النموذج الحقيقي للتجديد والتجريب في الشعر الغنائي .. عمر الدوش.. الذكرى في  صحْيَة جروف النيل مع الموجَهْ الصباحيَّه!!

 

كتب: سراج الدين مصطفى

شاعر فيلسوف:

عمر الطيب الدوش هو شاعر و مسرحي وفيلسوف غنى للوطن والحبيبة وأجج النضال في قلوب شباب الثمانينات من خلال القصائد التي تعبر عن روح الطبقة العاملة الكادحة، تغنى له عدد من الفنانين أمثال الفنان مصطفى سيد أحمد، الفنان محمد وردي  والفنان حمد الريح بأغنية (الساقية) وأغنية (سعاد) التي غناها الفنان عبد الكريم الكابلي التي يقال إن الدوش كتبها في زوجته سعاد وهنالك رواية أخرى أن الدوش كتبها قبل أن يلتقي بها بفترة طويلة، وسحابات الهموم لمصطفى سيد أحمد, وغنى له الموسيقار محمد وردي (بناديها، والود, والحزن القديم وبلد رايح) من المعروف أن أغنية بناديها من الأغاني الرمزية التي كانت سائدة في عهد الرئيس جعفر محمد نميري.

مع زوجته سعاد:

تحدثت الأستاذه/ سعاد محمد الحسن عن الأستاذ المبدع الدوش وعن قصة الزواج ومواقف أخرى في حوار لها فإلى ذلك الحديث: كنا ندرس في معهد الدراسات الاضافية بجامعة الخرطوم آنذاك، في فترة حكم مايو 1983، خرج أساتذة المعهد لاستقبال شخص ما لا نعرفه نحن الطلبة وكانوا (متكتمين) عليه، كنا ننتظر هذا القادم بشغف بعد أن عرفنا من الأساتذة أنه صديق عزيز لديهم، فجاءنا شخص أشعث أغبر يحمل كمية من الكتب لا يستهان بها، كنت أول من أصدر تعليقاً عليه وصحت (سجم أمو واخواتو بدل ما يجيب ليهم شنطة هدوم جاب ليهم شنطة كتب)، درسنا تاريخ المسرح وبعد شهر على بقاء هذا الأستاذ معنا عرفنا أنه عمر الدوش.

الدوش أبو حجاب:

وعن اللقب (الأستاذ أبو حجاب) تروي الأستاذة سعاد: عندما جاء الدوش لتدريسنا كان يعلق حجاباً قديماً على عنقه (ضحكت وأردفت بطريقتها المسرحية (أظنو مما سافر كان لابسو)، أطلقت عليه الأستاذ أبو حجاب، في أثناء المحاضرة انقطع حجابه وهوى على الأرض فتناوله مسرعاً ومده إليّ ووسط دهشتي قال الدوش(أمشي أعملي لي خيط للحجاب دا)، خرجت احتج بين زملائي وأقول (قال لي صلحي الحجاب الأستاذ دا عذبني) ومن الحجاب بدت الحكاية.

زواج مختلف للعادة:

وتحكي الأستاذة سعاد حكاية زواجها من الأستاذ الدوش (زواج مخالف للعادات السودانية كان في شهر سبتمبر 1986): أنا أول فتاة تتزوج بلا مهر ودون شبكة، الدوش دفع لأهلي خمسة عشر جنيهاً وقال لي(إنت أغلى من إني أشتريك)، خالاتي زعلوا شديد وقالوا لي (الترابة في خشمك إنت ناقصة من البنات شنو)!، كنت مقتنعة بالفكرة ووقتها كنا نناهض المظاهر الفارغة في المجتمع السوداني لذلك قررنا أن نبدأ بأنفسنا، تم الزواج دون حفلة ولم أرتدي الزفاف، عند المساء اشترينا (جردل) فول وذهبنا إلى بيت أخت عمر، الوحيدة التي حضرت عقد القران من أصدقائي هي سهير عثمان قوليب، في المساء تجمع أصدقاؤنا في بيت أختو، حسب الرسول كمال الدين شال العود وغنى وأصحابي غنوا لي، وأنا ذاتي غنيت فاصل في العرس، وناس بيتنا ذاتهم اشتروا عشاهم من الدكان!

كتاب مفتوح:

وتقول الأستاذة سعاد: عمر كتاب مفتوح للجميع، بسيط، واضح وساخر جداً للدرجة التي كانت تغضبني منه، سهل ممتنع يمكن لأي شخص أن يتعايش معه، لا يعيش في دور الأستاذ والشاعر، كسول جداً (الموية دي الإ أديها ليه) لا يساعدني في المطبخ لكن كانت عنده (حلة) بيعملها كل شهر، عمر ما كان بيرضى أنظف غرفته لأنه كان يكتب الشعر على الأرض، يكتب في صندوق السجائر وعلى قصاصات الجرائد، كان يكتب تحت شجرة ظليلة في البيت وعندما ألحظ أنه انصرف عني إليها أدرك أنه يكتب في قصيدة أو رواية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى