التضخم يضاعف محنة المواطنين وزيادة التردي المعيشي

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

تزداد الأوضاع الاقتصادية سوءاً مع تواصل معدل التضخم في الارتفاع شهرياً، وسجل معدل التضخم بالسودان لشهر مايو الماضي ارتفاعا كبيراً إذ بلغ 378.79% مقارنة بـ 363.14% لشهر أبريل، أي بمقدار 15.65 نقطة مئوية، وعزا الجهاز المركزي للإحصاء في بيان، هذا الارتفاع في التضخم بمجموعة الأغذية والمشروبات والوقود، الذي ارتفع إلى 597.87% في مايو، على أساس سنوي من 526.88% لشهر أبريل الماضي..

انعكاس سلبي

وانعكس هذا الوضع سلباً، على قطاع عريض من المواطنين، حيث تتصاعد أسعار السلع والمستلزمات الاستهلاكية بشكل جنوني منذ مطلع العام الحالي، وشملت الزيادات كافة السلع دون استثناء، فيما تخوف تجار من استمرار الارتفاع، معتبرين أنه مهدد حقيقي لحركة السوق وتقليل القوة الشرائية لأدنى مستوياتها، ويقول تجار إن القوة الشرائية تمضي في تراجع وقالوا إن معدلات تصريف البضائع أقل من الفترة السابقة، مشيرين لتأثير ارتفاع الأسعار على قدرة المستهلك على توفير احتياجاته من السلع، وأعلن تجار تقليل توريد البضائع لحين استقرار الوضع، ومع ارتباط كثير من السلع بالاستيراد بات الوضع أكثر تأزماً بعد تواصل ارتفاع أسعار الدولار الذي قارب الـ “480” جنيهاً.

معاناة متزايدة

وتضاعفت معاناة المواطنين من محدودي الدخل والشرائح الضعيفة بسبب عجزهم عن توفير متطلبات المعيشة، بسبب الزيادات المستمرة في الأسعار، ويقول مواطنون إن هذه المتطلبات باتت أثقل من أن يحملها كاهلهم المثقل أصلاً بالتزامات متعددة تشمل السكن والغذاء والمواصلات والتعليم والعلاج، كمتطلبات أساسية، فيما استغنى الكثيرون عن الكماليات لأن الحصول عليها أصبح “بعيد المنال”، وتضاعفت المسؤولية أمام المواطنين بعد تخلي الدولة عن كفالة حق التعليم والعلاج وقصور مساهمتها فيهما، كما تأثر المواطنون سلباً بتحول بعض الخدمات لشركات تتحصل أموالاً نظير تقديم خدمات ورفع أسعارها مثل المياه والكهرباء.

وأثرت الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد منذ سنوات، على قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الحياتية وتوفير المتطلبات خاصة في مواسم الأعياد والمناسبات، وزاد الأمر سوءاً تراجع قيمة العملة الوطنية وتصاعد التضخم واستمرار أزمة السيولة في بلد تصنف نسبة عالية من مواطنيه بأنهم تحت خط الفقر، حيث تعتبر معدلات الفقر في السودان عالية.

ويعاني آلاف العمال وصغار الموظفين من ذات هذه المشكلة حيث لا يكفي راتبهم المتدني لمقابلة غلاء الأسعار المتصاعد يومياً مع ثبات الأجر الذي هو أصلاً لا يتناسب مع متطلبات المعيشة، كما تتقاصر الجهود الحكومية عن تخفيف أعباء المعيشة عن هذه الشرائح على الرغم من إقرار الموازنة الحالية رفع الدعم الاجتماعي إلى ألف جنيه لمليون أسرة فقيرة، وهو لا يمكن تلمسه بوضوح حيث يشكك كثير من المختصين في تنفيذ الحكومة للدعم الاجتماعي بحسب ما جاء في موازنة 2019م، كما أن كثيراً من المواطنين يقولون إنهم يسمعون فقط بالدعم الاجتماعي ولم يصلهم.

ويصف يوسف الماحي وهو موظف بإحدى الشركات الخاصة، الواقع بأنه بات “أصعب مما كان”، وقال إن ما يوفره الراتب لا يتجاوز 20% من الحاجة الفعلية، موضحاً أن سد هذا العجز يكون بالتنازل عن العديد من المتطلبات إجبارياً والاكتفاء بالمستلزمات الغذائية فقط، وتوفير بعض متطلبات المدارس على دفعات، موضحاً أن الغذاء يتصدر ترتيب الأولويات حيث لا مجال لمحدودي الدخل والموظفين للتفكير في اقتناء كماليات لا تسعفهم إمكاناتهم لشرائها.

وحذرت خبيرة الاقتصاد، د. إيناس إبراهيم من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقالت لـ “الصيحة”، إن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وقالت إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين والتي قالت إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة على الإنتاج وكثيرًا ما يتكبدون الخسائر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى