فضل الله رابح يكتب : نموذج للأحلام الفردية الصغيرة

تابعت باهتمام الذي حدث للأستاذ يس العاص الذي نصب نفسه رئيسًا لمسار شمال كردفان التفاوضي مع الحكومة الانتقالية حول قضايا وهموم الولاية، فهو منبر صنعه العاص ولد صغيراً بحجمه وليس بحجم أهل كردفان وببطاقته يتحرك العاص ويتحدث للناس ويطالب وهو جسم مصنوع بدون شرعية شعبية ولا ممارسة انتخابية لذلك النتيجة الحتمية أن يحدث نموذج الفوضى الذي حدث والتعدي الجسدي واللفظي الذي تعرض له يس العاص من أهل الولاية أثناء إقامته لنشاط باسم المسار، إذ اعتبره نشطاء من أهل الولاية نشاطاً غير مشروع ومرفوض وأنه ليس إلا حلماً فردياً صغيراً يمثل العاص وليس قوميًا حجم طموحات كبيرة لأهل شمال كردفان بكل عمقها التاريخي.. إن الذي حدث قد تنبأت به من قبل وتواصلت مع يس العاص ونقلت له وجهة نظري في المسار وخطورة ما يقوم به من نشاط، وكذلك نقلت له وجهة نظر آخرين استمعت إليهم هم يرون أن العاص نفسه غير مؤهل للتعبير باسم أهل الولاية وأن المسار باطل وليست له أرجل تسنده ولا قاعدة شعبية يقف عليها لكن العاص لم يستمع الى عقلائهم ولم يستحسن حديثي ونبوءتي وكذلك تجاهل رؤى وملاحظات آخرين كثر لديهم عمق اجتماعي وإثني بشمال كردفان وهم أكثر تأثيرًا في الولاية وبالتالي العاص يتحمل نتيجة ما جرى له فهو بتصرفاته الرعناء أسهم في تشكيل مواقف الآخرين ضده وضد فكرته وأصبحت عنصراً رئيسياً في طريقة وأسلوب تعاملهم معه ـ

كثيرون من أهل شمال كردفان يرون أن فكرة المسار طريق مخادع يهدف لضياع حقوقهم وآلية لتسويق شخصيات مغمورة سياسيًا واجتماعياً، ولذلك هذا وغيره كان سببًا في تعامل البعض مع العاص بتلك الفظاظة رغم أنه إنسان طيب ولا يستحق كل ذلك.. إن ما حدث للعاص يمكن أن يحدث لأي شخص آخر مثله خاصة (المبتورين) أو يمكن أن تتعرض له وتأتي بفكرة (مبتورة بلا سيقان)، لكن العاص بتصرفاته وما حدث أكد أن ما افترضته فيه في السابق كان صحيحًا ولم تكن محض ظنون وبتصرفاته اللا واعية التي قادته للتصادم والتعارك مباشرة مع الأغلبية أكد كل المخاوف والمحاذير التي كنا نقولها ونحذر منها في أن تكوين مثل هذه الأجسام الهلامية سوف تثير حفيظة البعض وستخلق مشاكل وتوترات واستفزازات وسط مجتمعات ظلت مستقرة وآمنة فتدفع بالبعض الى صناعة المؤامرات وتولد العنف والخطاب العنصري البغيض، على أية حال نأمل أن تكون هذه محطة يراجع يس العاص من خلالها كل من يتبنى مواقف سياسية لمجتمعات وهو ليس متجذراً فيها، وعليه أن يراجع خطابه وطريقة تعامله مع تلك المجتمعات سيما تلك التي تعيش في مناطق ريفية نائية تراهم أناساً بسطاء لكنهم على قدر من الوعي والذكاء، فإذا تشكلت قناعاتهم تجاه شخص أو مؤسسة بصورة سلبية ستكون نتيجة مواقف متراكمة ولم تكن وليدة صدفة ولا تهور عابر وإنما قناعة رسخت بالتجربة، ولذلك لابد لمن يتعامل معهم أن يأخذهم بإيجابية حتى يكسب ثقتهم وتزداد قناعتهم فيه وفيم يفكر تجاههم.. إن ما تعرض له يس العاص مصير ينتظر كثيرين نشطوا بعد ثورة ديسمبر وطرحوا أنفسهم زعماء وقيادات مرحلة لكنهم غير مألوفين للمجتمع بل أكثرهم مرفوض وملفوظ ويحتاج الى كثير من المساحيق لتجميل صورته السياسية والاجتماعية الشائهة ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى