عبدالله مسار يكتب : الفوضى (أم كواك)

رفعت الحكومة الدعم عن المحروقات (بنزين وجازولين)، وقامت بتحرير كامل لسعر سلعتي البنزين والجازولين، وجعلت سعريهما حسب الجنيه مقابل الدولار، ويترتب على ذلك ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات، وغلاء فاحش فوق طاقة الغني قبل الفقير، ويتوقف الإنتاج لا صناعة ولا زراعة، بل تتوقف حركة العاملين وتتوقف المواصلات، بل تزيد تكلفتها وتكون غير متاحة للفقير والعامل والموظف. يبلغ الغلاء مداه ويتعطل دولاب العمل، وتتوقف الخدمات الأساسية، مياه وكهرباء وعلاج أو تزيد بأسعار خرافية، ولن تكون في متناول يد المواطن.

وهنا تحدث الفوضى (أم كواك) العارمة التي تضرب كل مدن وريف السودان، وهذه الفوضى يستغلها المجرمون ويحولوا الامر من ثورة ضد زيادة المحروقات الى انفراط أمني، سلب ونهب وسطو، ويقابله تراخٍ من القوات الأمنية، لأنها تخشى أن تجرم لو تصدت لهذه الأعمال التخريبية، لأنها جُرمت وشُيطنت من قبل، ودفعت ثمن قيامها بواجبها تجريماً وسجناً، بل استخفافاً حتى قيل فيها (كنداكة جاء بوليس جرى).

ولذلك تتعامل مع الأحداث الآن باحتراس، وهذا يجعل الوضع الأمني يتفاقم وتسير البلد إلى الفوضى الكبرى مرحلة (أم كواك)، مرحلة غياب القانون والقوي يأكل الضعيف.

وتتغيّر الثورة من سلمية الى فوضى تعم القرى والحضر وخاصة الخرطوم، لأنها قابلة للانفجار لوجود حقد بين فئات المجتمع، وخاصة بين سكان أطراف وحول مدن الخرطوم، وشعور هؤلاء أن توزيع المال والخدمات غير عادل، وأن الحكومة غير مهتمة بهم، خاصة وأنهم كانوا وقود الثورة ولم يجنوا منها شيئاً، صنعوها وماتوا فيها وذهبت لغيرهم وصاروا ضحاياها، وحصل على خيرها غيرهم، ذهبت خراجها إلى المنعمين الذين تلاقوا معها في آخر اللفة، بل حتى الذين نالوا الحكم أهملوا هؤلاء وصاروا ضحايا ثورتهم، والثورة أكلت بنيها وصاروا لئاماً في مأدب الكرام،

وهكذا تحول الأمر من ثورة إصلاح وإصحاح وتغيير ومطالب مشروعة إلى (أم كواك) ودخلت البلاد في نفق مظلمٍ.

الآن الأمر يحتاج إلى تدابير، تولها معالجة آثار تحرير المحروقات على الطبقات الضعيفة والإنتاج.

ثانياً عمل إجراءات أمنية وقائية مع ترتيبات اقتصادية.

ثالثاً معالجة جذور الأزمة، وهي الأزمة السياسية التي تحتاج لحلول سياسية.

رابعاً مخاطبة احتياجات الشعب ومطلوباته وخاصة الريف والفقراء.

خامساً طرح مشروع وطني وبرنامج وطني يغطي الفترة الانتقالية وما بعدها.

سادساً انسجام الأجهزة الحاكمة وتعاونها مع بعضها.

إذن يُمكن احتواء ازمة تحرير المحروقات بخطوات جدية وجادة، وإلا فإن الفوضى (ام كواك) ستضرب أطنابها، وآخر الفوضى انهيار الدولة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى