أمل أبو القاسم تكتب.. من وحي اجتماع (الأكاديمية العليا للأمن)

اطلعت على بيان مجلس الوزراء الانتقالي الذي انعقد لثلاثة أيام بمقر الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية بمنطقة سوبا جنوبي الخرطوم، وقد فصل محاور الاجتماع تفصيلاً دقيقاً لم يترك لا شاردة ولا واردة. وأنا أهم بقراءة البيان أو بالأحرى في الأثناء كنت أردد بخاطري أخشى أن نسمع جعجعة ولا نرى طحنًا بيد أنه وعند توغلي أسفل البيان وجدت تأكيدا من مجلس الوزراء الانتقالي وتشديداً على وضعها حيز التنفيذ بصورة عاجلة عبر لجان فنية.

بعيداً عن هذه المحاور التي لم تترك شاردة أو واردة لفتتني روح  العمل الجماعي التي تتسم بها الفترة الانتقالية الثانية أو هكذا بدا لي بعيداً عن التشرذم والتعصب للرأي والتنافس والتي بدأت بمجلس شركاء الفترة الانتقالية التي تمخض عنه هذا اللقاء الجامع، وهو أمر مطلوب تحتاجه هذه الفترة التي عانت كثيراً من التقاطعات.

كما أسلفت فإن النقاط والمطلوبات والتوصيات التي  ناقشها الاجتماع المغلق مترهلة وتحتاج لفترة طويلة ومتدرجة تحتاج في المقام الأول للجدية والمصداقية والهمة العالية والتحلي بالروح الوطنية لتنفيذها. ونتمنى أن تتنزل واقعاً في المدى القريب.

كذلك لفت نظري المقر الذي اختارته المجموعة أو مجلس الوزراء لهذا الاجتماع المغلق وهو أكاديمية الأمن العليا وما استوقفني هو موقف البعض من قوى الحرية والتغيير ممن ملأوا الدنيا ضجيجاً وأثاروا الفتنة وعبأوا الشارع تجاه جهاز المخابرات الوطني وبقية الأجهزة الأمنية. وربما يكون اختيار المكان وتعاون مدير جهاز المخابرات العامة بإكرامهم فيه وتوفير كافة معينات الراحة والاحتياجات بارقة خير أيضًا في تغيير النظرة السالبة نحوه رغم أنها ليست المرة الأولى، فقد سبقها اجتماع بذات التفاصيل في حكومة الفترة الأولى، ورغم أن الجهاز في نسخته الثانية التي نقحتها حكومة الثورة ظل متعاوناً معها في كل المجالات حتى تلكم التي ليست من صميم اختصاصه ونحسبها مبادرة وطنية ينبغي أن يستظل تحتها الجميع ـ وأعني الهم العام والوطني.

وأعتقد أن هذه الاستضافة كذلك فرصة للوقوف على مؤسسات الجهاز التي أصبحت مفخرة بين نظيراتها بين الدول كونها معدة على أحسن وجه بما يتسق مع ما تقدمه من تدريب وتأهيل لمنسوبيها حتى وإن تأسست في عهد النظام البائد إلا انها تظل ملكاً للوطن فقط لا غير يتعاقب عليها الحكام والساسة والحكومات والمديرون وهي ثابتة تقدم ولا تبخل على أبناء الوطن.

(2)

وبعيداً عن البيان واجتماع الثلاثة أيام قريباً من أحد المحاور (الترتيبات الأمنية) طالعت خبراً أوردته الصحف تناول مهام واختصاصات جهاز الأمن الداخلي الذي يعتزم رئيس مجلس الوزراء إنشاءه وتتمثل في حفظ أمن البلاد داخليًا، وجمع المعلومات المتعلقة بأمن السودان الداخلي وتحليلها وتقييمها ووضع التوصيات، والبحث والتحري اللازمين عن أي أشخاص أو أوضاع أو وقائع أو مناشط داخل البلاد  في مجالات التجسس والإرهاب والتطرف الديني وتخريب الاقتصاد.

وأن كان ذلك كذلك فعلياً فالجهاز الجديد سيسحب كل صلاحيات جهازي المخابرات الوطني والشرطة الأمنيين كونهما إلى جانب الدعم السريع يقومون بكل ما ذكر وفق تدريب متراكم وخبرات طويلة وممتدة. وعليه هل جهاز حكومة “حمدوك” الجديد مؤهل بالقدر الكافي للقيام بما ذكر؟ وهل أعد العدة والعتاد من مقار ومخصصات ومعينات عينية ومادية وموارد بشرية؟ ثم هل يتسق ما جاء بفقرة الترتيبات الأمنية والخاصة بإصلاح جهازي المخابرات العامة والشرطة وأنتم ستتغولون على كل مهامهم واختصاصاتهم؟

(يا جماعة) ركزوا في الاقتصاد المنهار ودعوا الأجهزة الأمنية مجتمعة تعمل وفق ما يليها مثلما درجت عليه على مر التاريخ السياسي ولا تحدثوا فيها شرخاً يفاقم من السيولة الأمنية وتفتحوا الباب على مصراعيه لأصحاب الغرض الذين يتربصون بأمن السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى