المصالحة الوطنية.. خيانة أم ضرورة مرحلة؟  

تقرير- أمنية مكاوي

منذ فترة ليست بالقليلة ارتفعت أصوات تنادي بالمصالحة الوطنية، وترى تلك الكتل السياسية التي تنادي بالمصالحة بأنه لا يمكن الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية بالبلاد إلا بإقرار مبدأ المصالحة الوطنية. ولكن التخوف دائماً يأتي من انزلاق البلاد في أتون العنف وعدم الاستقرار إذا رفضنا ذلك المبدأ وبالتالي النداء يرتفع بضرورة الترفع عن الصغائر وعن تصفية الحسابات والتشفي وأهمية استيعاب الآخر، في وقت وصفت فيه بعض القيادات السياسية مبدأ المصالحة بأنه خيانة لدماء الشهداء وأن كل من ينادي بها ليست له علاقه بالثورة ولذلك السؤال الذي يطرح نفسه هل آن أوان المصالحة الوطنية بالنظر إلى الظروف التي تمر بها البلاد أم يصفها البعض بأنها خيانة وانتكاس للثورة وبيع لدماء الشهداء؟.

خط أحمر

عند الحديث عن المصالحة يصاب البعض بالقلق والغضب ولا يقبل طرح القضية للتفكير الإيجابي, لذلك انتقد القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار مطالبة بعض السياسيين بالمصالحة الوطنية ووصف مطالباتهم بالخيانة, وقال: كل من ينادي بالمصلحة يعتبر نفسه بعيداً عن مبادئ الثورة, وعن دماء الشهداء, وتابع: الحديث حول المصالحة الوطنية خيانة لدم الثوار. وقال لـ(الصيحة) نحن خلال ثلاثين عاماً كنا مستباحين في السودان بسبب النظام البائد, وقامت الثورة لإعادتها، لذلك جاء الحديث حول المصالحة منخفضاً, وإذا نادوا بصوت عالٍ سيلقنهم الشعب مثل ما لقن النظام السابق, واعتبر المصالحة من الخطوط الحمراء التي لا يمكن التهاون أو النقاش حولها. وقال إذا تحدثنا عنها ودخلنا في محاورها ستعيد النظام البائد .

متفق عليه :

ولكن لا يرى القيادي بحزب البعث محمد وداعة ما يحمله القيادي السابق من معارضة قوية لمبدأ المصالحة, وقال إن مبدأ المصالحة الوطنية هو متفق عليه في اتفاقيات سابقة. وكونت لجان لمناقشة الأمر، لذلك مبدأ المصالحة مرغوب ومطلوب، واعتبر وداعة أن البلاد الآن في حالة نزيف دم مستمر, وفي حالة أحداث متتالية, كل ذلك يؤكد حاجة البلاد إلى المصالحة الوطنية, وأضاف بالقول: (فعلاً تم توقيع اتفاق السلام على الورق لكن السلام المجتمعي هو الأهم، لذلك نحن نضم صوتنا إلى مبدأ المصالحة الوطنية على أسس ومبادئ الحقيقة والعدالة)، وقال: إذا بنيت المصالحة على أسس اجتماعية لم ترفضها قوى سياسية إذا كانت حاكمة أو غير حاكمة لتفكيك التركة المحاطة بالظلم .

مطالب دستورية:

فيما قال القيادي بقوى الحرية والتغيير نور الدين صلاح لا يوجد بين القوى السياسية ما يستدعي انشقاقها فيما يتعلق بقضية المصالحة, وقال ما يطلب من الأحزاب السياسية هو ارتداء روح الوطنية. وأضاف أن مصلحة البلاد فوق المصالح الشخصية, وقال لـ(الصيحة)، إن تحقيق ذلك يتم في كيف يحكم السودان، وهذا ما نحتاجه من المؤتمر الدستوري، الأمر الآخر المطالبة بإقامة المفوضيات لتحقيق ذلك, بالتالي لا بد من وضع برنامج يوضح سير الحكومة بصورة واضحة فيما يتعلق ببقية المدة الانتقالية وأضاف: إذا تحققت هذه المطالب فهو المطلوب, وهي مطالب ليست خاصة بالحرية والتغيير أو بحركات الكفاح المسلح إنما تضم هذه المطالب الجميع. وقال: ما تحتاجه البلاد هو الوحدة الوطنية لأبنائها للعبور بالبلاد من حالة الهشاشة إلى الاستقرار. وقال: الآن حان موعد تحقيق التحول الديمقراطي الذي نريده وما تحقق من السلام الشامل يهم الجميع, لذلك لا بد من وضع السودان في موقعه الحقيقي .

مصطلح فضفاض

واعتبر المحلل السياسي د. الفاتح محجوب مصطلح المصالحة الوطنية تعبيرا فضفاضاً أخذ مكانه في السياسة السودانية إبان الصلح الذي وقعه الرئيس السابق جعفر نميري مع أحزاب الجبهة الوطنية في سبعينيات القرن العشرين. وقال لـ(الصيحة): الحديث الآن عن مصالحة وطنيه غالباً يأتي في إطار الابتزاز الذي يقع بين الحركات المسلحة وقوى الحرية والتغيير, كلما زادت هوة الخلافات السياسية بين الطرفين، وأكد الفاتح أن الوثيقة الدستورية نفسها تلزم الطرفين باستيعاب بقية الأحزاب التي ليست جزءا من قوى الحرية والتغيير في المجلس التشريعي, وهذا يتطلب تفاهمات مع هذه القوى السياسية وفتح صفحة جديدة خاصة وأنها شاركت حكومة البشير وهي أحزاب لها وزنها السياسي الكبير مثل الاتحادي الأصل, والمؤتمر الشعبي, والقوى السياسية, في شرق السودان والحركات المسلحة الموقعة على سلام الدوحة, بالتالي هي قوى حقيقية على الأرض ومعها أيضًا أحزاب دارفورية ذات ثقل قبلي لذلك توجد حاجة ماسة لاستيعاب تلك القوى السياسية جميعاً في المجلس التشريعي لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق السياسي في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى