يحلم بدخول الموسيقى السودانية إلى مسارح العالم المضيئة .. الموسيقار حافظ عبد الرحمن.. موسيقى تفوح منها رائحة كل ذرة

 

وجه أسمر:

وجه أسمر، كأنه منحوت من جذع شجرة صندل، يشع طيبة وثقة. ومنكب عريض، محشو بخليط من كبرياء ورئتان واسعتان يبدو أن لهما مهمة واحدة: نفخ الغبار عن تراث موسيقى السودان. إنه “فلوت السودان” حافظ عبد الرحمن، الذي يحلم بحمل الموسيقى السودانية إلى مسارح العالم المضيئة.

مزمار السودان:

بقصبة “فلوت” ومزامير تملأ حقيبة عتيقة، يدوزن الموسيقار حافظ عبد الرحمن كل نوتة موسيقية شاردة أو واردة في بلده لمواجهة خطط التقسيم، وطواحين الانفصال. هو أكثر العارفين بأن لغة الموسيقى، ولا شيء غير حروفها السبعة، القاسم المشترك الذي لا تتناطح فيه رؤوس الوحدة.

رسالة واضحة:

رئتاه لم تشكوَا قط لهث أوداجه، وإدمان شفتيه على النفخ المتواصل بحثاًعن آذان مؤمنة، وقلوب مطمئنة بروح السلام ورفض جهنم الانقسام. رسالته واضحة “السودان وطن واحد، لا يقبل القسمة على اثنين”. وكانت آيته شهيق من البوح الخالص، وزفير من الفرح الآتي، وبينهما نفحات وجدانية تقطر عذوبة وطرباً وموسيقى تفوح منهارائحة كل ذرة تراب في بلاد المليون ميل.. بجهد فردي، وإيمان عميق، أمضى سحابةعمره لاهثاً بين سهول أقاليم الشرق وصحارى الغرب، ونجود مناطق الشمال وأحراش الجنوب، بحثاً عن مساقط النغم ومنابت المقامات الموسيقية بين تلافيف أكثر من 20 ولاية، تشكل بتنوعها وطبوغرافيتها فرقة أوركسترا السودان.

روح السودان:

يقول الدكتور عبد الباسط عبد الماجد الذي تولى وزارتي الثقافة والتربية والتعليم في السودان في وقت سابق “حافظ استنطق آلة الفلوت وجعلها تعبر عما يريده من أغان وعلى كل المقامات”. وزاد: “لقد حمل روح بلده وشخصيته إلى العالم، وأثبت انفتاح السودان وتعدديته، وأنه ليس بلداً إسلامياً منكفئاً على ذاته. أهمية حافظ أنه بات ممثل السودان البلد الواحد، المتنوع الثقافات”.

، من تبنى موهبة حافظ عبد الرحمن. ولمن تدين بذلك؟

لا أحب أن أظهر الآن كرجل مغرور. وأرجو أن أكون صادقاً عندما أقول إنه لم يدفعني أو يتبناني أحد، كما أني لم أتأثر بأحد. دعني أقول ذلك بمنتهى الصراحة.

ـ ألا يشعرك ذلك بالمسؤولية أكثر للحفاظ على نهجك، وضمان امتداده الطبيعي عبر جيل جديد يحمل الشعلة؟

منطقياً، هذا شيء مهم جدا. لكن الآن من الصعب تكرار النماذج. البصمات لا تتكرر. نعم لدينا جيل جديد، لكن هناك فارق في العمق. ربما لأن زماننا كان أفضل حالا من زمانهم، وبيئتنا أكثر خضاراً وجمالًا ومليئة بمعانٍ جميلة كنا نعيشها وليست موجودة الآن بحكم الإيقاع السريع للحياة ذاتها. بصراحة، أنا لا أحسن هذا الدور (التبني). لدي الآن حلم يملأ الخاطر بالوقوف على المسرح الروماني الذي وقف عليه جورج زانفير، والمسارح التي وقف عليها سير جيمس غالوي في النمسا وألمانيا، وأن تعزف معي فرقتي هناك.. كل ما يشغل بالي الآن أن أصل بالموسيقى السودانية إلى جميع المسارح العالمية المضيئة، أذهب وأعود في رحلات تشبه رحلات الصيف والشتاء.

ـ لماذا؟

لدي رسالة كبرى تجاه وطني. وأشعر أن هناك أشياء كثيرة يجب أن نعطيها وفاء للإنسان السوداني الذي يحوم حولي، ويلقاني باسماً في الطرقات، ويحضر حفلاتي الموسيقية. وبالرغم من أنني طفت كثيراً في العالم، وكانت لدي فرصة كبيرة لأن أعمل في الخارج لكنني أفضل أن أمضي بقية أيام عمري، وآخر أنفاسي هنا فوق تراب السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى