علي مهدي يكتب.. جهود سمو الشيخة الأم فاطمة بنت مبارك، لتعزيز أدوار النساء في بناء السلام وحل النزاعات

دهاليز

علي مهدي

جهود سمو الشيخة الأم فاطمة بنت مبارك، لتعزيز أدوار النساء في بناء السلام وحل النزاعات

تعزيز دور النساء في بناء السلام وحل النزاعات

المرأة والنزاعات المسلحة قوى متساوية لسلام دائم

دور النساء في أوضاع ما بعد النزاع وفي مفاوضات السلام

نيويورك مدينتي الأحب، ظللت لا أفتر من التجوال في مناحيها،  تشغلني كثيرًا، بانتظام الكثير فيها من الأنشطة والبرامج، أعودها مرارًا  ثم تكرارًا وبإصرار، وظللت طرفًا اصيلاً منها، صابرًا، على ضجيج وتنوع ومحبة أهلها. ظلت تشهد معي بعض فتوحات كبرى لي في مسارحها، وقاعات الدرس فيها، ومنتديات الحوار في مؤسساتها ومنظماتها الثقافية والفنية والعلمية.

وحقيقة قدمتني باتقان إلى عوالمها، ومنها كان تجدد علاقاتي حتى السياسية، -إذا وجدت – منها وفيها،  وغير ذلك.

يوم جئتها أول مرة، والعود لين، يافع الظل، أنشد حضورًا إبداعياً، يعاظم كل مرة من شراكات البناء الإبداعي التي أنشدها مبكرًا. ومنها (نيويورك) مدينتي الكبرى، خرج  حلمي ليعبر من القطري والإقليمي إلى الأممي، مثل ما فيها، (نيويورك) تمشي كما نحب ونعشق، ثم إنها مدينتي في ذاك الصيف أبهجتني باستقبال خاص. أول مرة أدخل مبنى الأمم المتحدة، غير بعيد، شرق النهر . المبنى البديع، فيه كل جديد، ذاك تاريخ بعيد، منتصف ثمانينات القرن الماضي، أربعة عقود تزيد ولا تنقص إلا قليلاً. نذهب في رحلة طويلة،   مسافات ومسافة، بعيدة تلك الأوقات، يدخل ليلها في صباحات، نرجوها كنّا فرص للحياة الأفضل، ندخل مدن، عواصم، قصور، رئاسات الدول، ومراكز الجمهوريات، ومباني عتيقة، والحضارات سادت، ثم ما كان فيها شيء.

يوم جئنا ندعم جهود مبدعين من العالم، أدركوا ضعف الإنسان ساعات المحن، والأرض جفاف وتصحر، والنَّاس جوعى، وقبلها عطشًا قاحلاً، لا ماء يبل الريق، ولا كلمة تدل على أننا هنا.  ووسائط الإعلام تنشر التصاوير المخيفة، المهيبة، المخيبة لفرص النجاح، وما كان لأسباب النجاة فرصة تلك السنوات، تحولت المدن الى صحارى، جفت الأنهار، وما عاد الإنسان هو الإنسان. كانت تلك لحظات تعرفي الأقرب للأمم المتحدة ووكالاتها يومها، ومدخلي للعمل الإبداعي، لما يمشي مع جهود الإنسان لتحسين أوضاع أخيه الإنسان، دون تفريق في دين، أو عرق، أو ثقافة، ثم أصبح بعدها جزءاً من سعيها من أجل  رفاه الإنسان.

ذاك هو المبنى العتيق في أهم مناحيها (نيويورك) أمشي إليه من فندقي العتيق هو أيضاً عرفته لسنوات في الشارع السابع، غير بعيد عن دور العرض، الفخامة تزينها من بابها إلى صالاتها، وأبوابها مفتوحة، جداولها للعروض المسرحية تتجدد، والجمهور حاكم. لكنني يوم جئت أعرض الفرجة (بوتقة سنار)، اختاروا لي مسرح (لماما)، مغاير وفريد في المعنى والعمارة. والسيدة (ألن استيورد) المؤسس، باعدت بينه والشارع الأشهر (بردوي).

وكانت فرصتي أن أعيد من إجلاس الجمهور على نسق مغاير، وتركت مركزي وسط المسرح، والهامش جمهوري، لكنه في دائرة، يصبح المركز، ونحن وسط الفرجة الهامش، ونتبادل، ويساعد ذلك في تيسير تقديم العرض الجديد على المسرح الأمريكي.

كان الاول وكنت قد قدمت العرض الأول في ختام المؤتمر العام للهيئة الدولية للمسرح ITI يونسكو في واحدة من أجمل قصور مدينة  ) مدريد- أسبانيا).

ثم كان عرضة الثاني في تلك المدينة التي أحب وأعشق (نيويورك)

ازورها للخدمة، لم أشهد فيها أياماً للفسحة والتجوال، لكنني سعيد بها، وبالجهد الكبير للأمم المتحدة ووكالاتها، زرتها مرة أجدد اللقاء مع مؤسسة (فورد)، رئاستها غير بعيدة عن المباني التي تفضي بك، وإن تهت نحو ملتقى العالم  الأمم المتحدة. المؤسسة والتي تعمل في نطاق واسع، وترعى الفنون ونتائجها، أخذتني مرتين إلى أمريكا  الجنوبية، زرت (البرازيل)، نتشارك برامج السوق الثقافية الدولية، وتلك حكاية لكن ما زرتها (نيويورك) إلا مررت عليهم، أنشد النظر بتقدير إلى جهودهم في تأسيس برامج تعاون مثمر، شمال جنوب، وكل الاتجاهات الموجبة، تنتج تعاون، وتحقق نتائج. أحسبها من المعينات على تحمل مشقة الحياة في أوقات النزاعات والحرب التي تنشأ أحياناً كثيرة بلا أسباب جوهرية، وإن كنت أظن صادقاً ما لحرب سبب يفجرها إلا ظلم الإنسان لأخيه الآخر، ودون أن تدري الحرب نفسها، تتسع دوائر الموت المجاني،  وتنهار أسباب الحياة.

فتمشي الأمم المتحضرة نحو بحث حقيقي لإيقافها الحرب اللعينة، وتتراجع معدلات التنمية، وتضييق فرص التقدم، وتقف الأمم المتحدة ووكالاتها في مفترق الطرق، إذا وجدت طريقاً، لإنشاء المبادرات الإنسانية الخلاقة، لا لإيقاف النزاعات فحسب، ولكن لتحسين الأوضاع بعدها الحرب، وتلك كانت واحدة من أسباب زيارتي  يومها لمدينة (نيويورك)

جئتها والجمعية العامة كانت قد بحثت في مطلع العقد الماضي إمكانية فرص استكمال جهودها لإيقاف الحروب الأهلية، وخاصة في أفريقيا من أجل الأطفال، كما قلنا مرة، يوم جئنا تسبقنا جهودنا المشتركة في تأسيس الحركة الدولية من أجل الأطفال والزعيم (نلسون مانديلا) يقود الفكرة. وتقاسمنا المبادرات، هنا في الوطن مشينا على أرجلنا من مدينة (مدني) ليومين حتى وصلنا الخرطوم، نتوقف في المدن والقرى لنغني وندعو الناس ليقولوا نعم من أجل الأطفال. ونجحنا ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، كانت الأسعد، ومثلنا عبر أهل الفن في العالم. وبعدها أضحت أدوار المبدعين والقيادات الروحية، وأصحاب المبادرات هم الأقرب لمشروعات وجهود الأمم المتحدة ووكالاتها.

ولعلي هنا الأسعد والعالم يحتفي هذه الأيام بجهود مباركة لتوسيع دوائر الانشغال بالأنشطة الداعمة لتحقيق السلام خاصة وأن الأمم المتحدة قد ذهبت أبعد من كل الأمنيات في جهودها بصدور القرار رقم 1325 والذي أكد على تعزيز مشاركة المرأة في قطاع الأمن والسلام وزيادة عدد النساء المؤهلات للعمل في القطاع العسكري وإنشاء شبكات الدعم حول العالم.

وكان يمكن للقرار أن يذهب بأرقامه لسجلات وملفات الأمم المتحدة رغم ما له من أهمية خاصة وخاصة مع ازدياد التوتر العالمي.

فكانت مبادرة أم الأمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الرحمن

لتعزيز أدوار النساء في بناء السلام وحل النزاعات قطعاً تذهب الفكرة الخلاقة في ذات اتجاهات جهدها المتعدد لتحسين مختلف ظروف النساء والأطفال وفق برامج أخرى تستفيد منها الآن مناطق ودول تحقق نتائج أفضل ينظر إليها بتقدير كبير.

في عام 2018 واستكمالًا للمبادرة وقعت مذكرة التفاهم والأصل فيها تحويل المذكرة والمبادرة إلى برامج عملية خاصة في مجالات التدريب في باب أحدث وفريد تدريب النساء على العمل وسط الظروف بالغة التعقيد خاصة أوقات النزاعات والنساء والأطفال في العادة هم الأكثر تأثراً وتلحق بهم في العادة الأضرار من دون المشاركة في النزاع أو الحرب.

فكانت المبادرة وما توفرت لها من آليات إنفاذ علمية وتقنية واهتمام شخصي من أم الشيوخ أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك وإشرافها على مختلف التفاصيل الأمر الذي حقق نتائج تحسبها الأمم المتحدة ووكالاتها ذات الصلة من التجارب الفريدة وواحدة من أجود برامج التعاون بينها والدول والمؤسسات الحكومية وغيرها.

لقد نظمت أكثر من دورات تدريب جيدة الإعداد بالخبرات العملية والعلمية والنظريات الأحدث لتدريب أكثر من أربعمائة سيدة عربية وأفريقية وآسيوية من سبع عشرة دولة دعماً لإنفاذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 القرار الأهم في تاريخ إتاحة أوسع الفرص للنساء للمشاركة الفعلية والعملية لإنهاء الحروب والنزاعات ومن ثم تحقيق إعادة البناء والتنمية المستدامة، ثم من جديد وبرؤية وبحكمة تنتظر دوماً تحقيق الأحلام نظمت الدورة الثانية في مطلع العام 2020 استكمالًا لمبادرة أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الرحمن، وهو يتصل مع منهجها ودعوتها المستنيرة لتأكيد تمكين المرأة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي والعالم وفي جميع القطاعات لتأهيل أعداد المشاركات في بناء السلام.

نظمت الدورة الثانية بمشاركة أكثر من ثلاثمائة سيدة من إحدى عشرة دولة ومشت أهداف الدورة العالية الإعداد وفي برامجها المتوافقة مع الأهداف الأممية في تعزيز  مشاركة النساء في قطاع الأمن والسلام  وزيادة النساء  المؤهلات للعمل في  القطاع العسكري, إنشاء شبكات لدعم تحول العالم نحو السلام الدائم وتحقيق الأهداف الاستراتيجية لقرار مجلس الامن رقم 1325 وهو قد أكد على أهمية مشاركة فعالة في إحلال السلام والتركيز على التدريب اللازم للكوادر النسائية..

هكذا نظرت من هناك من نيويورك لهذه المبادرة الممتدة لأم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك بعيداً عنها عوالمنا العربية واتجاهاتنا الشرق أوسطية وأنا أتحاور في فخر وباعتزاز مع سيدات فضليات من إحدى مكاتب الأمم المتحدة سهلوا لي وقتها التشاور حول أفكار تدفع بحركة السلام العادل ثم تعاظمت فرحتي وإدراكي لكل ذاك الفخر والنهر غير بعيد كيف نامت نيويورك المدينة والأمم المتحدة مطمئنة لواحد من أكثر البرامج نجاحاً وقد حققت المبادرة خلال عامين فقط نجاحات غير مسبوقة وأصبحت محل التقدير والاهتمام لأنها كانت الأولى من نوعها في العالم

تدريب المرأة على العمل العسكري، كما أنني ارتحت كثيراً لمحدثي وهو يعيد بسعادة أن نجاح البرنامج أنقل ما ذكر كما أحب أن أعيده كل مرة هنا في الدهليز أو في واحدة من محاضراتي القادمة في جامعة جورج تاون مع طلابي ونحن نسعى للترويج لثقافة السلام قالت وقد اتسعت الابتسامة فحسبت أن نوراً يغمر المكان..

(تدريب المرأة على العمل العسكري وجود دليل عملي لدعم دولة الإمارات لتمكين المرأة في كل القطاعات ومساهمتها الكبرى في الدفع بأجندة السلام والمرأة والأمن).

ثم من عند فرحي الغامر وقتها

(مشاركة المرأة في حل النزاعات وبناء السلام يؤدي إلى استتباب السلام لفترة أطول مما يتيح زيادة فعالية قوات حفظ السلام).

دهاليز الخميس هذا فيها فرص حوار أجريت جزءاً منه مع من يديرون هذا العمل الخلاق في أبو ظبي أُكمل التفاصيل بعد أن أعرض نتائج تسعد العالم الآن بما تحقق من نتائج.

شكري يمتد لمن يسهم يوميًا في دهليزي وبلا تردّد حاضرين بالمعلومات والمعارف.

لم ينقطع حبل المبادرات. البارحة كنا في فرح كبير أقامه سعادة سفير حمد الجنيبي في بيته بيت الأمارات  بالخرطوم بمن يسهم في بناء السلام من أجل الإنسان استكمالاً للتقدير الكبير من لدن أم الأمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك وتكريماً لهم سيدات السلام. وتلك حكاية الدهليز القادم.

إن شاء الودود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى