(الصيحة) داخل مركز الجميح لغسيل الكلى بالأبيض

(9)  ماكينات غسيل أكلتها (الفئران) وأصبحت خردة

الصحة: الدعم غير كافٍ والمركز التزم بضرورة وجود اختصاصي كلى

مشكلات الإمداد المائي والكهربائي والصرف الصحي قابلة للانفجار

لا يوجد اختصاصي أمراض كلى ونقص في الممرضين والدواء

الطاقم الطبي: لا يوجد ترحيل.. نعتمد على المواصلات وأحياناً لا نجدها

مرضى يشكون معاناتهم ويطالبون بالتدخل العاجل

مرافقون: مخاوفنا من انقطاع الدواء ولا نستطيع تكاليفه

تحقيق- معتصم حسن عبد الله

جملة من المشكلات تشمل الإمداد المائي والكهربائي والصرف الصحي والنقص في الدواء والكادر الطبي وافتقاد المركز الاختصاصي المختص في أمراض الكلى، جميع هذه المشكلات وغيرها تجابه مركز (الجميح) لغسيل الكلى بالأبيض بشمال كردفان وقابلة للانفجار بشكل ينذر بالخطر ويهدد حياة مرضى الكلى في ظل الإهمال الذي يعانيه المركز من قبل حكومة الولاية ووزارة الصحة المنوط بها الاهتمام وتقع عليها المسئولية المباشرة بتوفير البيئة الصالحة لصحة مواطن الولاية، قادت هذه المشكلات المرضى عدة مرات لققل الطريق المؤدي للمستشفى احتجاجاً على تردي وتوقف الخدمة بالمركز…

شكاوي المرضى:

أبلغ المرضى (الصيحة) جملة من الشكاوى والمعاناة التي تواجههم.. حامد أحمد حامد حي شيكان بالأبيض قال (يطلبوا منا الدواء ونذهب للتأمين الصحي ونفس الدواء موجود بالمركز مجاناً) قال: هذه مشكلة، وتساءل حامد أين يذهب الدواء، وأضاف: إذا لم يوجد الدواء في التأمين لا يستطيعون شراءه من الصيدليات لأن السعر غالٍ جداً.

المريض البشير العوض من جبرة الشيخ، شكا من غلاء ومعاناة الترحال، وقال: تزداد المعاناة إذا حدث انقطاع في المياه أو التيار الكهربائي أو نقص في الدواء رغم أن المركز خيري، مضيفاً: هنالك مشكلة في السكن تمثل هاجساً بالنسبة للقادمين من خارج الأبيض.

منيرة آدم مصطفى مريضة من حي اليرموك بالأبيض، قالت إنها تعاني في المواصلات وعدم قدرتها في توفير الوجبات لغلاء الطعام والمريض أثناء الغسيل يحتاج على الأقل لثلاث وجبات.. ولخص المرضى مطالبهم في الدواء والوجبات والمواصلات وتوفير الخدمات بشكل مستقر خاصة المياه للغسيل والكهرباء والاهتمام بهم ومساعدتهم لإنهاء معاناتهم.

تخوف مرافقي المرضى

المرافقات (مريم، حليمة، منى) من داخل الأبيض وخارجها وآخرون من ولايات مجاورة، قالوا إنهم يجدون عدة عقبات ومشكلات منها مشكة السكن وارتفاع تكاليف المواصلات الداخلية والسفر من وإلى مناطقهم، والنقص في الدواء والبحث عنه تجارياً وارتفاع أسعاره، وضعف خدمات مياه الغسيل والتخوف من انقطاع التيار الكهربائي، وطالبن بمد يد المساعدة لهن خاصة للقادمين من خارج مدينة الأبيض، وأشرن إلى أن أغلب المرضى من خارج المدينة يجابهون مصاعب كبيرة.. وقالت (منى علي)، إن أجرة الترحيل الداخلي في فترة المساء ٦٠٠ جنيه، وتصل إلى الف جنية، وأضافت أن هنالك حقنة لتثبيت الدم إبركس (Eprex) تعطى للمريض بعد الغسيل وحقن الهيبارين (Heparin)  انعدمت لأسابيع وهي مهمة وتوفرت الآن ولكن نعاني من وقت لآخر من انعدامها، وقالت إن جمعية تواصل تقدم لهم خدمات مقدرة ولكنها لوحدها لا تستطيع سد حاجة المرضى. وناشد المرافقون الجهات المسئولة الوقوف والاهتمام بمرضى غسيل الكلى لتذليل الصعاب التي تواجههم.

ماكينات خردة:

أوضح رئيس قسم الهندسة الطبية بمركز الجميح م. بشرى أحمد إبراهيم، أن انقطاع التيار الكهربائي أثناء عمليات الغسيل له تأثير مقلق ويؤدي إلى توقف سريان المياه لماكينات الغسيل، وبالتالي يترتب عليه توقف عملية الغسيل، وأشار بشرى إلى أن المولد الاحتياطي يعاني من عطل في الأتوميتك، ويتم جلب البطاريات لتشغيله عن طريق الفني، وهذا يؤدي لتأخر عودة التيار الكهربائي وقد يستغرق ذلك أكثر من نصف ساعة، لا يستطيع تحملها المريض، وأبان بشرى أن الماكينات العاملة (٢٦) ماكينة، وعندما يحدث عطل نجد صعوبة في إيجاد الإسبير مما يتطلب ضرورة  توفير الإسبير احتياطاً منعاً لتوقف أي ماكينة، لأن الأعطال تحدث بشكل مفاجئ.. وكشفت الصيحة أن هنالك (٩) ماكينات غسيل متعطلة عبث بها الفأر وباتت خردة أخذت اسبيراتها لإصلاح أعطال العاملة حالياً.

طاقم التمريض

مسئولة التمريض (المترون) السستر مروى سلام قالت إنهم يعانون كثيراً من نقص الممرضين البالغ عددهم (٢٨) منهم (١٠) متعاونين يتقاضون فقط ثلاثة آلاف شهرياً لا تكفي للمواصلات، وأضافت مروى: لا يوجد ترحيل مطالبة بتعيين المتعاونين وآخرين لسد النقص خاصة أنهم في ظل جائحة كورونا القوة العاملة بنسبة ٥٠٪، مضيفة أحياناً هنالك نقص في الدربات، وقالت إن تيم الوبائيات المعني بالتعقيم يأتي المركز متأخراً لأن الوردية الأخيرة مخصصة للمصابين بالكورونا مما يحدث ذلك ربكة في العمل.

بدون اختصاصي

وأوضحت الطبيبة حرم آدم جبريل المدير الطبي، أن هنالك نقصاً في الكادر الطبي بالمركز، ولا يوجد اختصاصي أمراض كلى، مما يشكل ذلك نقصاً في أهم عنصر، وأضافت: نعاني من نقص في عدد الممرضين العاملين.

وشكت حرم من عدم وجود ترحيل للكادر الطبي، وقالت: الاعتماد على المواصلات، وأحيانًا لا توجد، خاصة ليلاً وفي الحالات الطارئة مما يسبب ذلك ضررًا للمريض، لان عدم وجود وسيلة حركة ينتج عنه التأخير على المريض الذي لا يتحمل، وقالت: أحياناً يرجع الكادر الطبي لمنزله سيرًا على الأقدام، وقالت كذلك النقص في الدواء أحد العقبات التي تواجه عمل الطبيب.

الحاجة للمياه

مرتضى إبراهيم حسين المدير الإداري لمركز الجميح، قال إن أكبر المشكلات التي تواجه المركز عملية الصرف الصحي والاعتماد على إيجار عربة تكاليفها عالية، وإضاف لا يوجد احتياطي كافٍ للمياه وأن الحاجة لليوم الواحد ما بين (٣٠٠ــ٤٠٠) برميل، مشيراً إلى أن التمويل المركزي لا يغطي فاتورة تكاليف الاحتياجات المتعددة للمركز.

بنود الصرف:

مدير عام مركز الجميح لغسيل الكلى اختصاصي الباطنية د. محمد حمدان، قال إن التمويل الشهري القومي للمركز (٥٠٧) الف جنيه وهي لا تكفي، موضحاً أن الصرف الصحي لوحده تصل تكاليفه لما يقارب (٤٢٠) ألف جنيه وحوافز العاملين تتراوح ما بين (٢١٥ــ٢٣٠) ألف جنيه ومصروفات الكهرباء والنظافة وغيرها من المطلوبات، وقطع: لا يوجد دعم من أسرة الجميح ولا من الولاية ولا من أي جهة، وتطرق لمشكة المياه والحاجة إلى خزان مياه احتياطي بسعة كبيرة وخط ساخن حتى لا يتأثر المركز بالقطوعات، وأكد حمدان أن الطلبية من الدواء لا تأتي كافية بجانب التأخير بسبب الشركة الناقلة وأحيانا يلجأون للبحث من مراكز أخرى، لأن مستهلكات الغسيل لا توجد إلا بالمراكز المختصة، وقال إن المركز يحتاج لاختصاصي أمراض كلى، وأشار لغياب الصيانة الدورية لماكينات الغسيل، مطالباً بزيادة مراكز الغسيل لتخفيف الضغط على مركز الأبيض ودعم ثابت من الولاية وتأهيل قاعة التدريب ونظام للمعلومات (IT) وحل مشكلة الترحيل، مشيراً إلى أنهم تقدموا بطلبات كثيرة، وهنالك وعود من حكومة الولاية ولكن دون جدوى.

فصل المركز:

مدير عام مستشفى الأبيض التعليمي الاستشاري مصطفى قدري قال إن مركز الغسيل كان يتبع لإدارة المستشفى وتم فصله دون تسليمه مكتوباً رسمياً وأنه في بادئ الأمر كان رافضاً للقرار إلا أن الأمر أصبح واقعاً بعد أن تم فصل حساباته وصار قومياً، وأقر قدري بأن مشكلات المركز في الإمداد المائي والكهربائي والصرف الصحي مبيناً أن المستشفى كانت تتحمل تبعات عجز صرفه كجزء منها، وأردف أن الفصل فيه تطور، لكنه يحتاج لترتيب وتنسيق محكم لجهة أن المركز لوحده لا يستطيع تحمل منصرفاته.

حلول التأمين الصحي:

المدير التنفيذي للتأمين الصحي بشمال كردفان د. إبراهيم الأنصاري قال: تقدمنا بحلول ونلتزم بها وبالفعل بدأنا في إجراءات تنفيذها شملت التكفل بصيانة تانكر معطل للمياه تمت الاستعانة به من مشروع درء آثار الجفاف على أن يقوم التأمين الصحي بالصيانة كاملة والإشراف عليه إدارياً، هذا بجانب مسؤولية الصرف الصحي بجانب تشييد حوض للمياه احتياطيا بالمركز.

الإمدادات الطبية:

أبانت د. تماضر عبد الرحمن مدير الإمداد بصندوق الإمدادات الطبية بشمال كردفان، أن هنالك حصة مجانية بأصناف ومحاليل محددة يقدمها الصندوق لمركز غسيل الكلى بالأبيض، بجانب صيدلية مخصصة تابعة للصندوق بمركز الغسيل لتوفير الأدوية بأسعار مخفضة وموحدة في السودان، وأشارت تماضر إلى تعاون الإمدادات مع مركز الجميح وتلبية طلباته في الأدوية الناقصة.

غياب الصحة:

تقف وزارة الصحة بشمال كردفان المعنية الأولى بأمر المريض بالولاية مكتوفة الأيدي، وآخر احتجاج لمرضى غسيل الكلى بسبب انعدام المياه، مدير عام وزارة الصحة آخر من أتى للمركز بعد أن حلت المشكلة مؤقتاً من جهات من خارج المنظومة الصحية، ومن خلال هذا التحقيق الصحفي اتضح تماماً أن الوزارة دورها ضعيف جداً في حل أبسط المعينات كالإمداد المائي لمركز حساس ومهم لحياة الإنسان، هذا على سبيل المثال، ويجد المركز الإهمال من وزارة الصحة بالولاية التي تقف عاجزة عن تقديم وتنفيذ حلول على أرض الواقع مما جعل الكثيرين يتساءلون ما دور الوزارة؟ وما هو عملها؟ في ظل تنصلها من مسئولياتها تجاه القضايا الصحية لإنسان الولاية.

تنصل حكومة الولاية:

حكومة شمال كردفان لا تحرك ساكناً وتعجز أمام توفير خدمة المياه وتانكر  للصرف الصحي وعربة لترحيل الكادر الطبي لأهم مرفق لإنهاء معاناة المركز والمرضى الذين يعانون من وقت لآخر جراء هذه المشاكل التي لا تمثل عقبة إذا كانت جادة في حلها، إلا أن حكومة الولاية ممثلة في وزارة الصحة يبدو أن هذه القضية آخر أولوياتها، حيث يرزح القطاع الصحي وسط إهمال كبير من قبل المسؤولين والمواطن يكابد ويعاني أشد المعاناة وهو لا حول ولا قوة له.

اليد الواحدة لا تصفق :

وسط هذه المعاناة والإهمال من الجهات المسئولة عن أمر الصحة ومركز غسيل الكلى هنالك (جمعية تواصل) الصديق الأول لمرضى غسيل الكلى تنشط في عدة جهات لإعانة المرضى، ولكن (اليد الواحدة لا تصفق)، تواصل تقوم بشكل يومي بتوفير وجبة واحدة وعصير للمرضى وتساهم في سفر المحولين للخرطوم، وكانت تستأجر منزلاً كاستراحة لمساعدة القادمين من مناطق بعيدة إلا أن ارتفاع تكاليف الإيجار حال دون ذلك، وهنالك مجهودات أخرى تنفذها الجمعية من الأعمال الخيرية بالشراكة مع عدة جهات، وشكا أمين عام الجمعية حنفي كرار من ضعف التنسيق بينهم ووزارة الصحة، وناشد المسئولين والخيرين دعم المركز ومساعدة المرضى.

من المحرر:

خرجت (الصيحة) من خلال التحقيق بأن مركز الجميح لغسيل الكلى بالأبيض يعاني إهمالاً كبيراً من حكومة شمال كردفان ووزارة الصحة هذا بجانب غياب التنسيق بين المنظومة الصحية بالولاية كل في جزيرة معزولة سبب ذلك معاناة وبات الوضع يشكل تهديداً لحياة المرضى، مما يتطلب وبشكل عاجل تدارك الأزمات مركزياً ولائياً لإنهاء كافة المشكلات لضمان انسياب العمل بالمركز دون معوقات.

مركز قومي

من جهته أكد مدير عام وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بشمال كردفان د. بدر الدين أجبر كرشوم، للصحيفة أن مركز الجميح لغسيل الكلى قومي ودور الوزارة فني، والكوادر العاملة به تتبع لهم وأنهم يتابعون عمل المركز، وأضاف كرشوم هنالك تقارير شهرية ترفع للوزارة لجهة سد الثغرات التي تحدث من أجل استقرار الخدمة المقدمة للمرضى، وقال إن المشكلات التي تطرأ على المركز الوزارة تقوم بالتدخل لمعالجتها، وأشار كرشوم إلى أن المساعي والمجهودات جارية بالوزارة وحكومة الولاية لحل أي مشكلات، وبخصوص اختصاصي أمراض الكلى أبان مدير عام الصحة، أنه في زيارته للخرطوم مؤخراً ناقش هذا الأمر مع الجهات المركزية، وأكد التزامهم بجميع ما يحتاجه الاختصاصي لضمان وجود اختصاصي كلى بالأبيض، مشيراً إلى عدم كفاية الدعم المركزي، وأنه عرض ذلك للجهات المعنية. وفيما يختص بترحيل الكوادر الطبية قال: هنالك حافلات بالمستشفى تعمل الوزارة علي تجهيزها لتساعد في نقل الكوادر الطبية فضلاً عن وجود إسعاف محلي يمكن أن يستخدم في الترحيل للمركز، وأن الوزارة على استعداد لنقل الكوادر إذا طلب المركز ذلك، أما الإمداد المائي فقال: تمت مخاطبة إدارة المياه بالأبيض لعدم قطع الإمداد عن المستشفى، وإذا كانت هنالك ضرورة لقطعها يتم إبلاغهم لوضع التحوطات اللازمة حتى لا يتأثر المركز، وبالنسبة للكهرباء أبان د. بدر الدين أن هنالك بطاريتين للمولد الاحتياطي بجانب وجود فني مخصص لذلك، وقال إن المركز يحتاج لتدخلات فنية وهندسية، مضيفاً أن المركز يغطي مناطق كثيرة.

من ناحية أخرى، كشف مدير عام وزارة الصحة، أنه يقوم بطواف ليلي على جميع المؤسسات الصحية التابعة للوزارة للوقوف على سير العمل بها، مطالباً الجميع وكافة الجهات ذات الصلة والخيرية بالوقوف مع القطاع الصحي من أجل تطوير الخدمات الطبية والصحية بالولاية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى