محكمة كوشيب بـ(لاهاي).. مواد وإفادات وسيناريوهات

تقرير- عبدالله عبد الرحيم

بدأت أمس بمبنى المحكمة الجنائية الدولية، بلاهاي جلسة محاكمة المتهم علي محمد عبد الرحمن كوشيب الذي يواجه (53) تهمة متعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في إقليم دارفور عامي 2003-2004م وتستمر الجلسات حتى يوم الخميس المقبل. واقتصرت جلسة أمس على اعتماد التهم الـ(53) الموجهة لكوشيب، حيث تنظر المحكمة إن كانت هناك أدلة جوهرية، وأن علي عبد الرحمن كوشيب قد ارتكب هذه الجرائم التي وجهت له، وتمت تلاوة التهم الموجهة لكوشيب. وتفيد المتابعات أن جلسات التهم ستستمر إلى يوم الخميس 27 مايو القادم، وسلم كوشيب نفسه للمحكمة الجنائية في فبراير الماضي بأراضي دولة إفريقيا الوسطى المجاورة للسودان في اتجاهه الغربي حيث تم نقله إلى العاصمة بانقي بواسطة قوات الأمم المتحدة الموجودة هناك قبل أن تقله طائرة إلى مدينة لاهاي الهولندية حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية.

والناظر لانطلاق جلسات المحاكمة في هذا التوقيت تحديداً والسودان يخطو فيها خطوات جادة للانطلاق نحو عالمية اقتصاده وافتتاحه نحو العالم الخارجي ومحاولة خلق علاقات ثابتة مع تلك الدول تبلور ذلك من خلال أصدقاء السودان الداعمين بفرنسا الأسبوع الماضي، يجد أن الخطوة ربما تم تحريكها من قبل جهات تريد أن تضع عربة الإصلاحات أمام محركات الحكومة الانتقالية التي تعاني معاناة لا تحتمل من قبل ـ أقعدتها سنوات طوال. بيد أن محللين آخرون أكدوا لـ(الصيحة) أن الخطوة لا بد منها وذلك لأن الرجل مكث في المعتقل شهوراً طويلة ولا بد من الإقدام نحو إنجاز هذا الملف المهم.

شاهد ملك:

ويقول د. عبد الناصر سلم الخبير في القانون الدولي  إنه وحسب الوقائع فإن خروج علي كوشيب من السودان كان لتسليم نفسه للجنائية أن الكثيرين وقتها يرون ما جرى بالسيناريو، وأنه أمر مرتب وسيناريو تم بسرية عالية جداً. مشيراً إلى أن بعض الجهات كانت تريد أن تضع علي كوشيب شاهد ملك لدى تلك المحكمة. وقال إن مطالبة كوشيب بأن تكون هذه الجلسة سرية هو لأن هناك معلومات يريد الإدلاء بها ولا يريد أن يطلع عليها عامة الناس، ولا لتكون متاحة للآخرين، مؤكداً أنه يريد حقاً أن يدلي بإفادات كبيرة ولا يريدها أن تتسلق للمجتمع وللناس. وقال سلم إنه ومن خلال هذه المحاكمة فإن الإفادات التي ألقى بها كوشيب ستكون لها مردودات كثيرة دوليًا وداخلياً لجهة أنها مرتبطة بالأحداث التي وقعت في فترة زمنية في ولاية دارفور.

ويتفق القانوني د. إبراهيم خاطر لـ(الصيحة) مع ما قاله د. سلم في أن هذه المحاكمات ستجر وراءها الكثير من الذين شاركوا في حرب دارفور، وذلك هو السبب الذي دفع بكوشيب لتكون الجلسة سرية غير معلنة. وهو ما قد يفتح الباب على اتهام آخرين وربما شهدنا خلال الأيام القادمة صدور مذكرات إيقاف بحق آخرين داخل السودان.

إحداث فوضى:

وأكد الخبيران  د. عبد الناصر سلم  ود. خاطر، أن أن هذه المحكمة ستستمر لفترة طويلة لارتباطها بأحداث دارفور التي استمرت فترة زمنية طويلة، وزاد أن قضية دارفور كانت متشعبة، وأن الكثير من الأطراف شاركت فيها. واتهم سلم الكثير من الجهات التي لها ارتباط بما يجري وكيف أنها تريد أن تخلق جواً من الفوضى، مشيراً إلى أن قانون المحكمة الجنائية يعطي المتهم ودولته الحق في طلب تحويل الملف للمحاكم العدلية والخاصة ببلده وأن يطالب بمحاكمة عادلة في بلده لطالما أن القضاء السوداني يشتغل في هذا الاتجاه في ظل وجود قضاء مستقل ونزيه يضمن إمكانية محاكمات عادلة للمتهمين ويضمن حقوق المجنى عليهم.

وحول إمكانية تسليم السودان بقية المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية يقول إن السودان طلب من المحكمة إقامة محكمة مختلطة لتحقيق العدالة، بيد أنه يرى أن القضايا لا بد وأن تحسم مهما طال الزمن أو قصر، وجزم سلم بأن القضاء السوداني له القدرة على إقامة المحاكمات إذا تم تعديل القوانين، وقال إنه قدم صورة ممتازة جدًا للقضاء خلال محاكمة رموز انقلاب 1989م. وأكد أن محكمة كوشيب تختلف وفي منحى مغاير وسيعطي كوشيب الكثير من الأدلة التي من شأنها أن تجر خلال الايام القادمة الكثيرين للإدلاء بأقوالهم أمام المحكمة، مشيراً إلى أن هناك جهات تريد تعميق الأزمة السودانية أكثر مما هي عليه اليوم.

تسليم وتسلم:

ومكث علي محمد علي عبد الرحمن “كوشيب” قيد الاحتجاز لدى المحكمة الجنائية الدولية بعد أن سلم نفسه طوعاً إليها في جمهورية إفريقيا الوسطى، وتم احتجازه بناء على أمر القبض الصادر عن المحكمة في 27 أبريل 2007. ويشتبه في السيد كوشيب أنه مسؤول عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور. وكانت المحكمة قد عقدت جلسة المثول للمرة الأولى أمام الدائرة الابتدائية الثانية عقب شهر فبراير الذي سلم فيه كوشيب نفسه. وقدم رئيس سجل المحكمة، بيتر لويس شكره إلى وزير العدل فلافيان امباتا وسلطات جمهورية إفريقيا الوسطى، وإلى الجمهورية الفرنسية وجمهورية تشاد إضافة إلى قيادة بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى وسلطات الدولة المضيفة، لدعمهم للمحكمة وتعاونهم في تسليم السيد كوشيب ونقله إلى الاحتجاز لدى المحكمة. وبحسب إفادات كوشيب، بأنه كان أحد قادة القوات المحلية والقبلية بوادي صالح. وكان عضواً في قوات الدفاع الشعبي كما يزعم بأنه كان قائداً في تلك الحقبة الزمنية لتلك القوات. وبحسب إفادات لكوشيب يزعم فيها أنه شارك شخصياً في هجمات ضد السكان في بلدات كودوم وبنديسي ومكجر واروالا بين أغسطس 2003 ومارس 2004، حيث ارتكبت جرائم قتل للمدنيين، واغتصاب وتعذيب وغير ذلك من صنوف المعاملات القاسية وأنه بذلك قد شارك مع غيره في ارتكاب هذه الجرائم بحسب قانونيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى