتم قادة الأحزاب الحاكمة وعقلاء القوم، يجب أن تتصرفوا بدون اغبان أو مرارات،  بل ولا مصالح حزبية ضيِّقة وخاصة التضييق على العباد والعنف يولد عنفاً،  والسودانيون شعب لا يُقهر، عليكم  بالعمل على الاجماع الوطني وجمع الصف السوداني، وتجارب  العزل انتم اكتويتم بنارها، ارجو ان لا نكرر نفس المشهد الانقاذي في الفترة الانتقالية.

ايها السادة، السودان دولة تقوم على التسامح  والتراضي، ولَم تشهد تصفيات أو اغتيالات سياسية،  ارجو ان نركز على الديمقراطية والطريق اليها والحرية والعمل بها، ونجمع صفنا كسودانيين لنواجه مشاكل وطننا وهي كثيرة.

واخيراً ارجو ان تفهموا هذه الرسالة على حقها، وان  تنفذوا جميعاً إلى دعوة  دكتور حمدوك إلى الوفاق الوطني لان بلادنا احوج لذلك اليوم قبل الغد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى