“الواشنطن بوست” تُحذِّر من حرب حدودية بين السودان وإثيوبيا

ترجمة ـ الصيحة

حَذّرت صحيفة “الواشنطن بوست” في تقرير لها اليوم الجمعة من اندلاع حرب حدودية بين السودان وإثيوبيا بسبب منطقة الفشقة، والتي تمثل مثار نزاع حدودي بين البلدين على مر العقود.

وكشف مدير مكتب “الواشنطن بوست” في نيروبي ماكس بيراك، عن اتهام مسؤولين سودانيين، رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بضغط السودان لتسليم الفشقة عن طريق تعطيل المفاوضات بخصوص ملء السد الذي أنشأته إثيوبيا بالقرب من حدود البلدين، وادّعوا أن ملء السد دون اتفاق قد يجعل مياه الشرب والري لنصف سكان السودان عُرضةً للخطر، وقال بيراك: “يستخف آبي أحمد بالمخاطر التي تخلفها تصرفاته في الإقليم”.

وقال ياسر عباس وزير الري السوداني: “الاستقرار الإقليمي على المحك، أي نوع من الصراع بيننا سيمتد على الفور إلى منطقة البحر الأحمر، وبقية القرن الأفريقي”.
ويقول بيراك من خلال رحلته الأخيرة مع القوات السودانية: “في خلال شهرين فقط، أنجز السودان شبكة طرق واسعة النطاق في المناطق التي يُسيطر عليها الآن، وأتى بالسكان المحليين إلى هذا العمل، وانخرطوا في البناء والطبخ للجنود وحتى خياطة زيّهم الرسمي”.

وتُظهر خريطة داخلية للأمم المتحدة نُشرت الأسبوع الماضي وراجعتها صحيفة “الواشنطن بوست”، عمليات انتشار مُتعدِّدة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية في الفشقة، وما لا يقل عن 16 موقعاً للمعارك، بما في ذلك هجوم على المدنيين، ويقول الجيش السوداني إن أكثر من عشرة من جنوده قُتلوا، وقال سكان سودانيون إنّ مزارعين إثيوبيين مسلحين ذبحوا ما لا يقل عن عشرة مدنيين عُزّل.

وقال بيراك في تقريره: “إن الجيش الإثيوبي لم يفصح عن ضحايا ولكن جيزاتشو مولونه المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، قال إن حوالي ألفي مدني شُرِّدوا، واصفاً الانتشار السوداني بأنه غزو، وقال إن الفشقة تنتمي إلى منطقة الأمهرا الإثيوبية التي يمثلها ووافقه آبي أحمد في هذا الادعاء”.

وبيّنت “الواشنطن بوست” أنه وفقاً لاتفاقية أُبرمت عام 1902 بين منليك الثاني إمبراطور إثيوبيا حينها، والاستعمار البريطاني الحاكم للسودان آنذاك، أن منطقة الفشقة هي أرض سودانية، ولكن في منتصف التسعينيات، بينما كان الجيش السوداني مشغولاً بحروب داخلية، تحرك الجنود والمُزارعون الإثيوبيون إلى المنطقة وأنشأوا مستوطنات خلف الخطوط العسكرية، وأضاف بيراك: “إن العقيد عبادي الطاهر القائد الميداني في الجيش السوداني قال: “كان في السابق احتلالاً غير نظامي، لكن منذ وصول آبي أحمد إلى السلطة، بدأوا يزعمون أن الفشقة أرض إثيوبية، وأضاف الطاهر: “لقد حفروا حتى المقابر وجلبوا الجثث لإعادة دفنها في السودان في مُحاولة للادعاء بأن هذه الأرض إثيوبية، حتى يثبتوا أنهم هناك منذ أجيال”، وأردف الطاهر: “نحن نعمل بالليل والنهار حتى نستعيد الفشقة لسودانيتها وهي قريباً ستكون تحت السيطرة كاملاً”.

ويضيف صحفي “الواشنطن بوست”: “أصبحت مليشيات الأمهرا بالإضافة للقوات الإريترية المجاورة ضرورية لجهود آبي لهزيمة المتمردين في تيغراي – وهي حرب أدت لقتل الآلاف وتركت الملايين في حاجةٍ ماسّةٍ للمساعدات الإنسانية”، وأردف: “عوضاً عن ذلك إرسال تعزيزات إلى تيغراي، ضغط قادة الأمهرا، بمن فيهم رئيس مخابرات آبي ووزير خارجيته، آبي أحمد لتقديم تنازلات كبيرة للمنطقة، بما في ذلك الثأر والانتقام في منطقة الفشقة على الحدود السودانية، وفقاً لما قاله المحلل السياسي نزار مانِك، وقال مولونه المتحدث باسم إقليم الأمهرا يوم الثلاثاء إن الحكومة الفيدرالية تستعد لنقل مساحات شاسعة من أراضي تيغراي إلى إدارة الأمهرا، وهو شكل من أشكال الانتقام لطالما طالب به متطرفو الأمهرا”، وقال مانِك: “في عهد آبي، يرى السودان أن السياسات الخارجية لإثيوبيا كانت تسلك نهجاً قبلياً على خطوط الأمهرا”، وأشار إلى أن موقف الأمهرا سيصبح قوياً بصورة كبيرة من خلال الانتخابات الوطنية المقبلة في يونيو.
وقال عباس، وزير الري السوداني، إن اكتساب النفوذ المُفاجئ بين مُتشدِّدي الأمهرا، جعل آبي أقل قدرةً على التنازل عن الفشقة أو السد.

وتربط إثيوبيا قضية السد بقضية الحدود، ولكن آبي أحمد في مأزق ويجب أن يُحظى بدعم الأمهرا لحربه ضد تيغراي، “وصعود الأمهرا في السياسة الإثيوبية يهدد مستقبل العلاقات بين الدولتين”.

وقال وزير الري السوداني، إن الحكومة السودانية تعتبر ملء إثيوبيا للسد شبه الكامل خلال موسم الأمطار في يونيو ويوليو المُقبلين يُشكِّل تهديداً وجودياً.

وقال جابر عضو مجلس السيادة السوداني: “لقد ترجّينا إثيوبيا للتعاون في ترسيم الحدود منذ عقود ولكنهم غير مهتمين لماذا؟ لأن الفشقة أرض جيدة جداً.. الأمهرا لن تتخلى عن الأمر بهذه السهولة”.

ويقول بيراك: “مع ملء السد المتوقع لإثيوبيا على بُعد أشهر فقط وحشد القوات في الفشقة، فإنّ فرص قيام اشتباكات جديدة عالٍ جداً”. وقال مسؤولون سودانيون إن جميع الخيارات لاستعادة السيطرة الكاملة على الفشقة لا تزال مطروحة على الطاولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى