إجازة مركزية “قحت”.. الانتقال من مظلة الخلافات السياسية!!  

تقرير- عبد الله عبد الرحيم

لم تكن الحرية والتغيير على قلب رجلٍ واحدٍ عقب سقوط نظام المؤتمر الوطني وإلى هذا اليوم، فقد دبّت داخل هذا التجمع العريض خلافات كثيرة وكبيرة ظهرت تأثيراتها على المشهد السياسي، وأدت إلى تعطيل عجلة الحكومة الانتقالية، لجهة أنها كانت هي من يقودها ويُؤطِّر لسياساتها، بينما سعت جهات أخرى سياسية مُحاولة الدخول للساحة السياسية من أوسع الأبواب.

وبالأمس، كشفت مصادر عن اجتماع ضم قوى الحرية والتغيير بدار التجمع الاتحادي لإجازة لائحة الجسم المركزي لقوى التغيير، ونوهت المصادر إلى أن سكرتارية الجسم المركزي لقوى الحرية والتغيير دعت لاجتماع متسترة خلف جسماً مركزياً وصفته بالقديم، وأردفت بأن الجسم أكل عليه الدهر وشرب، وأبعدت الأجسام والتنظيمات وجميع مكونات تحالف قوى الثورة التي أُضيفت حديثاً للجسم المركزي للحرية وهي جزءٌ أساسيٌّ وأصيلٌ في ثورة ديسمبر المجيدة، واتّهمت المصادر (4) تنظيمات داخل الجسم المركزي بالسعي لتحقيق مصالحها الذاتية على مصلحة الوطن والهيمنة والسَّيطرة على المجلس، وقال إنّ هذه الأجسام لم تستطع تمرير خططها بعد أن تم توسيع الجسم المركزي الجديد، ولذلك لجأت سكرتاريتها إلى دعوة مفخخة تحت مسمى الجسم المركزي القديم لإجازة لائحة مرفوضة منذ كتابتها، لأنها مُفصّلة على بعض هذه الأحزاب، وصعب تمريرها بشتى السبل لعلمهم برفضها مُسبقاً من قِبل جميع الأحزاب والمكونات لتحالف قوى الحرية والتغيير، ورهنت المصادر اكتمال الفترة الانتقالية وإكمال هياكلها واستمرار تحالف قوى الحرية والتغيير بمُناقشة وإجازة اللائحة الأولى التي تمت سياقتها من الأجسام كافة التي تمثل قوى الحرية والتغيير.

فهل هذا الاجتماع سيكون مدخلاً لحلحلة خلافات (قحت) أم أن إصلاح الخلل يتطلب أكثر من عملية إجازة للائحة أجسام تحمل أجساما مضادة داخلها للالتقاء والتجانُس؟

استمرار التفاوض

دكتور محمد المهدي حسن رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، أكد لـ(الصيحة) حقيقة هذه التحرُّكات للملمة أطراف مكون الحرية والتغيير، وقال إنهم في حزب الأمة القومي قاموا بتكوين لجنة للتفاوض مع مركزية قوى الحرية والتغيير حول رؤيتها المُقدّمة للإجازة، كما أن للحزب رؤية سابقة لمعالجة العمل السياسي، بعث بها للمركزية، وقال: حتى الآن لم يخلص الطرفان لنتيجةٍ، كما أنّ الاجتماعات بينهما مُستمرة، مُعلناً تفهُّم مركزية قوى الحرية والتغيير لرؤية الحزب حول الأوضاع السياسية والعمل السياسي داخل مركزية قِوى الحرية والتغيير، وأعلن المهدي عن أمله في أن يتم الاتفاق بين الطرفين وتجاوز الصعاب التي واجهتهما، وأن يتم الاتفاق على رؤية حزب الأمة السياسية التي دفع بها للساحة السياسية ولقوى الحرية والتغيير في وَقتٍ سَابقٍ.

وقال رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة، إن ما يجري بالساحة السياسية من صراعات واتّجاهات طبيعي جداً أن تدفع قوى الحرية والتغيير للملمة أطرافها وجراحها والمضي قدماً لدعم مؤسسات الحكومة القائمة الآن للعبور بالحكومة الانتقالية وتجاوُز الصِّعاب التي تَعترض الفترة الانتقالية، وقال المهدي إنّ حزب الأمة قام بإنذاره المُبكِّر للأوضاع المُتردية بخاصّة في جانبها السياسي، الذي لم يرتق إلى طُموحات وشعارات الثورة الشعبية التي أطاحت النظام السابق. الجميع كان يأمل في أداءٍ أفضل مما هو عليه على كل المستويات، ولهذا السبب بدأت الأحزاب المختلفة تتسابق في طرح رؤيتها وتتحدّث عن ضرورة مراجعة الأداء، ما يؤكد نظرتنا الثاقبة ونقدنا البنّاء الهادف إلى الإصلاح لتستقيم الأوضاع بالصورة المطلوبة، وأضاف محمد المهدي: إن رؤيتنا تنطلق نحو تطوير أجهزة ومؤسسات قوى الحرية والتغيير والعمل على إعادة هيكلتها لتقوم بمسؤولياتها كحاضنة سياسية ومنظومة حاكمة، لأن المشكلة الحقيقية هي أنه على الرغم مما حدث من تغيير، إلا أننا لم نستطع الانتقال بفكرنا من جانب المُعارضة إلى جانب الحُكم، وهذا ما أدّى إلى التراجُع الواضح في المنظومة السياسية.

لأجل التماسُك

وفي سِيَاقٍ مُتّصلٍ، أوضح عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي صديق يوسف في تصريحات سابقة، أن الحزب يدعم وحدة الصف داخل “قِوى الحرية والتغيير”، وحريص على عدم حدوث انقسامات “لأنها ستضعف الموقف الوطني”، ويبذل من أجل ذلك “جهوداً كبيرة تُصب في خانة الإجماع الوطني”، لافتاً إلى أنّ حزبه يتحرك في مسارين، الأول، عبر لجنة تقود حواراً مع حزب الأمة القومي لإثنائه عن موقفه بتجميد نشاطه في قوى الحرية والتغيير، بينما يتمثل المسار الثاني بقيادة حوار مع كل القوى السياسية لضمان التماسُك ووحدة الصف. ويعتقد أن حدوث اتفاق وتفاهم سياسي بين أحزاب “قوى الحرية والتغيير” واردٌ، لأنّ ما يجمعهم أكثر مِمّا يُفرِّقهم، خصوصاً أن “الخلافات القائمة تتمحور حول مسائل تنظيمية ليست فيها مواقف سياسية، وفي نظرنا فإنّ أنسب آلية لمعالجة هذه القضايا هو الحوار ونقاش نقاط الخلاف بكل شفافية ووضوح”، مُعرباً عن تفاؤله بتجاوز هذه الخلافات بالسرعة المطلوبة، وقَلّلَ عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي من “الشائعات التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي والتي تسعى إلى تعميق الخلافات بين القوى الوطنية”، مُعتبراً أنها “معلومة المصدر والهدف، لذلك لن تجد التأثير لدى عامة الناس لما يتمتّعون به من وعي”، واستبعد حدوث تحالفات سياسية جديدة أو أيِّ عَملٍ مُشتركٍ يجمع أيّاً من مكونات قوى الحرية والتغيير والحركة الإسلامية، لافتاً إلى أن “عزل هذه الحركة سياسياً مَحميٌّ بالوثيقة الدستورية، وعودتها إلى المسرح السياسي مجرد أحلام”.

تَوسيع المَظَلّة

ويُؤكِّد القيادي بالمؤتمر السوداني، نائب الأمين العام نور الدين صلاح الدين، أنّ المُهم هو أن يتم توسيع مظلة الحرية والتغيير لتشمل أكبر طيفٍ من القِوى السِّياسيَّة التي شاركت في المشهد السياسي وساهمت في إسقاط نظام المؤتمر الوطني، وقال لـ(الصيحة) إن هيكلة الحرية والتغيير على أسس جديدة مطلبٌ بالنسبة لهم في المؤتمر السوداني، وأن الاصطفاف الحالي بُني على موقف سابق للقوى السياسية وتجمُّعاتها، مشيراً إلى التقديرات السياسية المُختلفة، وقال إن الثورة أحدثت الاصطفاف الراهن، وزاد: على أرض الواقع الآن هناك تحرّكت مياه كثيرة تحت الجسر فهناك قوى خرجت، والموقف داخل الحكومة هناك قبول للنقد الإيجابي، وطالب بأن تكون قوى الكفاح المسلح جزءا من الحاضنة السياسية لأنّ ظروف التفاوض سابقاً جعلتها تأخذ موقفا آخر، وأكد نور الدين أن رؤية حزب الأمة فيها نوع من المعقولية، فالحزب ورغم أنه محسوب لكتلة نداء السودان، إلا أنه لا يجد تمثيلاً يُناسب حجمه ووضعه في الخارطة السياسية، بينما هناك أطراف مغايرة تجد حظاً وافراً ومُشاركة في الحكومة، وقال انّ هذا الوضع هُم أيضاً في المؤتمر السوداني يعانون منه، وأكد تأييد المؤتمر السوداني على مُراجعة الهيكل والتوافق على رؤية تشمل السياسات العامة وعلى أساسها تقدم رؤية للحكومة الانتقالية، وشدد على ضرورة دخول المرحلة الراهنة وقوى “قحت” على اتفاق، وزاد: إن أحد أهم ممهدات عبور الثورة هو وحدة قِوى الكفاح المسلح التي تمثل ضماناً أكبر، مؤكداً سعيهم لجعله (مدماكاً) راسخاً في تحقيق الانتقال.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى