سراج الدين مصطفى يكتب :على طريقة الرسم بالكلمات

مصطفى عبد الرحيم.. تذكار عزيز!!
مخطوطة ضائعة:
الفنان الكبير إبراهيم عوض قدم في مستهل الخمسينيات من القرن الماضي أغنيته الفارعة ( تذكار عزيز) لمصطفى عبد الرحيم:
جرحي الأليم / الشايلو تذكارعزيز / طول حياتي أسى وهموم
جرحي الدفين / العذبك يا قلبي / طول عمرك أنين ..
داريتو فى الاعماق سنين / غنيتو للعشاق حنين ..
شكوى وشجون / غنيتو أصدق أغنيات / وأصبح مجرد ذكريات..
وين الصلات / وين الشموع / ألفي دروبنا منورات..
تذكار عزيز هو العنوان الذي اختاره لديوانه المخطوط ولكن مع الأسف لم تر تلك المخطوطة النور، وكما يقول الأستاذ معاوية حسن يس (نشر مخطوطة ديوان تذكار عزيز من شأنه أن يعرف الآخرين على قصائد غنائية أخرى تغنى بها مطربون آخرون من أصدقاء الشاعر ممن لم تكتب لهم شهرة واسعة).
غرام الروح:
الأغنية الثالثة التي وجدت رواجاً كبيراً في مسيرة الشاعر مصطفى عبد الرحيم، هي أغنية (غرام الروح) التي لحنها وتغنى بها الراحل زيدان إبراهيم، وبحسب الصحفى الراحل (داؤد مصطفى) الذي كان مقرباً منه فإن زيدان (بعدها رفد مكتبة الأغنية السودانية بالعديد من ألحانه، وكانت معظم القصائد التي لحنها للشاعر عبد الوهاب هلاوي، وعددها أربع اغنيات “بتتبدل ــ فراش القاش ــ عشان خاطر عيون حلوين ــ لو تعرف اللهفة، إضافة إلى العديد من الأغنيات التي شنف بها آذان عشاقه، ولعل أبرزها أغنية “غرام الروح” للشاعر الراحل مصطفى عبد الرحيم).
إعجاب زيدان إبراهيم:
وكان زيدان إبراهيم من أكثر المعجبين بقصائد مصطفى عبد الرحيم الغنائية التي تغنى بها جملة من الفنانين الكبار، ولإعجاب مصطفى عبد الرحيم بزيدان قام بإهدائه قصيدة “غرام الروح”.. وهنا يقول زيدان: “مع فرحتي بإهدائه لي أغنية “غرام الروح أصبت بالهلع والخوف الشديدين حين تسلمت القصيدة وقرأت كلماتها التي أطربتني للغاية، وقلت لمصطفى كيف تضعني في مثل هذا الموقف العصيب، بعد أن قدمت لإبراهيم عوض”تذكار عزيز”، للجابرى “هوج الرياح “.. نعم فقد كانت الأغنيتان تحلقان في الساحة آنذاك وكل الشفاه تترنم بتذكار “عزيز وهوج الرياح”، فكيف لي ـــ والحديث لزيدان ــ أن انافس الجابري وإبراهيم عوض بغرام الروح.
في حي العباسية:
شهدت تلك الفترة كما أشرنا مقاطعة فنية بين الملحن عمر الشاعر وزيدان إبراهيم، فعكف زيدان على تلحين الأغنية بنفسه مستندًا على خلفيته كملحن صاحب خبرة وتجربة، فأخضع الأغنية لبروفات مكثفة، حيث شهدت داره بالعباسية البروفات، فأنجز بعد وقت غير قصير الكوبليه الأول من الأغنية، شأن الأغنيات الكبيرة آنذاك والتي كانت دائماً ما تتكون من كوبليهين. ثم أكمل الأغنية بالكوبليه الثاني الذي أثار إعجاب الشاعر مصطفى عبد الرحيم، حيث يبدأ المطلع بترديد زيدان للمطلع الذي يقول “بحسك جوه في أعماقي نور كلمات بحبك”.. ويقول زيدان: لم تكن كلمة بحبك هذه مدرجة فى كلمات القصيدة فكررتها مع نهاية ترديد كل مطلع من كلمات الكوبليه الثانى على النحو التالي:
بحسك جوه في أعماقى نور كلمات.. بحبك
تزغرد في حياتي غنى وحروف حلوات.. بحبك
سعادة وبهجة في أحساسى وإشراقات .. بحبك
تنور لي دروب أيامي زي شمعات.. بحبك
وتمسح من جبيني ضنا وتقش دمعات.. بحبك
وكيف في لحظة داير قلبي ينسى الفات.. لا لا.. بحبك
ويعيش بالفيهو من لوعه وأسى وآهات.. بحبك
الأمر الذي أدهش مصطفى عبد الرحيم فقال لزيدان: ترديدك لكلمة بحبك وحدها هزم كل ما أوردته في القصيدة من كلمات.. عاش مصطفى عبدالرحيم منزوياً وبعيداً رغم شهرته الكبيرة وأنزوى بقرية (فداسي الحليماب) حتى وافته المنية في يوم 26/6/1989.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى