عبد الله مسار يكتب.. الداء والدواء

خلق الله الداء بخلق البشرية من لدن سيدنا آدم حتى يومنا هذا، وجعل المرض ملازماً لكل الخلق وخلق لكل داء دواء إلا الموت، وليس حكراً على الإنسان ولكن لكل مخلوقات الله في الارض.

تعالج أجدادنا القدماء بالأعشاب والشجر والحجر والحجامة والكي، ولما تقدم العلم في الكون ظهرت صناعة الدواء للأمراض ومع ذلك المضاد أو اللقاح للفيروس الذي ليس له علاج، اجتهد العلماء في اكتشاف الدواء وصنعه وتصنيعه.

وقامت في العالم ثورة طبية عظيمة وافتتحت كليات للطب والبيطرة والصيدلة والتمريض والعلوم الطبية في كل انحاء العالم.

وهذه الثورة الطبية تبعها نشاط بحثي كثيف ورصدت لذلك مبالغ طائلة من الأموال، وبذلك تطورت صناعة الدواء وغطت أغلب الأمراض في العالم وشملت الإنسان والحيوان والنبات ومازالت الأبحاث مستمرة  لاكتشاف الدواء لمن لم يتحصل العلم عليه من دواء لأمراض جديدة.

وفي السودان، تطور العلم وفتح عدد مهول من الجامعات، وفتحت كليات طب وبيطرة وصيدلة  وتمريض وعلوم طبية وأغلب هذه الجامعات خرجت جزءا كبيرا، ومن هؤلاء الخريجين من هم هائمون على وجوههم، لأن مشافي الدولة الخاصة والعامة لا تسعهم، بعضهم صاروا سائقي ركشات واتجهوا الى مهن اخرى.

بدأ السودان في صناعة وتصنيع الدواء منذ وقت مبكر  وقامت شركات وطنية لهذا الغرض وتوسعت في السنوات الاخيرة، وكادت تغطي حاجة البلاد من الدواء الضروري وقللت الاعتماد على الدواء المستورد.

كانت اسعار الدواء حتى قيام الثورة معقولة ومقبولة  وكل الأدوية متوفرة في الصيدليات وفي الإمدادات الطبية، الآن ارتفعت اسعار الدواء الى وضع خرافي  وانعدم أغلبها، وعلمنا من مصادر موثوقة ان سعر الانسولين من ٣٠ جنيهاً في عهد الإنقاذ الى ١٥٠ جنيهاً وقبل يومين الى ٧٢٠ جنيهاً، وان غسيل الكُلى من ٧٠٠٠ الى ٢٢٠٠٠ جنيه، وان اصناف الادوية الاساسية والمنقذة للحياة الموجودة في الإمدادات الطبية تتناقص باستمرار من ٧٠٩ أصناف الى ٤٣٨  والآن المتبقي ٢٧١ صنفاً وهي تكفي البلاد لمدة شهرين. وزادت أسعار الدواء بنسب خرافية لا يستطيع المريض الغني الحصول عليها، ناهيك عن الفقير!

على سبيل المثال:

الأنسولين من ١٥٠ الى ٧٢٠ جنيهاً

بخاخ الفانتولين من ١٥٠ الى ٦٦٠ جنيهاً

لموكلنا  من ٨٠٠ الى ٢٥٠٠ جنيه

البلافيكس من ٨٠٠ الى ٣٥٠٠ جنيه

غسيل الكُلى من ٧٠٠٠ الى ٢٢٠٠٠ جنيه

الدِّرِب من ٨٤ الى ٢٨٠ جنيهاً.. وهكذا زيادات ما أنزل الله بها من سلطان. وبعد كل هذا هنالك نقص حاد في اصناف الادوية وكلها ادوية ضرورية لا غنىً للمريض عنها.

أعتقد ان حكومتنا الفاضلة الرشيدة، إما ان تريد أن تُعيدنا الى العصور الغابرة للتداوي بالشجر والحجر والأعشاب والكي والحجامة والودع والرمل، أو ان تستعجل ملك الموت.

اصحوا أيها الحكام وبصفة خاصة وزيري الصحة والمالية.

الحكم أوله سكرات وآخره فكرات وهو مسؤولية وطنية واخلاقية ودينية وهو أمانة وآخره خزيٌّ وندامة إلا من أخذها بحقها، انتبهوا واتركوا روشتة البنك الدولي التي كلها “ارفعوا الدعم وعوِّموا الجنيه الذي يَحتضر”!!!!!

أيها السادة الحكام.. أمامكم موت وحساب عسير.. أفيقوا.. أصحوا.. انتبهوا!!!!!

نسأل الله تعالى أن يعينكم على خدمة العباد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى