إسدال الستار عللا قضية عبد الباسط حمزة.. المحكمة: (حمزة) فشل في حصر أموالة وممتلكاته وكل ثروته

إدانة حمزة  بالثراء الحرام والتعامل بالنقد الأجنبي وغسل الأموال والإدلاء بمعلومات كاذبة

الخرطوم: محمد موسى

شمس أمس الإثنين الحارقة في نهار السابع من رمضان لم تكن سبباً كافياً لمنع ذوي رجل الأعمال المعروف عبدالباسط حمزة، من التجمع مبكراً بمقر محكمة جنايات بحري وسط، لحضور الجلسة النطق بالحكم في مواجهة (حمزة) على ذمة اتهامه بالثراء الحرام وغسل الأموال والإدلاء بمعلومات كاذبة ومخالفة قانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، حيث وضعت نهار رمضان وسخونة طقسه جانباً وتجمهروا بالمحكمة بكثافة، فيما قابل ذلك حضور كبير من شرطة المحاكم مما ساهم في تنظيم دخول ذوي المتهم لقاعة المحكمة وتأمين المحكمة، حيث طوق العشرات من أفراد شرطة المحاكم قفص الاتهام والتفوا حوله فيما نصب (6) أفراد من الشرطة القضائية دائرة مغلقة حول قاضي المحكمة وظلوا وقوفاً حوله طوال ساعة ونصف ظل يتلو خلالها قاضي المحكمة حيثيات قراره .

فيما اصدرت المحكمة قراراً بالسجن (10) سنوات على رجل الأعمال عبد الباسط حمزة وفرضت عليه غرامة مالية قدرها (20) ألف جنيه.

حينها فشل أفراد أسرته بالسيطرة على أنفسهم وتساقطت دموعهم داخل قاعة المحاكمة – إلا أن المدان وقتها نهض من مقعده بقفص الإتهام مخاطباً ذويه قائلاً لهم : ( ابشروا بالخير وما يهمهكم اصلوا وواثق من براءتي وما قدمته من أجل هذه البلد والاتهام فشل في تقديم ورقة واحده تدينني وأنا اول من اسس فندق بالسودان وهو فندق السلام روتانا وأسست مول عفراء كأول مول في السودان)، كما تجمع أفراد أسرته أمام البوابة الخارجية لمقر محاكمته مرددين (حسبنا الله ونعم الوكيل) أثناء اقتياد سلطات سجن كوبر القومي المدان من داخل المحكمة للسجن حيث حيا (حمزة) اسرته ملوحاً لهم بيده اليمنى قبل ادخاله في عربة (شريحة) بيضاء اللون تقف على بعد (50) متراً من مدخل مدرجات المحكمة .

/////////////////

أحكام بالسجن والغرامة

اصدرت المحكمة الخاصة أمس، حكماً بالسجن (10) سنوات في مواجهة رجل الأعمال المعروف عبد الباسط حمزة وذلك لإدانته بالثراء الحرام وغسل الأموال .

وفرضت ذات المحكمة غرامة مالية قدرها (20) الف جنيه في مواجهة حمزة وبعدم دفعها سجنه لاثني عشرة شهراً أخرى تسري بالتتابع.

وقال قاضي المحكمة في حيثيات قراره  انها توصلت الى اصدار العقوبة في مواجهة المدان حمزة وذلك وفقاً لما جاء في المشرع والقوانين التي وضعها، بجانب استنادها على السوابق القضائية واقوال المدان بالتحري التي هي الأكثر قبولاً وأقرب.

ونبهت المحكمة إدانتها (حمزة)، بمخالفة نص المادة (6/أ/د/ 7/) من قانون الثراء الحرام لسنة 1989م وسجنه لـ(5)سنوات، الى جانب إدانته بمخالفة نص المادة (5/9) من قانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي لسنة 1981م تعديل 2011م  وتغريمه مبلغ (5) آلاف جنيه بعدم الدفع سجنه لثلاثة اشهر، اضافة الى إدانته بمخالفة نص المادة (35) من قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب لسنة 2014م وسجنه لـ(5)سنوات ، الى جانب ادانته لمخالفة نص المادة ( 97) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م تعديل 2016م وتغريمه مبلغ (5) آلاف جنيه وبعدم الدفع سجنه لـ(3)اشهر، كما فرضت ذات المحكمة غرامة مالية قدرها (5) آلاف جنيه ضد المدان لمخالفته نص المادة (9) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه المتعلقة بعدم تقديمه اقراراً للذمة، وشددت المحكمة في قرارها بأن  الاتهام لم يقدم أي متحصلات رقمية لأموال المدان (حمزة) – وإنما قدم افادات فقط  بجانب وضع النيابة مبلغ (82) مليون يورو كشرط للإفراج عنه بالضمانة .

مدان مثقل بالجراح..

في ذات السياق وعقب فراغ المحكمة من حيثيات قرارها بإدانة رجل الأعمال عبدالباسط حمزة، طالبت هيئة الدفاع عنه بتقديم ظروف مخففه للعقوبة، حينها نهض رئيس هيئة الدفاع المحامي عبد الباسط سبدرات من مقعده وأمسك بـ(المايك) مكبر الصوت وخاطب المحكمة قائلاً : (اعتقلت الدهشة لساني فلم يعد يتبين لي شيئاً او ماذا اقول من اسباب، وأن المدان مثقل بالجراح لا يقدرعليها إلا ايوب النبي ، كما أنه غير قادر على احتمال  طعنة أو وخزة إبرة، فأين تجد المحكمة مكاناً لتوقيع العقوبة للمدان موكله؟ سأترك الأسباب المخففة للمحكمة هي تختار  ما تراه مناسباً، وأقضي إنما أنت قاضي إنما تقضي هذه الحياة الدنيا).

فشل في إقرار ذمة

وقال قاضي المحكمة في حيثيات قراره بأن المدان فشل في تقديم إقرار ذمة طوال فترة عمله بقوات الشعب المسلحة له ولزوجته وأبنائه، مما يعتبر ارتكب فعلاً مخالفا لنص المادة (9) من قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة 86م، وأشارت المحكمة الى ان المدان حمزة عمل بقوات الشعب المسلحة منذ العام 1982م وتدرج فيها حتى أحيل للمعاش برتبة برتبة عقيد مهندس بتاريخ 16/9/2000م وذلك بحسب مستند اتهام (1) ، ونوهت المحكمة الى أن الأشخاص المنوطين بتقديم إبراء الذمة هم الضباط من رتبة المقدم وما فوق وبالتالي أن المدان يشمله قرار إبراء الذمة عن نفسه وزوجته وأبنائه وأطفاله القصر – علي أن يتم تقديمه لإبراء الذمة سنوياً أو بعد شهر خلال وجود ه في الخدمة أو تقديمه لاقرار الذمة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إنهاء خدمته،  وشددت المحكمة في قرارها على أنه ومن خلال  مراجعة محضر المحاكمة اتضح بأن المدان  فشل في تقديم إقرار الذمة لدى إدارة نيابة الثراء الحرام والمشبوه عن نفسه – ناهيك عن زوجته وأبنائه، ولفتت المحكمة الى أن المدان تناقض في أقواله حيث افادها بأنه قدم إبراء الذمة قبيل وصوله لرتبة العقيد، ثم عاد المدان في أقواله وأوضح بأنه لم يقدم إبراء الذمة لان القرار بذلك لا يشمله .

تساؤلات المحكمة

وحول مخالفة (حمزة) لنص المادة (6/أ/د) من قانون الثراء الحرام، هنا وقبيل الشروع في مناقشة حيثيات مخالفات المتهم طرحت المحكمة عدة تساؤلات قائلة : (هل المتهم عبد الباسط حمزة امتلك أموالاَ ؟ وهل هذه الأموال تتناسب مع المتهم؟ وهل هذه الأموال والثروات التي يمتلكها المدان تتناسب معه ؟) وأجابت المحكمة على تلك التساؤلات بقولها، بانه لا مما لا شك فيه أن المدان (حمزة) يمتلك أموالًا طائلة طرأت عليه حسب اقواله بعد تركه الخدمة بقوات الشعب المسلحة في العام 2000م، ولفتت المحكمة الى انها تؤكد في ذات الوقت لربما قد يحصل الشخص على اموال من جراء هجرة أو اغتراب أو تعب وكد في حياته العملية إلا أنه يبين عن مصدر ذلك، وشددت المحكمة على ان المدان حمزة، وطيلة فترة المحاكمة لم يبين طريقة حصوله على تلك الاموال – لاسيما وأن شاهد الاتهام الأول افاد المحكمة بأنه قد عاصر المدان حمزة منذ تسعينات القرن الماضي ويعلم بأنه كان يسكن مع عمه في بيت مستأجر بمنطقة الحاج يوسف وأنه وقتها كان يمارس المدان أعمالاً بسيطة عادت بموجبها أموالا ً وحقق ارباحاً، ونبهت المحكمة الى أنه وبالتالي فإن  الأموال والثروات التي طرأت على المدان وفقاً لمستندات الاتهام تتمثل في (عقارات / شركات وأسماء اعمال / اسهم بالبورصة سوق الاوراق المالية  / وامتلاكه محطة كهرباء)، إضافة الى امتلاكه لشركات خارج البلاد بـ(قبرص /ونيجيريا /مصر) وأشارت المحكمة الى أن المدان ذكر عدة مرات خلال المحاكمة بأنه وحتى تركه للجيش لم يكن يمتلك اموالاً وإنما اكتسبها لاحقاً من خلال العمل الحر بشركته  مجموعة  الزوايا المتقدمة وشركته لاري كوم في العام 2002م و2003م، اضافة الى أن المدان وخلال ثلاث جلسات استجوابه  بالمحكمة أفاد بأنه ومنذ العام 92م وحتى فبراير 2000م عمل بمجموعة شركات المجموعة التقنية المتطورة في التصنيع الحربي وظل وفقا لذلك يحصل على امواله وثرواته من جهوده وعلاقاته الخاصة حيث قدم (28) شاهدا للدفاع عنه حول ذلك الى جانب (97) مستنداً، وهنا طرحت المحكمة سؤالاً ثالثا بهل ما قدمه المدان من مستندات وشهود دفاع عنه كافية لإثبات ملكيته لثروته ؟ وحينها اجابت المحكمة بان المدان نفسه لم يستطع حصر ثروته وأفاد بصريح العبارة للمحكمة (بأنه لا يتذكر حجم ثروته)، وشددت المحكمة على ان المدان شابت اقواله تناقضات حيث لم يتمكن من تمييز عدد عقاراته وشركاته  وسيارته وانما ظل يقدم مستندات حول ذلك، وأضافت المحكمة قائلة: (إن الرجل العصامي الذي اجتهد وسكب العرق لتكوين ثرواته لا يحتاج لمستندات ليعرف منها حجم أموال وثرواته)، ونبهت المحكمة الي ان المتهم وبذات نفسه افاد بأن نقطة انطلاقه في تكوين امواله من خلال انشائه مول عفراء ثم عاد ورجع وقال إن امواله كونها من خلال حصوله على مبلغ (200)مليون دولار من شركة زين الكويتيىة، إضافة الى ان المدان ذكر صراحة أمام المحكمة بانه لايستطيع حصر ممتلكاته، وهنا طرحت ذات المحكمة تساؤلاً رابعاً ما هي ممتلكات المدان؟ حينها اجابت المحكمة بأن المدان يمتلك منزلا بالمنشية قام بشرائه في العام ٢٠٠٦م بمبلغ ١٥٢.٤٠٠ مليون دينار، إضافة الي امتلاكه عمارة من أربعه طوابق بمنطقة الجريف شرق قام بشرائها بمبلغ (٣٠٠) ألف جنيه، إضافة الى شرائه قطعة ارض بكافوري مربع (٦) بمبلغ (١٧) مليون دينار سوداني، بالإضافة الى امتلاكه مزرعة بالحلفايا، وأراضي زراعية بمطري المرخيات شمال امدرمان مساحتها (٥٧١) فدانا قام بشرائها في العام ٢٠١٧م بها اشجار مثمرة واراض زراعية، بجانب امتلاك المدان لـ (١٢) سيارة قام بشرائها من الخارج في خلال الفترة ٢٠٠٤م إلى ٢٠١٨م استخدم من بينها لنفسه سيارة ماركة مرسيدس، بينما بقية السيارات يستخدمها مديرو شركاته وأبنائه، إضافة الى امتلاكه ارض فندق قصر الصداقة بقيمة (٤٥) مليون دولار اي ما يعادل(١٠٦.٧١.٥٠٠) مليار جنيه سوداني، بحانب امتلاكه جرفاً خاص بأرض فندق الصداقة، اضافة الى اقرار المدان واسترساله أمام المحكمة بأنه يملك حسابات وأرصدة ببنوك عالمية خارج البلاد منها حسابات بمصرف الشارقة ودبي واليونان، بإلاضافة إلى امتلاك المدان شركات داخل السودان وخارجه في مصر ونيجيريا وقبرص وغيرها، ونبهت المحكمة الى ان المدان لم يفصح عن كيفية جمعه لتلك الثروات ولم يقنع المحكمة بذلك رغم تقديمه شهودا ومستندات للدفاع، إضافة الى عدم تقديم المدان لشاهد واحد يعضد ما ذكره حول الأمراء الذين ساعدوه   في مشاريعه باستثناء تقديمه صورة له مع الرئيس التشادي ادريس دبي عند قيامه بإنشاء المشروع الإلكتروني للجواز التشادي، فيما نبهت المحكمة في قرارها إلى ان المدان لم يقدم اي مستندات توضح أرباحه في مول عفراء وإنما افاد بأن تلك الأرباح تدخل في شركته الزوايا المحدودة، كما ان المدان ظل يفيد بأن شراكته في مول عفراء فتحت له بيوت الأعمال العالمية في الفترة من ٩٧ وحتي ٢٠٠٢م علمًا بانه وقتها كان يعمل بالقوات المسلحة، وشددت المحكمة على أن المدان لم يقدم أي بينة أو دليلا واضحاً حول الفرص الذهبية التي أهلته للانفتاح حول الشركات العالمية مثل شركة هواوي للاتصالات واريكسون السويدية وشركة الاتصالات الألمانية، كما ان المدان لم يفصح ويحدد عائدا ماليا حقيقيا وإنما هو قول لا سند عليه، وبالتالي تأتي القاعدة المعروفة من أين لك هذا؟ لاسيما وأن المدان لم يقدم إبراء الذمة.

تعامل بالنقد الأجنبي

في المقابل أشارت المحكمة في قراراها بأن المدان تعامل في النقد الأجنبي عبر إبرام عقودات مع شركة زادنا لبيع برجي قصر الصداقة بمبلغ (41) مليون يورو للبرج الواحد بجانب إقراره امام المحكمة باستلام مبلغ (42) مليون دولار امريكي نقداً، وذلك  لعدم حصوله على اذن من بنك السودان المركزي مما يعتبر بذلك ارتكب فعلاً مخالفا لقانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، في ذات الوقت ادانت المحكمة المدان بتقديم بيان كاذب لموظف تسجيلات الاراضي لاغراض تحويل ونقل ملكية اراض ببري تحمل توقيعه عليها رغم علمه بعدم صحة فحواها.

في ذات الاتجاه أدانت المحكمة المدان بمخالفة قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب إلى انه اكتسب اموالًا وعقارات وممتلكات ومتحصلات  ولم يقدم وصفا دقيقا لجمعها، مشددا على ان المدان استغل نفوذه بشركاته في اعمال أخرى غير المخصصة لها وحاز متعمداً على اموال منها.

مصادرة ممتلكاته بواسطة لجنة التمكين

وحول مستند دفاع (٤١) المتعلق بمصادرة لجنة إزالة التمكين ومكافحة الفساد، قال قاضي المحكمة بأن المستند يوضح حجز اللجنة على اموال وعقارات وسيارات وشركات المدان (حمزة) وذلك بموجب قرار موقع عليه بواسطة مقرر اللجنة وتوقيع رئيسها الفريق ركن ياسر العطا، وشددت المحكمة بان مصادرة تلك الأموال من المدان تمت بموجب قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ لسنة ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠م، وهو قانون ساري وليس للمحكمة سلطة عليه وعلي المدان انتهاج الطرق القانونية لاسترداد امواله.

فشل في تقديم إقرار ذمة

وقالت المحكمة الخاصة والمنعقدة بمحكمة جنايات بحري وسط  برئاسة قاضي الإستئناف عبد المنعم عبداللطيف أحمد، بان هذه  القضية تعتبر من قضايا الراي العام ، مبينا خلال مذكرة وضعتها المحكمة بانه ليس من باب علمه الشخصي وانما من علم الكافة فانه قد وصل امر الفساد في البلاد ووضعها في قائمة تصنيف اكثر دول العالم فساداَ الأمر الذي تسبب في تولد فوارق إجتماعية في الدخل، مما الحق الضرر بالاقتصاد بالبلاد ، وشدد قاضي المحكمة على أن  موضوع البلاغ ليس المال والدخل فقط للمتهم – وانما فشله في تقديم بيان اقرار الذمة ، اضافة الي انه ووقت قضية الدفاع قد ورد سؤال من هيئة الدفاع عن المدان لاحد الشهود كان محل دهشة للمحكمة حين استفسره عن انتمائه الحزبي ، في حين ان المحكمة استجوبت المتهم لثلاث جلسات متتالية ولم تتطرق لموضوع الحزبية اطلاقا وذلك احقاقا للحق وان الامر لا يعينيها كمحكمة ، في وقت اثني فيه قاضي المحكمة علي ما قدمه المحامي عبدالباسط سبدرات ، رئيس هيئة الدفاع عن المدان  في قضية الدفاع التي صقلها بكافة خبراته فيها القانونية ، فضلاً عن أن الاتهام لم يقل عن الدفاع كذلك في تقديم قضيته – الا ان المحكمة حكمت بما رأته من وقائع مثبتة أمامها.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى