تجدّد الصراع في دارفور.. حركات الكفاح.. الغائب الحاضر.!!

 

تقرير/ نجدة بشارة

خمسة شهور مضت على وصول قادة حركات الكفاح المسلح (الجبهة الثورية) إلى الخرطوم منتصف نوفمبر المنصرم؛ خلالها جرت مياه كثيرة تحت الجسر وتغيرت الكثير من الأحداث  السياسية، فتحت الوثيقة الدستورية وعدلت، مجلس جديد  للشركاء، حكومة انتقالية جديدة ضمت قيادات الكفاح للملعب.. بإضافة ثلاثة مقاعد للسيادي وخمسة مقاعد للوزراء  من الموقعين على اتفاق السلام.. محاصصات وشراكات، ورغم كل التغيرات الجيوسياسية والتي ظهرت جليًا في المركز.. لكن بالمقابل ظلت المناطق (الهامش) كما يحلو لقادتها مناداتها التي خرجوا مناضلين لأجلها ظلت كما كانت في السابق بؤر للصراعات والأحداث الساخنة.. وهذا ما يدفع للتساؤل عن تأثير حركات الكفاح على المشهد بالداخل؟ لماذا استمرت الصراعات رغم شعار أرضاً سلاح؟

أسباب تجدّد الصراع

مؤخراً تجددت الصراعات في عدد من ولايات دارفور..غرب وشمال  دارفور لا سيما مدينة الجنينة التي شهدت أحداثاً دامية راح ضحيتها مئات الابرياء وسالت شلالات الدماء.. ولم تستطع الحكومة في المركز السيطرة على هذه الأحداث.. رغم اختلاف المسببات، ولعل  أزمة دارفور تشابكت جذورها التاريخية، وتداخلت العوامل الطبيعية (الجغرافية، المناخية)؛ الاجتماعية، السياسية، هذا بالإضافة إلى العوامل الخارجية، وهنالك أبعاد شخصية وطموحات دولية كلها ساهمت في إذكاء الفتنة وزادت من اشتعال فتيل الصراع.

وحسب مراقبين رأوا أن الصراع في دارفور قديم متجدد لكن السمة الغالبة عليه هو القبلي وانتشار القبلية والجهوية بين بعض القبائل كما حدث في أحداث الجنينة التي بدأت بشجار صغير بين شخصين وفاقم الحدث أنهما  من قبيلتين مختلفتين .  إضافة الى الموارد وغيرها تلك العوامل أسهمت بصورة سلبية في تأجيج الحرب في دارفور، فضلاً عن الجهل وضعف الوازع الديني للمجموعات المتفلتة وتراجع أدوار الحكومة المركزية في ضبط هذه الأحداث. وأوضحوا  وجود ضعف في إنزال السلام الى أرض الواقع من قبل حركات الكفاح التي منذ أن جاءت إلى العاصمة وانخرطت في تحالفات وصفقات سباسية ومحاصصات .. ما عدا بعض الوفود التي تطوف على ولايات دارفور لمزيد من الوعود.. وأشاروا الى ضرورة وجود هذه الحركات في هذه المناطق ليستشعر موطنوها الأمان والسلام الحقيقي.

لكن  عضو مجلس السيادة الفريق الركن ياسر العطا، رأى  أن ما يجري من أحداث وتطورات وتفلتات أمنية في البلاد يهدف لعرقلة الفترة الانتقالية.

الوقت مبكر 

واعتبر المحلل السياسي والمراقب للعملية السلمية د. عبد الله آدم خاطر أن الوقت مازال مبكرا  للقدح أو الذم في حق حركات الكفاح، وقال لـ(الصيحة)، إن جهود هذه الحركات في إنزال السلام وتطبيقه على ارض الواقع إنجاز يحسب لهذه الحركات، وحق علينا الاعتراف بتنازلهم، أما فيما يختص بالصراعات فهي نتاج لصرعات إثنية قبلية.. وقال: نتعشم ان تضع القرارات الأخيرة الصادرة من رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان  العربة أمام الحصان.

وكان  البرهان قد أصدر قرارات حاسمة عقب زيارته مؤخرًا للجنينة  ليعزز بها  مسيرة الأمن والاستقرار بولاية غرب دارفور.  وأكد رئيس وفد المساليت السلطان تاج الدين محمد بحر الدين، خلال لقائهم البرهان على الالتزام بكافة القرارات التي تصدرها الدولة لبسط هيبة القانون وتعزيز التعايش الاجتماعي بين مكونات الولاية، وأشار الى دعمهم للجهود التي تبذلها الأجهزة المختصة لنزع السلاح والقبض على المتفلتين والمارقين على القانون، وشدد على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات التي تعزز السلم الاجتماعي وتَقف حَائلاً دون تكرارها مُستقبلاً.

الغائب الحاضر  

في السياق، أشارالفريق أحمد إدريس إبراهيم  مفاوض بوفد مباحثات سلام جوبا ومسئول ملف الترتيبات الأمنية بجنوب وغرب  كردفان، أشار  لتحديات واجهت  ملف السلام لا سيما   بند الترتيبات الأمنية، وقال إن هنالك خللا كبيراً في تنفيذ الترتيبات الأمنية، وهو السبب الذي أدى لخلق أزمة صراعات مجددًا  في ولايات  دارفور.

وقال: كان يفترض  أن يتجمع الجيش وفق برتكولات معينة في مناطق تحدد مسبقاً.. وقال إن الحكومة لم تخط أي خطوات حثيثة ناحية الترتيبات الأمنية وتعذرت بعدم وجود ميزانية، وأردف:  لكن هذه الأعذار والتأخير أثر على الروح المعنوية للحركات  من خلال استشعارهم  عدم الجدية حتى إن بعضهم بدأ العودة لمناطقهم وللجبال، وتوقع أن يكون بعضهم طرفًا في هذه الأحداث التي وقعت بولايات دارفور.

من جانبه ذهب القيادي بحركة العدل والمساواة الموقعة على الدوحة عبد المجيد دبجو، إلى أن عودة الحركات للداخل بعث برسائل إيجابية للمجتمع الدولي وهو الشيء الذي ساهم في رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، واعتبر أن هذه خطوة جيدة، لكنه عاد وأشار إلى وجود  تباطؤ في حساب الجداول الزمنية لتنفيذ اتفاقية السلام ما عرض الاتفاقية لرياح عاتية، وانتقد غياب الحركات في الهامش، وقال انها كادت أن تصبح حركات مركزية فقط، وبالتالي وطالما أن هذه الحركات مطلبية كان ينبغي أن يكون لها وجود ملموس في ولايات الهامش لأن مواطني هذه الولايات يحتاجون إلى مزيد من التبشير والتبصير بالسلام.. وحتى لا يكون وجودهم كالحاضر الغائب.

خارج السرب

في المقابل بدت بعض الحركات كما لو أنها تغرد خارج السرب.. وينأى بنفسه بعيدا عن الأحداث حيث حمل رئيس حركة العدل والمساواة الفريق أول دكتور مهندس منصور أرباب الحكومة مسؤولية  الأحداث الدامية  والانفلاتات الأمنية التي شهدتها مدينة الجنينة.

ودعا يونس مجلسي الأمن الدولي والسلم والأمن الأفريقي بالتدخل العاجل لحماية المدنيين تحت البند السابع، وشدد على ضرورة إرغام الحكومة بالجلوس مع كافة الحركات الثورية المسلحة وناشد بالوقف الفوري لما يسمى بمسار دارفور في اتفاق سلام جوبا مؤكداً أن الاتفاق سيؤسس لحرب قبلية أشد من التي كانت تحدث، مشيرا إلى أن اتفاق جوبا أسس لهذا الواقع. وطالب  الحكومة القيام بمسؤولياتها الأمنية والسياسية والأخلاقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى