الوساطة الرباعية.. هل تخرج مفاوضات السد من المأزق؟

تقرير- مريم ابشر

مع اقتراب العد التنازلي لموعد مرحلة الملء الثاني لسد النهضة الاثيوبي الخطوة أحادية الجانب (يوليو المقبل)، لا تزال المفاوضات حول الملف متعثرة في ذات الوقت ارتفع سقف المخاوف لدى دولتي المصب. فيما تواصل أديس أبابا تعنتها برفضها للمقترح السوداني المسنود من مصر والخاص بالمبادرة الرباعية التي تضم إلى جانب الدول الثلاث صاحبة المصلحة الاتحاد الأفريقى وإلى جانبه كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأن تكون جمهورية الكنغو الديمقراطية رئيسة الاتحاد الافريقي في دورته الحالية الراعية لها بهدف التوصل لاتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث.

أصل الحكاية:

اقترح السودان خلال الأيام الماضية أن تكون هناك وساطة رباعية مكونة من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، بعد أن وصل لقناعة تامه بأن ما يجري من مباحثات خلال الماضية يدور في حلقة مفرغة لن توصل لنتائج حقيقية.

المبادرة السودانية أيدتها كذلك وزراتا الخارجية والموارد  المصريتان بتطوير آلية المفاوضات، وذلك لدفع المسار التفاوضي قدماً ولمعاونة الدول الثلاث في التوصل للاتفاق المنشود في أقرب فرصة ممكنة.

رفض أديس:

وكما توقع العديد من المراقبين فإن الحكومة الأثيوبية أعلنت على لسان الناطقة باسمها رفضها للمقترح وأنها نقلت موقفها للوسيط الكنغولي، وبررت ذلك بأن بلادها ترفض إقحام أطراف أخرى في ظل وساطة أفريقية، ويرى مراقبون أن إصرار أديس على المضيء قدماً نحو مرحلة الملء الثاني دون التوصل لاتفاق وضربها عرض الحائط بكل المساعي والمبادرة هي محاولة منها لوضع الجميع أمام سياسة الأمر الواقع، ولم يستبعد البعض أن تكون الخطوة المقبلة اللجوء لمجلس الأمن، وهو أيضاً طريق ليس بالسهولة التي يتصورها البعض لكنها ضرورة خلال هذه الفترة وقبل بدء إثيوبيا الملء الثاني خاصة وأن المياه التي تنوي تخزينها  تبلغ 18.5 مليار متر مكعب، وهو ما ينعكس سلباً وبشكل مباشر على الوضع المائي للسدود السودانية خاصة سد الروصيرص.

الزمن الضائع:

مصدر دبلوماسي مطلع يرى أن مقترح السودان بتوسيع مواعين التفاوض لتشمل بجانب الاتحاد الافريقي كلاً من الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة كمحاولة أخيرة لكسر جمود التفاوض عبر المبادرة الأفريقية التي على ما يبدو أنها قد أصبحت غير فاعلة بصورة متعمدة في ظل تساهل الوساطة الافريقية مع اثيوبيا وعدم ممارسة أي نوع من أنواع الضغط عليها لإثنائها عن القيام بخطوات أحادية ستتضرر منها أطراف التفاوض بصورة مباشرة.

ومضى مضيفاً: ظلت أثيوبيا تمارس خلال جولات التفاوض الأخيرة تكتيكات لكسب الوقت حتى حلول موسم الخريف لتشرع في المرحلة الثانية من عملية التعبئة دون أي اتفاقيات ملزمة لتضع دولتي المصب أمام الأمر الواقع، وبالتالي تصبح عملية توقيع اتفاق قانوني ملزم خارج نطاق التوقيت المنطقي لها، وفي اعتقاده أنه لا تبدو الأطراف التي تمت دعوتها للانضمام كوسطاء في عملية التفاوض ذات مقدرة على إحداث أي اختراق بارز في ظل ضغط الوقت قبل الخريف المقبل موعد بدء المرحلة الثانية من التعبئة خصوصاً وأن أثيوبيا قد أعلنت رفضها مقترح السودان كموقف سهل القراءة والاستنباط.

كروت السودان:

لازال السودان يمتلك الكثير من كروت الضغط على صعيد التعامل الثنائي مع ملف السد والتي يقع توقيع اتفاق ثنائي لتبادل معلومات تشغيل السد من ضمنها، وذلك انطلاقًا من حرصه على سلامة سد الروصيرص وسلامة السكان على طول مجرى النيل، وهو الأمر الذي درجت وزارة الري على تكراره كموقف مبدئي لا يحتمل المساومة.

معضلة التفاوض في المرحلة الحالية هي إثيوبيا بتعمدها إقحام ملفات أمنها الداخلي بصورة مخلة في عملية التفاوض واتهامها المستمر لمصر باستخدام السودان كمقدمة لزعزعة استقرارها السياسي بصورة مستفزة لا تراعي سيادة السودان لا تبدو الأوضاع مبشرة على بعد شهرين فقط من الخريف مما يجعل خيارات السودان مفتوحة على كل الاحتمالات بما في ذلك خيار توسيع طاولة التفاوض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى