قدّمت (14) شهيداً.. حُرّاس الدولة المدنية.. من يستهدف الشرطة؟!

تقرير- عبد الله عبد الرحيم

لم تجف مآقي أهل السودان من ويلات الخروقات التي ظلت تتكرر الفينة والأخرى رغم الأجواء الإيجابية التي بدأت تسود، فقد تفجرت الدموع بغزارة هذه المرة إثر الهجوم الذي تعرضت له قوات الشرطة السودانية، الذراع الأهم في حفظ الأمن والسلم المدني، هذه المرة بولاية جنوب دارفور منطقة الردوم، من قبل عصابات ومروجي المخدرات الذين لم تثنهم بشريتهم عن ارتكاب جريمة في غاية البشاعة، والأمة الإسلامية تستعد لختام آخر أيام الشهر الفضيل. فقد لبى أكثر من (14) شرطياً نداء ربهم وهم يؤدون واجبهم في حفظ الأمن والسلم المجتمعي والاستقرار بمختلف بقاع السودان. الحادثة التي تركت جرحاً غائراً وسط المجتمع هناك في دارفور، وقد سكبت أمهات وآباء وذوو الشهداء، المغدورين، الدمع غزيراً دافئاً.

وأعلنت السلطات السودانية، الجمعة الماضي، مقتل 10 من عناصر من الشرطة في مواجهات مع عصابات مخدرات بمنطقة “الردوم” جنوبي دارفور. وقال المكتب الصحفي لــ(الشرطة)، في بيان، إن الملازم هو أبوبكر الزبير و9 آخرين من منسوبي الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، قتلوا إثر تعرضهم لهجوم غادر من عصابات المخدرات بأحراش محمية الردوم منطقة (سنقو) بولاية جنوب دارفور. وأشار إلى أن الحادث وقع أثناء اضطلاعهم بواجبهم في دك قلاع المخدرات ضمن حملات مكافحة المخدرات والسموم. وأضاف البيان: “وزارة الداخلية ورئاسة قوات الشرطة تحتسب ثلة من خيرة أبنائها في سبيل الله والوطن والواجب، وتؤكد أن هذه المحاولات الغادرة لن تثنيها عن أداء واجباتها في حفظ أمن واستقرار الوطن، وتطهير كل مناطق زراعات المخدرات والسموم وبسط هيبة الدولة وإنفاذ القانون خدمة للبلاد والعباد”.

والردوم محمية طبيعية تقع في أقصى ولاية جنوب دارفور ويزرع فيها نبات البنقو بكثافة، ودائماً ما تقع مواجهات بين العصابات والشرطة خلال حملات إبادة المخدرات وحرقها.

عصابة منظمة:

ويأتي هذا الحدث لانتماء منفذيه، إلى عصابة إجرام مُنظمة مُتخصصة في الاتجار بالمخدرات، وتورطها في تهريب السموم المخدرة إلى أجزاء مختلفة من الريف السوداني وحضره، رغم الاستعدادات الكبيرة التي تبذلها قوات الشرطة.

وتتقدم المجتمعات الوطنية من أهالي وذوي فقداء الواجب والكرامة الإشادة بالسلطات الشرطية والأمنية، على الحرفية العالية والتعاون الذي تقوم به مع  بقية السلطات الأمنية في ضبط مثل هذه الجرائم ومنفذيها، مشيرة إلى أن عصابات ترويج المخدرات وزراعتها في تلك المنطقة يُعدون أحد أبرز العصابات في الاقليم، لضلوعهم في عمليات الاتجار بالمخدرات عالي المستوى، في ظل صداماتهم المتكررة مع رجال مكافحة المخدرات وقوات الشرطة التي تقوم بمراقبة تلك المناطق وحقول إنتاج تلك المخدرات باستمرار من أجل منع انتشار هذه الجرائم التي تهدد أمن المجتمعات.

ومن جانبه، أكد بيان الشرطة، حرص القيادة العامة للشرطة بدعم وتوجيهات وزير الداخلية، على مكافحة جميع أشكال الجريمة الدولية المُنظمة وإلقاء القبض على مرتكيبها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، إلى جانب العمل على تطوير العلاقات العميقة والراسخة بين الشرطة والمجتمع ومختلف دول العالم في مجال مكافحة الجريمة المُنظمة، بما يخلق مجتمعات خالية من السموم المخدرة والاتجار بالأسلحة.

إلقاء القبض:

وقال خبراء ومختصون لـ(الصيحة)، إن إلقاء القبض على هذه العصابات ضروري ومهم ويعكس مدى حرص الحكومة من خلال وزارة الداخلية على ترجمة نهج الدولة في التعاون المثمر مع الأجهزة الشرطية والأمنية الأخرى في التصدي للجريمة في كل مكان، من خلال مد جسور التواصل معها، تأكيداً على الإسهام الإيجابي للدولة في جعل الوطن مكاناً ينعم فيه الجميع بالأمن والأمان من الجرائم العابرة للحدود.

وقالت السلطات في وزارة الداخلية والسلطات العاملة في مكافحة الجريمة، “إن محاولات تجري هناك الآن للكشف عن الجناة وإلقاء القبض على منفذي الجريمة وأوكارها المختلفة بتلك المناطق، بالتعاون مع شركاء إنفاذ القانون في السودان، وأعلن مراقبون امتنانهم بشكل خاص للشرطة والسلطات الأمنية بصورة عامة لجهودهم في تعقب الجريمة وإلقاء القبض على المجرمين، وأضافوا: “إن عملية إلقاء القبض على هؤلاء تعتبر رسالة تحذيرية لكافة أوكار الجريمة بكل أصقاع السودان حتى تعود تلك المناطق النائية لأمنها وسلامها واستقرارها المعهود في ظل التحرك والوجود اليومي والمستمر لأجهزة الشرطة، مؤكدين أن مثل هذا الدور المهم في ضبط الجريمة والمجرمين وتحفيز المجتمع الأهم والضروري، يساعد على مضاعفة تلك الأجهزة الشرطية من جهودها في هذه العمليات، ولن يتمكن المجرمون من التقاط أنفاسهم أبداً”.

أفعال شنيعة:

وفي آخر إفادة من الشرطة أكدت ارتفاع ضحايا الهجوم الذي نفذته عصابات المخدرات بمحمية الردوم الطبيعية في ولاية جنوب دارفور على قوة للشرطة إلى 13 قتيلاً بينهم ضابط إلى جانب 14 جريحًا وتوعدت السلطات بتوقيف العصابات ودك معاقلها. وقالت الشرطة مؤخراً إن عشرة من منسوبيها بينهم ضابط برتبة ملازم تعرضوا لهجوم غادر من عصابات المخدرات بمنطقة “سنقو” في أحراش محمية الردوم أثناء حملات لمكافحة المخدرات والسموم. وأكد والي جنوب دارفور موسى مهدي في حديث لإذاعة نيالا، الجمعة، ارتفاع قتلى متحرك شرطة مكافحة المخدرات إلى 12 قتيلا إثر تعرضهم لكمين أثناء تأدية واجبهم فى محاربة تجار المخدرات والقضاء على المزارع بمحلية الردوم.

وتزرع المخدرات “البنقو” في محمية الردوم الطبيعية على نطاق واسع وسبق أن قدرت وزارة الداخلية هذه المساحات بأنها تعادل دولة البرتغال. وأفاد والي جنوب دارفور أن عناصر الشرطة التي تعرضت لكمين رجال المخدرات سقطوا بعد تبادل كثيف للنيران داخل غابات المحمية مع العصابات وكانوا شجعانًا. وأكد الوالي أن هذه الأفعال الشنيعة لن تحيد الشرطة من القيام بدورها وواجبها وستكون الأجهزة الأمنية بالمرصاد لتجار المخدرات. وقال إن حكومة الولاية أرسلت تعزيزات من القوات المشتركة بمتحركات من برام وتلس ومناطق الذهب بمنطقة أغبش إلى الردوم لإجراء اللازم بموجب القانون فضلاً عن قوات أخرى ستتحرك من نيالا إلى سنقو لتعزيز القوات المتمركزة هناك. وأشار إلى أن الولاية أرسلت طائرة لنقل الجثامين والجرحى إلى نيالا. وأكد أن الأجهزة الأمنية قادرة على توقيف هؤلاء المجرمين وتقديمهم للمحاكمة العادلة والناجزة التي ستكون عظة لتجار المخدرات وبسط الأمن والاستقرار في جنوب دارفور. وشددت الشرطة أن هذه المحاولات الغادرة واليائسة لن تثنيها عن أداء واجباتها في حفظ الأمن والقضاء على كافة مظاهر التفلتات وتطهير كل مناطق زراعات المخدرات والسموم وبسط هيبة الدولة وإنفاذ القانون.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى