بورصة الذهب.. ضمان الحصائل ومحاربة التهريب  

الخرطوم: رشا التوم

طيلة الفترة الماضية، ظلت سياسات بنك السودان بشأن صادرات الذهب في حالة من الشد والجذب ما بين احتكار  وفك  للشراء.

وكانت الحكومة دوماً ما تعلن عن سياسات في محاولة مستميته للسيطرة على الذهب المنتج شراءً وبيعاً وتصديراً وفشلت إلى حد ما في تطبيق الوصفة الصحيحة لمنع التهريب.

وأجمعت الأوساط الاقتصادية كافة على أهمية قيام بورصة للذهب في السودان.

ويرى الخبراء في الشأن أن الخطوة في إطار السعي  لإزالة العقبات التي كانت تواجه صادر الذهب من مصلحة الحكومة والبلاد ككل، وليس من المنطقي أن تستمر الممارسات السابقة التي أضرت بالقطاع كثيراً، لذلك كانت ولا زالت مطالب الإصلاح  في القطاع بالإضافة الى إقرار سياسات رشيدة ومحفزة لوقف الفوضى التي كانت تضرب صادر الذهب، ورغمًا عن القيام  بإصلاحات نسبية ومقدرة ولكن  مازالت  هناك العديد من المطلوبات.

بديل النفط

وقد اتجه السودان منذ انفصال الجنوب في العام 2011م إلى الاعتماد على صادراته من الذهب سعياً منه لتعويض فاقد نفط الجنوب، وارتقع سقف أهمية الذهب عقب اكتشافه في عدد من مناطق السودان المتفرقة، ونشط التعدين الأهلي، وحقق  إنتاجاً كبيرًا، ليصبح التحدي أمام الحكومة في الاستفادة من هذا الإنتاج وضمان دخول حصيلته خزينة الدولة، والتي فشلت حتى الآن في السيطرة عليه، وبات يهرب بكميات كبيرة بسبب سياسات بنك السودان المركزي التي اتسمت  بالتذبذب.

ويعتبر السودان من الدول الرئيسية المنتجة للذهب في إفريقيا. وحسب مسح جيولوجي أميركي، يعتبر السودان الثالث في القارة بعد جنوب إفريقيا وغانا.

عدم الثبات

إنشاء بورصة للذهب أمر نادى به الخبراء مراراً وتكراراً بأن تكون بورصة وشركة مساهمة عامة كما هو الحال في كل دول العالم وأن تعمل تحت مظلة بورصة الذهب.

وإنشاء البورصة يتطلب التداول بحرية عبر شركة مساهمة عامة وشركات وساطة وبيع وشراء الذهب داخل البورصة وتحت أعين الدولة والسلطة الرقابية.

خارج عن السيطرة

مسألة الذهب معقدة للغاية، وقد أشار المدير العام لشركة  الموارد المعدنية المهندس مبارك أردول في مؤتمر صحفي عقد بطيبة برس أن أكثر من 72% من إنتاج الذهب لا يدخل تحت سيطرة شركة الموارد المعدنية، وأن هناك أكثر من خمسين شركة تعمل لم توفق أوضاعها منذ سنوات طويلة وحتى إن هناك بعض الإنتاج يخرج عن سيطرة الحكومة في بعض مناطق النزاعات.

في الوقت الذي تفتقر فيه البلاد لخارطة جيولوجية لتحديد كميات الذهب الموجود داخل الأرض.

وأوضح أردول أنهم يسعون في هذه الفترة لإقامة بورصة الذهب التي ستسهم كثيراً في تثبيت عملية الأسهم وإعطاء الأمان للمستثمرين في هذا المجال، مؤكداً أن أسعار الذهب اليوم لا تختلف عن الأسعار بدبي الأمر الذي جعل عمليات التهريب غير مجزية بالإضافة إلى أنهم سينتهجون خلال الفترة القادمة سياسة المصادرة على اعتبار ذلك تخريباً للاقتصاد الوطني.

أصحاب المصلحة الحقيقية

وقال مدير شركة ماجدولين للتعدين بالسودان فيصل علي إبراهيم لـ(الصيحة)، إن البنوك المركزية في العالم  تتسابق على شراء سبائك الذهب وتخزينها  وأكبر وأسرع المشترين لسبائك الذهب الآن  هما الصين وروسيا،

فالصين لديها أربعة تريليونات دولار سندات  على الخزينة الأمريكية تريد أن تتخلص منها بتحويلها إلى ذهب، وهذا أحد أهم أسباب الحرب الاقتصادية بين الدولتين.

وأضاف: أما روسيا وبعد تصريحات رئيسها بوتين أن أمريكا تقوم بأكبر عملية احتيال في العالم كله، فأمريكا تطبع  أوراق خضراء لا قيمة لها يعني  (الدولارات ) والتي لا غطاء لها من الذهب كغيرها من عملات العالم الورقية وذلك بعد أن قرر الرئيس الأمريكي السابق  نيكسون برفع غطاء الذهب عن الدولار الأمريكي وتركه بدون غطاء وتشتري به امريكا  كل شيء في العالم؟! وهذا ما يجعل روسيا والصين وبقية دول العالم تقوم بالابتعاد والتخلص من الدولار الأمريكي.

مما لا شك فيه أن حمى الهروب وهرولة البنوك المركزية لاستحواذ وامتلاك وتخزين أكبر عدد ممكن من أطنان سبائك الذهب لماذا؟؟ لأن الذهب  فيه وبه تحفظ الثروة وأن الذهب ظل على مر العصور هو الملاذ الآمن للدول والأفراد.

وطرح  سؤال لماذا الآن تتكالب أقوى وأغنى  دول العالم وبنوكها المركزية على شراء الذهب؟ لأن البنوك المركزية هي من تطبع العملات الورقية لكنها الآن تواجه مشكلة خطيرة  للغاية.. فالتقدم التكنولوجي ساعد كثيراً في تزوير العملات الورقية في كل دول العالم.. فبجهاز حاسوب في المنزل يستطيع أي شخص اكتشاف وسائل الحماية لأي عملة ورقية، ثم يقوم بطباعة الملايين من العملات  بإتقان ودقة.. والأخطر أن أجهزة المخابرات العالمية دخلت في هذه اللعبة.. لضرب الدول والتسبب في انهيارات  اقتصادية واجتماعية وأمنية.

وأشار إلى أن البنك

1/ الفدرالي الأمريكي يخزن 8 آلاف طن.

2/ المركزي البريطاني يخزن 6 آلاف طن.

3/ المركزي الفرنسي يخزن 3 آلاف.

4/ المركزي الألماني يخزن 6 آلاف طن.

5/  المركزي الإيطالي يخزن 2 ألف طن.

مما يؤكد أن الذهب أثبت أنه مخزن للقيمة والقوة والثبات المالي والاقتصادي للدول والشركات والأفراد وهو ترياق لمكافحة التضخم ومنع الانهيارات الاقتصادية للدول .

محاربة التجنيب والتخزين

ودعا بنك السودان المركزي  أن يكون احتياطيه من الذهب وتحويل الودائع  إلى ذهب والقيام  بتخزين أكبر كمية من السبائك وأن تكون رحلة الذهب عكسية أي لا مجال للتصدير بل التخزين  والترحيب بالاستيراد أو تبديل السلع والخدمات التي تتم في السودان بالذهب وعلى البنوك المحلية والشركات الخاصة تجميع كميات كبيرة من سبائك  الذهب فى خزنها، وأن تعمل على توفير خزن للإيجار السنوي  في مواقعها لتستخدم من قبل  الشركات والأفراد كما هو معروف في كل البنوك العالمية.

وعلى رجال الأعمال والأفراد الاحتفاظ بأكبر عدد من الجنيه الذهب، وعدم استخدام أو تخزين النقد الأجنبي أو الوطنى  في ظل  تضخم العملة الوطنية التي بدأت تفقد قيمتها تدريجياً وكذلك عدم التداول بأي  عملة إلا عبر التحويل المصرفي الإلكتروني والذي أصبح الآن متاحاً  في كل بنوك السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى