مدني النخلي يكتب : هاشم ميرغني.. غيب وتعال!! طيلة 21 عاماً عرفت فيها هاشم م

..رغني عشنا نلتقي يومياً أو نتهاتف إن لم نلتق حتى افترقنا بمغادرتي الدوحة.. لم أودعه  عمداً.. فقط التقيته قبل سفري بيومين وتناقش معي في العدول عن العودة النهائية أو نقل كفالتي… واتفقت معه ان التقيه قبل سفري لكني لم أفعل لأني أعرفه جيداً فهو من الرقة والالفة لكل الناس لا يطيق الوداع .. جاء في ليلة وداعي في مركز أصدقاء البيئة وبعد الغناء الحزين قرأ قصيدة في وداعي وطفرت الدموع من عينيه المجهدة لأنه جاء للاحتفال من مكتبه رأساً ولم يذهب لمنزله للقيلولة وأنا أغرف أنه يعاني من مشاكل صحية جمة..

هاتفني حزيناً بعد وصولي الوطن وطلب مني أن اتواصل معه وأبلغه عن أحوالي وأكد لي أنه جاهز لأي عودة لي للدوحة إذا لم أتأقلم أو أنجح في الاستقرار. وتواصلنا لفترات متقطعة.. كان يسمعني جديده خاصة كتاباته ويستطرد رأيك شنو؟

كنت أيام الدوحة في البروفات أقول له يا هاشم ركز لينا في الغناء والألحان خلي الكتابة علينا وكان يرد… أنا بكتب إحساسي ملحن وبلحن إحساسكم… وكان محقاً.. عدة مرات يكون في حالة دندنة وساعات تجليه أوقات الغروب.

كانت له شرفة في شقة المطار القديم تطل على غروب الشمس صالونه الجميل نافورة صنعها بنفسه باستخدام أدوات محلية وأوصل عليها إضاءة ملونة… يتسلطن في عزفه ويكاد العود أن ينطق وأثناء ذلك يغني ويكرر الجمل  بكل الشجن المصاحب لكلماته ونغماته عندما يفرغ من سلطنته ويضع العود يرشف شفطتين من قهوته ويقول ده ارتجال فوري كلمات ولحن وأداء… يا سلام

قبل رحيله بيومين اتصل علي الضهر وكان صوته مجهداً ويأتي من بصعوبة ..قال لي أنا تعبان.. أنا انتهيت أنا افتكرت أنها مشاكل العمل والمقاولات والجهد والإجهاد اليومي المعروف عنه.. رديت عليه يا هاشم يا خي قلل من ساعات عملك وارجع البيت بدري لكنه بادرني  لا لا أنا تعبان حاسي اني انتهيت صحياً مازحته يا راجل خلي الكلام ده واخد ليك يومين راحه… وودعني وأغلق الهاتف لم أهتم لأني متابع مشاكلو الصحيه ودايما يخرج منها بابتسامته المعهودة وعند خروجه من المستشفى عادة ما أكون أول الواصلين لأخذه للبيت ويردد أخوك جبل ما بهزه ريح والحمد لله…

في مساء يوم رحيله كان وسط أولاده وشريكة حياته اختنا فاتن وعندما تضايق وكانت حالته الصحية متردية جداً لم يكن قبلها يشكو من أي متاعب وجاءني صوت صديقي الفنان عادل التجاني وصديقه.. مدني كيفك البركه فينا وفيك هاشم مرغني اتوفى..

لا حول ولا قوة إلا بالله الدوام لله… للمره الثانيه أفجع في أخ وصديق وفنان.. حقاً أمثال هولاء يضيق بهم المكان وكما قال لي ذات مره أنا قلبي ده متعب ويتعبه اكثر حب الناس والجمال…. رحم الله هاشم مرغني الفنان الإنسان الشاعر المغني العازف الماهر.. الملحن التشكيلي.. المهندس.. الطيب الرقيق..أخو الناس وحبيبا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى