سراج الدين مصطفى يكتب.. عمر أحمد.. كان بدري عليك تودعنا

(1)

حفلت مسيرة الأغنية السودانية بالعديد من الأسماء التي شكلت وجدان الشعب السوداني .. وبعض هذه الأسماء رحلت باكراً ولم يتثن للناس سماعها جيداً والتوغل في تجربتها.. ومن بين هذه الأسماء يطل اسم الفنان عمر أحمد صاحب الأغنية الشهيرة (كان بدري عليك) التي كتبها ولحنها المبدع الراحل عبد الرحمن الريح.. وهو يعتبر من أكثر الشخصيات السودانية التي ساهمت في تقديم العديد من المبدعين والقائمة التي قدمها يطول حصرها

(2)

“عمر أحمد”، هذا الفنان الذي رحل في مقتبل صباه. ولعل الأهم في هذا الجانب أن صوت “عمر أحمد” خلدته فقط أسطوانة أغنية “كان بدري عليك”، التي شاء الحظ أن تتولى الإذاعة السودانية، عند انتقالها إلى مبناها الحالي في عام 1957م، نقلها من جهاز الفونوغراف إلى شريط التسجيل، أسوة بما أدركه الحظ من أسطوانات غناء “حقيبة الفن”، رغم أنه من الواضح أن الصوت الذي يؤدي أغنية “كان بدري عليك” التي أضيفت إلى موقع الإذاعة السودانية هو صوت الفنان الراحل “خليل إسماعيل” وليس “عمر أحمد”، وقد ساهم الفنان المقتدر “أبوعركي البخيت” في نشر هذه الأغنية وسط جيل الشباب بأدائه المتميز لها.

(3)

للفنان عمر أحمد” أغنيات أخرى لم يدركها التسجيل، أو نقول إن توخينا الدقة أنها ربما سجلت في أسطوانات، كما كان الوضع في الإذاعة عام 1948م، لكنها لسبب أو لآخر لم تنقل إلى الأشرطة.. ويقول الأستاذ طارق الحسن  أستبعد أن “عمر أحمد” سجل أكثر من أغنية مع “كان بدري عليك”، لأن مكتشفه وشاعره وملحنه الأستاذ “عبد الرحمن الريح” اعتاد أن يزود المطربين النشء بما لا يقل عن ثلاث أغنيات لتسجيلها للإذاعة. هكذا فعل، على سبيل المثال، مع الفنان الذري “إبراهيم عوض” الذي قدمه إلى الإذاعة عام 1953م.

(4)

هذا، وليس سراً اندلاع الحريق الكبير الذي شب في الإذاعة سنة 1957م، وأتى على الكنوز المكنونة في مكتبتها من الأسطوانات حينها، وهي مجموعة نادرة بحق، وقد قيل إنها تحوي مجموعة أغنيات سجلها كروان السودان “كرومة” بمصاحبة الفرقة الموسيقية. ورغم تمسك مراقب الإذاعة المسؤول حينها بأن الحريق لا يعدو أن يكون حادثة عرضية مؤسفة، إلا أن بعض المهتمين بشؤون الإذاعة والغناء زعموا أن الحريق كان مدبراً، فنشط الحادبون والمشككون في أسباب الحريق على تجميع الأسطوانات ممن يملكونها ومن مقاهي الخرطوم وأمدرمان التي كانت تملك أجهزة الفونوغراف، وقاموا بنسخها على الأشرطة “الريل” رغم التشويش الذي كان من الصعب جداً تجنبه.

(5)

نعود للفنان “عمر أحمد”، فهو من مواليد مدينة ودمدني. قدمه الشاعر “عبد الرحمن الريح” إلى الإذاعة عام 1949م، بأغنية “كان بدري عليك” التي رددتها أصوات عدة على مر العقود، ولكن يظل الأصل أصلًا. كان “عمر أحمد” في الثالثة عشرة من عمره حين قدم تلك الأغنية. وأردفها بأغنية “مهما فؤادي فيك يذوب” و”ليلة التلاقي”، و”الطاؤوس” أو “ملك الطيور” التي تغنى بها الفنانان “أحمد الجابري” و”خليل إسماعيل”، وهي مسجلة لدى مكتبة الإذاعة بصوت “أحمد الجابري”، أيضاً غنى ” ليه ده كلو يا حبيبي” التي سجلها للإذاعة وتغنى بها الفنان “خليل إسماعيل”.

(6)

في عام 1951م اعتزل عمر أحمد الغناء بعدما تغير صوته واخشوشن، إثر بلوغه سن الرشد. وتوفي عام 1956م عن 20 عاماً فحسب، بعد معاناة دامت سنوات من صداع رهيب، نتج عن اصطدام رأسه بباب “نفَّاج”، داخل المنزل الذي أقام فيه في حي العرب في أم درمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى