د. عبد الحميد كاشا يكتب.. قراءة في المشهد السياسي للأزمة التشادية 

المتتبع لمسيرة الحكم في دولة تشاد ودول القارة الأفريقية منذ نيلها الاستقلال أن الصراع حول السلطة هو السمة الظاهرة لمجريات الأحداث وتطورات الاوضاع السياسية في هذه الدول التي لم توظف استقلالها التوظيف الأمثل لبناء ونماء ورفاهية شعوبها وبلدانها الحرة ولم تع الدروس المستقاة من حقبة الاستعمار البغيض الذى أذلها بكافة أشكاله المتمثلة في:

1/ نهب الموارد الاقتصادية.

2/ الاستيطان الممنهج.

3/ ادعاء الحماية.

4/ محو الهوية.

5/ مسح الثقافة والفكر.

كانت الشعوب تعقد آمالآ على قادتها في أن تقطف  ثمار هذا الاستقلال الذي لم يأت بثمن بخس ودراهم معدودات إنما جاء ممهورا بدماء شهداء الحرية والعزة والكرامة.

ظل المستعمر الحاقد متربصآ بمستعمراته القديمة بالرغم من نيلها الاستقلال متحينا الفرص لزرع بذور الفرقة والشتات.

إن الأزمة التي تعيشها دولة تشاد اليوم هي جزء من مسلسل الصراع القديم المتجدد على السلطة الذي تمر به معظم دول إفريقيا بفعل الأيادي الخفية وخفافيش الظلام وهو أمر متوقع في ظل السباق المحموم للأطماع والتجاذبات الإقليمية والدولية من أجل السيطره السياسية الأمنية والاقتصادية.

*  أصبحت تشاد إحدى البلدان الأفريقية المثقلة بالصراعات والنزاعات حول السلطة منذ الاستقلال وما نتج عنها من جراحات ومرارات الماضي وظلت آثارها عالقة بأذهان المتنازعين سنين عدداً بيد أن مسيرة الحكم خلال فترة الرئيس الراحل إدريس دبي  رحمه الله رحمة واسعة والتي استمرت لثلاثين عاماً شهدت تحولاً كبيراً في استقرار الأوضاع داخليًا بالرغم من بعض محاولات الإطاحة بنظام حكمه من المعارضة التشادية والتي تم تجاوزها.

استطاع الرئيس الراحل إدريس دبي بسط سيطرته وإحكام قبضته وإحداث توازنات داخلية في نظام حكمه  وشهدت الدولة التشادية استقرارًا ليس على مستواها الداخلي فحسب بل من حيث الانفتاح السياسي والاقتصادي والأمني وممارسة الدبلوماسية الناعمة في علاقاتها الخارجية إقليمياً ودولياً دون تمحور وفق ما تقتضيه المصالح العليا لبلاده مع المحافظة على خصوصية العلاقات مع دول الجوار بالرغم من ما تعانيه تلك الدول من صراعات داخلية.

إن اغتيال الرئيس دبي أمر مؤسف للغاية  كأحد رموز  القادة الأفارقة يتفق البعض حوله أو يختلفوا اغتيالاً لم يكن موفقاً أسلوباً ومنهجاً وتوقيتاً وخطأ فادحا من أجهزة الدولة التشادية في أن يكون رمز الدولة فى الصفوف الأمامية للمعارك مهما كانت المبررات لذلك دون قراءة استخباراتية لكافة الاحتمالات المتوقعة لما تمر به الأوضاع الراهنة والمتغيرات في المحيطين الإقليمي والدولي والعالم اليوم يعيش تجاذبات وأطماع وصراعات وسباق مصالح ومحاور إقليمية ودولية.

وتشاد ليست في جزيرة معزولة عن هذا السباق وربما تكون هدفاً وبوابة لتدخل استعماري جديد بدعاوى المحافظة على تحقيق السلم والأمن الدوليين وهي دعاوى حق أريد بها باطل لبعض العوامل التي قد تشجع التدخل الأجنبي المخطط له من قبل الدوائر الاستعمارية للنفاذ لدول القارة السمراء.

إن الأوضاع الراهنة للنزاع في تشاد تتطلب الحكمة من كافة الفرقاء (حكومة ومعارضة) ووقف الاحتراب ونزيف الدم والخاسر أولاً وأخيراً هو وطنكم يا أهلنا وأشقاءنا في تشاد الذي حرره أجدادكم بالدم والدموع لا تتركوا عقارب الساعة تدور للوراء فالعدو يتربص بكم ويشجع اللعبة القذرة التي يتمناها وينتهزها للنيل من أرضكم وطناً وشعباً وموارد.

أوقفوا الاقتتال امتثالاً لقوله تعالى (وأطيعوا الله ورسوله ولا  تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين).

سؤال جدير بالإجابة؟؟

1/ أين الاتحاد الأفريقي أصح يا اتحاد مسؤوليتك تاريخية

2/ أين قادة دول الجوار إن لم يصح اتحادكم وعلى رأسها:

* السودان

* ليبيا

* أفريقيا الوسطى

* النيجر

* نيجريا

ما أخشاه إن سارت الأوضاع على ما هي عليه اليوم في تشاد أن تتفاقم الأوضاع بدخول لاعبين جدد مدفوعين من أيادٍ خفية مستأجرين أو طامعين أو مناصرين لأطراف النزاع على سبيل المثال لا الحصر :

1/ التعددية الإثنية :

ربما تلعب المكونات القبلية المتعددة داخل تشاد دوراً  أساسياً فى الصراع الداخلي من المنتمين للحكومه أو المعارضة.

2/ التداخل السكاني بين القبائل والمجموعات السكانية ذات الأصول المشتركة ربما تجعل تلك القبائل وبدافع  الحمية القبلية دخول حلبة الصراع مع أو ضد أطراف النزاع :

(حكومه أو معارضة).

3/  المجموعات المسلحة بمسمياتها المختلفة والتي كانت معارضة لبعض حكومات دول الجوار وللحكومة التشادية ومنها من له علاقات تواصل مع تشاد في (المعارضة التشادية أو الحكومة) ودخولها مع أو ضد يعقد الصراع الأمر الذي يتطلب من حكومات دول الجوار تدارك أي احتمالات لتدخلات منطلقة من أراضيها في الشأن الداخلي لتشاد احتراماً لسيادة الدول وفقاً للمعاهدات والمواثيق الدوليه والإقليمية.

ختاماً :

ما لحق بتشاد ليس نهاية المطاف يا قادة إفريقيا وعلى الباقين ستدور الدوائر في النظام العالمي القديم المتجدد وفق متطلبات العصر.

وهذا إنذار مبكر، اللهم قد بلغت فاشهد..

د. عبد الحميد كاشا

مدير مركز كاشا

لبناء القدرات في فض النزاعات وبناء السلام والتنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى