نهر النيل.. ظُلِمت مرتين (2 -2 )

*قلنا في مقالنا السابق، إن نهر النيل ظُلمت مرتين، المرة الأولى حين غابت مظاهر التنمية عنها، والمرة الثانية حين اتهمها الآخرون بأنها استأثرت بالسودان وحكمه، في حين أن الحاكمين من أبنائها لم يلتفتوا لها، حتى لا يُتّهموا بالانحياز إليها.

*ربما الأقدار وحدها، وربما همة رجال حملوا هَم التنمية، وجعلوه مطلباً أنفقوا عليه من وقتهم ومن خالص مالهم، ربما كان د. محمد عطا المنان محافظ مشروع وادي الهواد، الذي ظل يقبض على فكرته، وينقب في صخره، كل هذه السنوات لم تكن هناك ميزانية مفردة له، لدرجة أنه اضطر أن يبيع قطعة أرض خاصة به للإنفاق عليه، واستهلك سيارتين، جاب بهما الوادي وأرضه.

*أمس كان المحافظ محمد عطا المنان سعيداً وهو يستعرض بمنبر (طيبة برس) المشروع فكرته وبداياته، وعلاقات إنتاجه ومصادر ريه وكذلك الممول لاستثماراته.

*أول مرة طرق مشروع وادي الهواد الآذان كان ذلك على عهد المستعمر في العام 1949، لكن مع تنامي المد الوطني والنضالي تراجعت فكرته وخبا ضوؤه، ثم أعُيد التفكير فيه في ستينات القرن الماضي، كان ذلك عند تنفيذ مشروع الرهد، حينها أريد للهواد أن يكون الامتداد الثاني للرهد، في العام 70 من القرن الماضي، فكرت هيئة التنمية الريفية في الاستفادة من أودية الهواد والمكابراب والعوتيب، لكن دراستها ماتت في مهدها.

 في الثماني سنوات الأخيرة تجدّدت فكرة المشروع إلى أن صدر به مرسوم جمهوري في العام 2017 كمشروع قومي، يغطي جنوبي نهر النيل، فيما تمتد مراحله اللاحقة إلى الخرطوم وكسلا والقضارف ويمتد حتى حدود مشروع الجنيد.

*المشروع طابعه قومي، وقانونه ينتظر الإجازة من المجلس الوطني في مرحلة العرض الثالث، لأول مرة تتم المحافظة على الحقوق التاريخية للمواطنين المحليين، إذ تم تخصيص 600 ألف فدان لأصحاب الحقوق من جملة مساحة المشروع البالغة 2 مليون و400 ألف فدان.

 *أثبتت الدراسات أن منطقة المشروع بها قيمة موردية عالية جداً ويسيل بها نحو 25 وادياً، أشهرها وادي الهواد الذي أسمي به المشروع ، وتعد تربته من الدرجة الأولى، ويسهل ريه عبر إقامة قنطرة في منطقة السبلوقه، قادرة على ري كل مساحته.

*من حسنات المشروع على مواطني ولاية نهر النيل أنه يعتبر المواطنين جزءًا لا يتجزأ من المشروع ويعمل على تطوير قدراتهم وتمكين صغار المنتجين.

*يهدف المشروع الى تحقيق ثلاثة محاور، المحور الأول يعتمد على تكامل سلاسل القيمة الإنتاجية والتصنيعية، فيما أطلق عليه (برنامج حزام القمح بالهواد) على مساحة 300 ألف فدان إلى جانب الحبوب الزيتية والبقوليات والفاكهة والإنتاج الحيواني، فيما يركز المحور الثاني على تمكين الشباب وريادة الأعمال الزراعية، فيما يعمل المحور الثالث على تطوير الثروة الحيوانية، ويغطي هذا المشروع مساحة مليون ومائتي ألف فدان، ويستهدف قيام ثاني أكبر مزرعة رعوية في العالم بعد مزرعة (آنا قريك) في أستراليا)، علاوة على ذلك، فإن المشروع يهدف إلى تمكين المرأة المنتجة.

*ولعل السؤال من أين يتم تمويل المشروع، الدولة ستتكفل ببنياته الأساسية، ثم من بعد ذلك يفتح الباب للشراكات، القطاع الخاص السوداني له الأولوية، من بعد ذلك القطاع الأجنبي وشركات الأغذية الكبرى، دول عديدة أبدت رغبتها من بينها الصين وقطر والأمارات وتركيا والهند وماليزيا، كما أنه يمكن التماس التمويل من الصناديق السيادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى