ارتفاع أسعار السلع.. فاتوره يسددها المواطنون

الخرطوم.. رشا التوم

تواجه الصناعة السودانية معضلات كبيرة وأشكالات متعددة في كثير من القطاعات أدت الى عدم أداء القطاع دوره المنوط به في النشاط الاقتصادي واستنادًا على تصريح صحفي لوزير الصناعة إبراهيم الشيخ أقر  بأن من أسباب ارتفاع أسعار السلع في الأسواق ارتفاع سعر الصرف واستيراد المواد الخام مما يهدد العملية الصناعية برمتها ويلقي بمزيد من الاعباء الإضافيه على المواطن في ظل ارتفاع جديد في كل يوم للسلع والخدمات المنتجة محلياً.

وأشار إلى أن وزارة الصناعة ستعمل مع المؤسسة بدعم سلعتي وخلق جمعيات تعاونية لنشرها في كل مدن السودان، والتحول من جمعيات تعاونية مستهلكة إلى  منتجة لمحاربة السماسرة والوسطاء.

والعودة الى القرارات والسياسات التي انتهجتها الدولة في القطاع الصناعي نجد أن  قرار بنك السودان بتحريك سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار يمثل سببًا أساسيًا في العقبات التي زادت القطاع إرهاقاً  ودقت آخر مسمار في نعش الجنيه السوداني المغتال أصلاً بسياسات الحكومة الخاطئة.

وأكد  الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين السابق، الصادق جلال الدين صالح أن  الخطوة هي عبارة عن خفض لقيمة  الجنيه بصورة كبيرة من 55 جنيها إلى ٣٨٢ جنيهاً).

وهي نفس الخطوة  المعروفة بصناع السوق الفاشلة في اكتوبر 2018 والتي خفضت قيمة الجنيه من 18 إلى 47 جنيهاً (رغم أن سعره في السوق الموازي آنذاك 45 جنيهاً)، مما يضع البنوك التجارية أمام تحدي توفير الدولار وهي لا تملكه أصلاً لافتًا إلى أن هذا يعني أننا أدخلنا البنوك التجارية مشترياً بأموال المودعين معتبراً الخطوة بأنها تعمل على زيادة المضاربة على الدولار مما يؤدي الى انخفاض قيمة الجنيه السوداني بصورة قياسية وهو عمل غير أخلاقي لا مبرر له لأنه سوف يؤدي الى فقدان المودعين القيمة الشرائية لأموالهم وستساهم مستقبلاً الى فقدان البنوك لمصداقيتها وثقة المودعين بها.

وأبدى جلال استغرابه في الإبقاء على سياسة بيع المصدر للمستورد بما يجعل التسعير بأيدي البنوك التجارية والمصدرين والمستوردين وتجار العملة الامر الذي يساهم في اتساع رقعة السوق الموازي وقال ان ذلك ضرب من الجنون في ظل عدم وجود احتياطيات كبيرة بالنقد الأجنبي لبنك السودان.

وأبان صالح أن قرار تحريك سعر الصرف  خلف مزيداً من الضنك والمعاناة في توفير أقل مطلوبات المعيشة.

وفي السياق نفسه، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين الخبير الاقتصادي د. محمد الناير، إن  الأمر لا يحتاج إلى إقرار وزير الصناعة او غيره  فهو واضح جداً أن الصناعة السودانية أصبحت تكلفتها مرتفعة وليس الأمر حصراً على الصناعة فقط وإنما الإنتاج بصورة عامة  سواء الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني او الإنتاج الصناعي والخدمات.

ولفت الناير أن تكاليف الإنتاج سواء كانت سلعة أو خدمة ارتفعت بصورة غير مسبوقة  وأصبحت غير منافسة على المستوى الداخلي والخارجي،  وهذا كله بسبب اتباع الدولة  سياسات لم تدرس بصورة علمية منها سياسات أسعار الوقود وتأثيرها على القطاعات الإنتاجية  ووسائل النقل ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة  وتشغيل المصانع بمولدات ذات تكلفة مرتفعة  في ظل عدم توفر الجازولين  وغلاء سعره  وانعدام الفيرنس أيضاً،  كل هذه الأشياء أدت الى مشكلات كبيرة بجانب المشكلات القائمة  والتي كانت تواجه الصناعة منها الضرائب والرسوم  المحلية  والتضارب ما بين رسوم المركز والمحليات.

ونوه الناير إلى مشكلة عدم توفر المواد الخام واستيرادها من الخارج في بعض الأحيان في ظل تعقيدات الاستيراد المتعددة، وكل هذه المعطيات يضاف إليها ارتفاع أسعار المواد من الخارج بسبب تدهور قيمة العملة الوطنية وكافة الإشكالات اضحت عقبة تواجه القطاع الصناعي.

وقال الناير: وكل ما نخشاه بسبب سياسات الدولة التي أدت الى ارتفاع تكلفة الإنتاج بصورة كبيرة  وتوقف عجلة الإنتاج تماماً بسبب أن الدولة ما زالت تمضي في ذات النهج بزيادة أسعار المحروقات من جهة والدولار الجمركي من جهة أخرى وتوريد إيصاله الى ٣٨٢ جنيها أسوة بالسعر الرسمي المعلن وهذه الخطوات لها انعكاسات سالبة على مجمل الأوضاع الاقتصادية.

وحذر الناير من توقف عجلة الإنتاج في المرحلة القادمة  والذي يتبعه ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستوى الدخل حتى لا يكاد يغطي ١٠٪ فقط من تكاليف المعيشة ودعا الحكومه بأن لا تصدر اي قرارات دون دراسة كافية في الدولار والمحروقات، وأكد أن الدولة لا تضع أي حسابات او تقوم بعمل استبيان لمعرفة آراء الناس حول السياسات الاقتصادية  وترضي المجتمع الدولي دون المواطن السوداني ومصلحته.

وزاد قائلاً: في النهاية فإن المواطن السوداني هو الذي يدفع الثمن،  حكومة الفترة الانتقالية خلال الفترة الماضية  لم تنجز اي شيء في الملف الاقتصادي بل تراجع وتدهور الوضع بصورة غير مسبوقة ومعالم  التدهور تتمثل في تدهور سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم وهذه تحديات كبيرة انعكست بصورة سالبة على كل القطاعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى