الإصلاحات الاقتصادية.. تقدّم وفق معايير البنك الدولي

الخرطوم: جمعة عبد الله

قال بيان لصندوق النقد الدولي، إن السودان أحرز تقدماً ملموساً في تنفيذ الإصلاح كمطلب رئيسي لتخفيف الديون، ووصف الصندوق الوضع الاقتصادي في السودان بأنه ما يزال هشاً للغاية مع انخفاض النمو والتضخم المرتفع والموقف الخارجي الضعيف، مؤكداً أنه من المهم إحراز تقدم مستدام في إطار خطة العمل الاستراتيجية على مدى الأشهر المقبلة وأن تقدم الجهات المانحة للسودان الدعم الكافي خلال الفترة الانتقالية.

تفاؤل حذر

وأوضح بيان الصندوق أن توحيد سعر الصرف الأخير وإلغاء دعم الوقود والتدابير الضريبية المتخذة كجزء من ميزانية 2021، وزيادة تعرفة الكهرباء سيؤدي إلى تقليل التشوهات في الاقتصاد وتسهيل ضبط المالية العامة، وتقليل تسييل الأموال، وخفض معدل التضخم المرتفع، وخلق حيز مالي للإنفاق الاجتماعي.

وطالب البيان بأن تعزز هذه الإجراءات استقلالية البنك المركزي عن طريق الحد من الهيمنة المالية وتحفيز التدفقات المالية من خلال النظام المالي وتقليل فرص ممارسة الأنشطة الريعية.

ودعا البيان لإصلاح سعر الصرف الجمركي لزيادة الإيرادات والقدرة التنافسية مع ضرورة تعزيز الشفافية وإدارة عمليات الشركات المملوكة للدولة لتخفيف المخاطر المالية وتحقيق المزيد من الإيرادات في الميزانية.

اتفاق

وتأتي هذه التطورات الإيجابية تتويجاً لاتفاق بين الحكومة والبنك الدولي ضمن برنامج اقتصادي مراقب من موظفي الصندوق، ويهدف البرنامج الذي ينتهي في يونيو المقبل لإقرار عدة إصلاحات اقتصادية شرع فيها السودان منذ العام الماضي، وتكللت أخيرًا بقرار تحرير سعر الصرف، وهو إصلاح أساسي يطلبه المانحون الأجانب وصندوق النقد الدولي.

وسبقت تلك الإشارات، تصريحات لرئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، قال فيه إنه متفائل بأن تحقيق استقرار سعر الصرف والإصلاحات المتخذة في السودان سيفضيان إلى نمو واسع النطاق وتراجع الفقر، وقال مالباس في تصريحات لوزراء مالية مجموعة العشرين إنه يتوقع تسوية سريعة لمتأخرات البنك الدولي المستحقة على السودان، مبدياً أمله في إحراز تقدم سريع صوب قرار بالإعفاء من الدين.

وأبدى أمله في إحراز تقدم سريع صوب قرار بالإعفاء من الدين، وقال إنه متفائل بأن تحقيق استقرار سعر الصرف والإصلاحات المتخذة في السودان سيفضيان إلى نمو واسع النطاق وتراجع الفقر، وأضاف أن كلًا من إثيوبيا ونيجيريا استفادتا من إنهاء أنظمة سعر الصرف المزدوج باهظة التكلفة، مضيفاً أن هذه خطوات رئيسية نحو إطلاق مبادرة تخفيض ديون البلدان المثقلة بالديون، وأوضح أن البنك يعمل على تقديم برامج دعم كبيرة لفائدة الشعب السوداني.

إمكانية الإصلاح

ورغم واقع البلاد المتردي اقتصاديًا.. تبدو الفرصة سانحة أمام الاقتصاد السوداني للتعافي والنمو، ويدعم تلك الفرضية وجود مقومات هائلة في عدد من القطاعات الاقتصادية، تحتاج لسياسات رشيدة وإدارة سليمة، وتبدو الحكومة الجديدة مدعوة بجد لنفض الغبار عن ثلاثى قطاعات اقتصادية، يأتي في صدارتها استخراج الذهب، والزراعة، والثروة الحيوانية، وهي قطاعات مرجو منها تحسين اقتصاد دولة عانت على مدى ثلاثة عقود من عقبات عديدة، ذاتية وموضوعية، تتنوع الفرص في كل القطاعات الاقتصادية وتتصدرها الطاقة والزراعة والتعدين، حيث يمكن للسودان إنتاج ما يزيد عن 100 طن من الذهب سنويا وهي أقل من أرقام الحكومة السابقة، التي تقول إحصائياتها إن إنتاج الذهب السنوي يبلغ 130 طناً، لكن مختصين يقولون إن الإنتاج الحقيقي يتجاوز 160 طناً، يهرب 70 بالمائة منه مما يفقد الخزينة العامة نحو 6 مليارات دولار سنوياً، وهو مبلغ كافٍ لسد العجز في الميزان التجاري.

إنتكاسات البداية

وخلال أول عام ونصف من عمر حكومة الثورة لم يشهد الوضع الاقتصادي تحسنًا بقدر ما تفاقمت مشكلاته، حيث ما يزال المواطنون يواجهون صعوبات بالغة في توفير متطلبات المعيشة، كما تفاقمت الأزمات الاقتصادية التي شملت نقص الوقود وارتفاع التضخم وانفلات أسعار الصرف مع انقطاع مستمر للماء والكهرباء، وفي غضون ذلك واصل المواطنون الوقوف في طوابير للحصول على البنزين والنقود كما تباطأت أنشطة الأعمال، ولا يزال الاقتصاد يرزح أيضاً تحت إرث الحكومة السابقة.

سياسة إصلاحية

ويرى المحلل الاقتصادي قاسم الصديق، أن سياسة البنك الدولي الإصلاحية التي تطبقها الحكومة ترمي لوضع لبنات حقيقيه لبناء الاقتصاد رغم آثارها القاسية في البداية، مقراً بأن تأثيرها الآني كارثي على رفع معدلات التضخم، لكنه في الأمد الطويل بحسن استغلال الموارد استغلالاً أمثل لقروض مؤسسات التمويل الدولية واتفاقيات نادي باريس وتلك المتعلقة بالدعم الثنائى ويزيد من الإنتاج وتمزيق فواتير توريد مواد أساسية مثل القمح والسكر والزيوت النباتية وزيادة إنتاج القطن وزيادة غلة العديد من السلع الأخرى.

وقال قاسم لـ “الصيحة”، إن النجاح في هذه النقاط سيؤدي لتحقيق وفرة في ميزاني التجاري والمدفوعات ويبدأ التضخم في الانخفاض، بيد أنه قطع بعدم إمكانية تحقيق ذلك إلا بوجود جهاز تنفيذي قوي ومتمكن ومسنود بحاضنة سياسية منتخبة ومتمكنة من إصدار القرارات.

مقرًا بأن رفع الدعم الكلي عن السلع وتحرير سعر الصرف هي من مطلوبات البنك الدولي لتمديد قروض بشروط واضحة لاستخدامها في التنمية الاقتصادية وبذلك نقول إن أي دعم من سلع التنمية الاستراتيجية أو الخدمات حيث لا يتوقع تقديم دعم دولاري نقدي سيرفع من تأهيل الاقتصاد طالما سيتم توجيه الدعم أياً كان نوعه في الأخذ بيد الاقتصاد المتهالك والمعلول.

يضيف قاسم: إن اقتصاد السودان أوغل في الانهيار ويحتاج للدعم بحالته الراهنة طالما سيأتي مشروط الاستخدام في مشاريع تنموية مصحوبة بدراسة جدوى محققة بعناية والظروف دائماً تكون مناسبة وملائمة لاستقبال الدعم الخارجي، لأن الاقتصاد في حالة تدهور يومي مستمر، ولا بد من إبطاء ولا نقول “فرملة” ذلك التدهور بتغيير وتيرة حالة الاستكانة لعوامل الإضعاف اليومية للاقتصاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى