عبد الله مسار يكتب : المجلس التشريعي أين هو؟

 

قامت الثورة واستلم زمامها مجلس وزراء جهاز تنفيذي ومجلس سيادة سلطة جمهورية حاكمة ومجلس شركاء سلطة سياسية وجهاز قضائي ناقص بعدم قيام المحكمة الدستورية، وغيبت تماماً السلطة التشريعية والرقابية.

المجلس المنوط به تشريع التشريعات والرقابة على الجهاز التنفيذي وهو الإلفة على الحكومة والذي مفروض يكون من ثلاثمائة عضو من كل أهل السودان لا حس له ولا خبر ولا حديث عنه، حتى من باب الكشكرة.

سكتت القوى السياسية المكونة للحرية والتغيير، وسكت المدنيون في مجلس السيادة، وسكت مجلس شركاء السلطة الانتقالية، وسكت مجلس وزراء الثورة الذي جاء رئيسه محمولاً على أكتاف الثورة ومن داخل شعار تسقط بس، وبوقود دماء الثوار الشهداء.

وصارت الدولة بكل أجهزتها موجودة، ولكن غيب أهم جهاز وهو المؤسسة التشريعية والرقابية ولتعوس بقية الأجهزة كما تشاء لا رقيب ولا حسيب ولتكمل السجية، غابت المحكمة الدستورية، يعني لا مسألة شعبية تشريعية ولا مسألة قضائية من محكمة دستورية،  وضاعت كل الحقوق بسبب هذا الخلل البين، بل عشعشت الديكتاتورية وحكم الفرد وانتشر بقوة القرار المُطلق والحكم التسلُّطي وأجيزت قوانين محلها المجلس التشريعي ممثل الشعب، بل أجيزت قوانين وتشريعات وصدرت قرارات محله الحكومة المنتخبة.

ونحن الآن في أبريل الثالث منذ قيام الثورة، ولَم نَرَ مجلساً تشريعياً ولا محكمة دستورية، وراحت المؤسستان وقيل عنهما خرجا ولَم يَعودا.

إنّ ما يُمارس الآن هو أبو الديكتاتورية وحكم الفرد والهيمنة المطلقة على كل شئ حتى صرنا في حكم الزندية.

بل سُنّت قوانين كبيرة ومصيرية تؤسس للحكم المُطلق، وتُمكن دولة الفرد والحزب لا دولة القانون، بل نحن مُقبلون على الدولة البوليسية والقمعية بإجازة وإنشاء جهاز الأمن الداخلي.

الحكومة القائمة تقوم من أحزاب غير ديمقراطية وتُمارس الدول القادمة منها الفكرة، القمع على أعلى مستوياته، ولذلك لا يُمكن ان تقيم حكم ديمقراطي ولا تعمل عمل شورى، ولكن تعمل للسيطرة على السلطة ولو تدوس شعار الثورة حرية – سلام وعدالة.

إن عدم قيام المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وهو تكريس لحكم الأنا والذات والحكم القمعي الشمولي، بل هو هضم وضياع لحق قانوني ودستوري.

وبعد كل ما قلنا لا أعتقد أن مجلساً تشريعياً قائماً ولا محكمة دستورية ترى النور وكله محلك سر.

معلومٌ أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وأن غياب المؤسسة التشريعية والمحكمة الدستورية هو تكريس لسلطة مطلقة قطعاً وراء ذلك مفسدة كبيرة ومطلقة.

معلوم أن في داخل كل حاكم جزءاً من الديكتاتورية تزيد وتنقص بوجود ومُحاسبة المُؤسسات المنوط بها ذلك بوضعنا الحالي الآن. إن المفسدة كبيرة جداً وليس بالضرورة أن تكون المفسدة مالية ولكن المفسدة الإدارية وضياع الحقوق العامة والخاصة والدستورية هو المفسدة الكبرى، وهو المعطل الأساسي لأجهزة الحكم والتضارُب فيما بينها، بل التشاكُس والتّضاد في المهام وانفراد بعضها أو جُزءٍ منها بالقرار.

ومعلوم أن فرعون لا يفرعن نفسه ولكن تفرعنه الرعية، وغياب مؤسسات الرقابة وأجهزتها لأنها هي الحجب التي تمنع الشخص والمؤسسة من المُمارسة الضارة بحقوق الأفراد أو الجماعات أو الدولة.

عليه أعتقد نحتاج لنخرج من أي فرعنة أفراد أو مؤسسات أن نقيم أجهزة الرقابة التشريعية ونكمل العدلية، وأن نؤمن على حرية الصحافة والإعلام وذلك بجعلها حرة ولكل الشعب.

احتكار التلفزيون والإذاعة والقنوات الفضائية للحكومة دُون غيرها هذا أُس الديكتاتورية والحكم الفرد، بل خللٌ كبيرٌ بالحقوق، هذه الأجهزة مِلْكٌ للشعب وليس الحاكمين، يتساوى في استخدامها الحاكم والمعارض  لأنها عملت لخدمة الوطن.

الأمر الآخر لنخرج من الفرعنة، لا بد من قيام المحكمة الدستورية وعاجلاً لتكون ملاذاً لإحقاق الحقوق.

أما قضية الشورى والشراكة السياسية هي فرض وإلزام أن تقوم الحكومة بذلك، لأن دورها التنفيذ اليومي وليس عمل سياسة كبيرة تضر بمصالح البلاد والعباد.

أخي حمدوك جئتم إلى الحكم على كتوف الجماهير ولَم تأتوا على أسنة الرماح ولا على ظهر دبابة، عليكم بالشورى وإشراك الكل في أمر الفترة الانتقالية، وقديماً قيل (إذا لم يصلح الحال فليصلح المقال).

الشعب يريد حكومة راشدة تهتم به وبحاجياته، ويريد مؤسسات دستورية أهمها المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية لتراقب وتشرع وتفصل في الحقوق العامة والخاصة.

متى نرى المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية

الله أعلم

ومتى نهاية الفترة الانتقالية

الله أعلم

ومتى الانتخابات

الله اعلم

متى حكومة منتخبة ومفوضة من الشعب

الله أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى