الموسيقار ضياء الدين ميرغني من هولندا:: التغيير هو محور حياتي الذي عملت لأجله طيلة الثلاثين سنة التي حكمت فيها عصابة الجبهة الإسلاموية!!

لهذه الأسباب أوقفت نانسي عجاج من أداء أغنية رفقة!!

ضياء الدين ميرغني.. شاب سوداني مبدع حد الدهشة.. ظهرت موهبته اللحنية باكراً في حي الحلفايا.. حيث قام بتلحين قصائد لشعراء كبار وهو لم يزل يافعاً، وذلك ليس بغريب عليه حيث نشأ ووجد أمامه الموسيقار بشير عباس والملحنة أسماء حمزة.. ولكن ضياء الدين هاجر من السودان وموهبته لم تزل بكراً.. وهو شاب مبدع حد الإدهاش.. استطالت غربته عن أرض الوطن، ولكنه عاد قبل فترة، وعاد راجعاً إلى مقر إقامته بهولندا..

بعض الرحيق حاورت ضياء الدين ميرغني حول الكثير من القضايا التي تخصه شخصياً وتخص تجربته والثورة والكثير من الحكايا نطالعها في هذا الجزء الأول من هذا الحوار:

حوار: سراج الدين مصطفى

ـ وأنت بعيد.. كيف كنت تتابع حراك الشارع السوداني ضد نظام المؤتمر الوطني؟

أنا بالطبع لم أنفصل يوماً واحداً عن متابعة الشأن السياسي السوداني بحكم نشاطي العام السياسي والفني، بل في كثير من الأحيان كنت شريكاً في تلك التحركات  عبر البث المباشر (لايف) في الفيس بوك بالتوجيه والتحضير والتحميس وعبر إطلاق الأغاني الوطنية الخاصة والمسموعة. فالراية عندي لم تسقط ولم يخفت صوتي والحمد لله منذ ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحتي سقوط  نظام الإنقاذ في أبريل ٢٠١٩ عبر ثورة ديسمبر.

ـ ماذا يعني هذا التغيير بالنسبة لك كمبدع؟

باختصار يعني لي كل شيء، هو محور حياتي الذي عملت لأجله طيلة الثلاثين سنة التي حكمت فيها عصابة الجبهة الإسلاموية. فقد كانت أكثر السنوات ظلامية في تاريخ السودان الحديث. وللفن تحديداً نصيب كبير من هذا الدمار الذي أصاب هذا القطاع، حتي ساد فيه ما يحدث  الآن من تردٍّ في الذوق العام، وبالتالي الانحدار المريع  على مستوى المفردة الغنائية والأدائية لكثير من المغنين والمغنيات إلاّ من رحم ربي, وهم قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، رغم امتلاك كثير منهم الصوت الجميل، ولكنهم لم يوظفوه في الطريق والنهج السليم.

بالمناسبة استاذ سراج عندى دراسة اسمها الجبهة ومشنقة الإبداع نشرت في العديد من المواقع بالإضافة إلى صحيفة (البعث السوداني) التي توقفت عن الصدور الآن، سأرسلها لك لاحقاً لتدري حجم الخراب الذي أصاب هذا القطاع.

ـ إلى الآن الثورة السودانية لم تنتج أغنيات بقامتها وقوتها؟

هذه الثورة أنتجت أعمالاً في  قامتها، وهي كثيرة، ولكن!! ما ظهر منها إعلامياً, قد لا يرقي إلى قامتها، وهنا العتب أولًا علي السياسة الإعلامية وعلى أجهزة الإعلام الرسمية، والتي لم  تهتم كثيراً  بالتوثيق الفني،  لقد كان بعض الفنانين والفنانات  والموسيقيين جزءًا أصيلًا في ساحة الاعتصام حضوراً ومشاركة، دعك من البعيدين أمثالي وأمثال عاطف أنيس مثلاً  والموصلي وعلي السقيد وغيرنا ممن كان لهم إسهام فني نضالي بالكلمة واللحن، وهم بالداخل مثل أبو عركي البخيت وعقد الجلاد وساورا بقيادة المرحوم ربيع عبد الماجد، وشعراء جميلون مثل سعد الدين إبراهيم عليه رحمة الله، ومدني النخلي وكذلك محجوب شريف رحمه الله، ومحمد الحسن سالم حميد عليه الرحمة والقدال وأزهري محمد علي وقاسم أبو زيد وهاشم صديق، والقائمة طويلة من الشباب تحديداً  فليعذرني من لم أذكر أسماءهم. ولكن السؤال: أين دور الأجهزة الإعلامية والتوثيق لكل ذلك؟

لقد طرحت سؤالي بمعية الأساتذة علي السقيد ومدني النخلي  علي، وكيل وزارة الثقافة والإعلام في أبريل الماضي، ولكن لا جديد رغم الوعود، بل هناك عرقلة فأنا سجلت سهرة وثائقية لقناة سودانية ٢٤ منذ أكثر من عام ونصف، ولم تبث حتى الآن  ولا أدري سبباً واضحاً لذلك.

ولكنك تشاهد ما يدور في الإعلام  الرسمي وغير الرسمي بالتأكيد ويمكنك الحكم عليه.

ـ بعد عودتك الأخيرة كيف وجدت السودان من الجانب الاجتماعي والجانب الفني؟

بالتأكيد كنت أمنّي نفسي بوضع مختلف، غير أن الأمور تزداد سوءاً في جميع المجالات، في تدني الأخلاقيات وفي فقدان البيئة المحّفِزة للإبداع بل وممارسة أفعال بالعكس من ذلك تماماً كما يواجهه الآن بعض الفنانين بذرائع لا تُطبق إلا على الوسط الفني فقط  من حبس وغرامات,, الخ .. وفي الجهة الأخرى  التغاضي عن ذلك في مجالات أخرى!!

ـ ما هو دور المبدعين في المرحلة القادمة؟

دور المبدعين في كل مرحلة كما كان في السابق والآن ومستقبلاً, هو التعبير عن هموم الناس وترقية ذوقهم ووجدانهم، (فنحن أمةٌ للمجدِ والمجدُ لها، ونحن هنا صوت يناديني تقَّدم أنت سوداني، ونحن وطن الجدود نفديك بالأرواح نجود، وأنا سوداني أنا، ونحن وطن النجوم  ولي وين، وكيف لمتين.. الخ..)، مسيرة لم تنقطع ولم ولن تتوقف.

ـ حدثنا عن الأغنيات التي لحنتها للثورة؟

في جردي لأعمالي الفنية التي قمت بتلحينها وقد تعّدت المائة عمل بخلاف المقطوعات الموسيقية, وجدت أن ثلث إنتاجي الفني  أي ما يقارب الثلاثين عملاً أعمال وطنية، ولكن في ثورة ديسمبر ٢٠١٨ بالتحديد بلغت الأعمال حوالي تسعة  أعمال، وهي ٤ أعمال لأبونا محجوب شريف، وعمل لحميد وعمل لهاشم صديق، وعمل لعبد المحمود السماني، وعمل لخالد محيي الدين، وعمل من كلماتي مطلعه: هتافنا في الشارع من أجل ثورتنا يلاك نتظاهر والكلمة حجتنا.

ـ هناك بعض الآراء ترى أن ضياء ميرغني أكثر جمالاً كملحن وليس كمغنٍّ؟

أنا أحترم هذا الرأي، كما أحترم الرأي الذي يقول في الاتجاه الآخر، ولكني شخصياً أمِيلُ إلى التلحين والتأليف، وأصلاً لا أُغني إلاّ لإحساسي،  لأنه ليس هناك من يوصل اللحن كما أراه  وطبعاً هذا خطأ، فالغناء أيضًا يحتاج إلى التدريب المستمر, مع العلم أني بدأتُ مغنياً، فأنا صعدت عللا خشبة المسرح للغناء وأنا دون العاشرة.

ـ متي سيعود ضياء الدين ويستقر بأرض الوطن؟

عودتي السابقة كانت بغرض توفيق أوضاعي والنظر بموضوعية إلى الواقع، ولكني وجدت الواقع طارداً وليس جاذباً، مع كل ذلك أشعر بأن من واجبي أن استقر لعدة أسباب في الوطن، وسأسعى بأسرع فرصة لذلك إن شاء الله.

ـ أغنية رفقة كيف وصلت لنانسي عجاج ولماذا قمت بسحبها منها؟

في العام ٢٠٠٦ عملنا احتفائية كبيرة لدعم علاج المرحوم  أبونا محجوب شريف، وقد شارك فيها فنانات وفنانين سودانيين من دول أوربية متعددة، بالإضافة إلى الموسيقيين، وتسهيلاً للبروفات فقد قررنا أن نقيم بمنزل واحد. معرفتي طبعًا وصداقتي بنانسي بدأت قبل ذلك بكثير، كانت رؤيتي للعمل (رفقة) أن يُؤدى  بفرقة وليس فناناً واحداً، لذلك رفضت منذ البداية ولكن أمام إصرار  الأخت الفنانة نانسي على أن يكون من نصيبها بالإضافة إللا رجاء أخوتي من الفنانين والموسيقيين, وافقت بشروط  أدبية ومادية، وبعدها استضافنا الراحل المقيم خالد الحاج في منزله بعدما تم الاتفاق، وبدأت في تحفيظها وتسجيل اللحن لها، حتى اللحظة ينفذ نصف ما يخص الجانب  المادي، أم الجانب الأدبي فسأروي لك قصة يمكنك أن تحكم بها.

ـ ماذا حدث بالضبط مع نانسي عجاج؟

جمعنا لقاء أنا ورامز محمد سراج الدين ونهى عجاج، فقام رامز بمحاولة لتمهيد الأرضية بيني وبينها للتعاون الفني وأخبرها بأني من لحنت أغنية رفقة، فاندهشت بل أصرت أن ملحنها شخص آخر سمّته بالاسم، فماذا يعني ذلك؟ قبل عودتي للسودان اتصل بي شاعر الأغنية الأستاذ يحيى فضل الله لمحاولة معالجة هذا الأمر، فقلت له أنا ليس عندي مشكلة عندي شروط متى تم تنفيذها فلا مشكلة لدي، فقال لي اترك الأمر ليّ، وتزامن وجودي مع وجود يحيى في الخرطوم العام الماضي ولفترة طويلة، تقابلنا ولم يذكر لي شيئاً ولم أسأله.  لكني قدمتها مع إضافتها الجديدة في العديد من المقابلات التي أجريت معي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى