بعد قرارات التمكين.. هل يلجأ (المحلول) إلى تحت الأرض؟

تقرير- صلاح مختار

بدءاً، السؤال يطرح نفسه بعد موجة اعتقالات طالت قيادات الصف الأول والثاني من قيادات المؤتمر الوطني المحلول والإسلاميين، بعد الأحداث التي اندلعت في الولايات أخيراً، ربما نظر البعض أن الصف الأول والثاني بالحزب المحلول، إما معتقل في السجون وأما فار بجلده خارج البلاد، أما البقية المتبقية فجاء عليها الدور ليكونوا خلف القضبان.

ولكن مراقبين يرون أن الوطني ربما أخفى نفسه أو عمل تحت الأرض، وهي تجربة مارسها الحزب الشيوعي من قبل، غير أن البعض من عقلاء المعارضين للوطني يرون أن الإجراءات الأخيرة لا يمكن أن تحقق أهدافاً بل توسع ماعون المعارضة وتقوي عمودها، إذا لجأ المحلول إلى العمل تحت الأرض، وبالتالي لا يجب وضع الكل في سلة واحدة، ولا يمكن وصم الإسلاميين بصفة واحدة.

(الصيحة)، وقفت على مستقبل الإسلاميين بعد الاعتقالات الأخيرة، وكيف يبدو موقفهم من العمل السياسي مع التضييق الأمني والاقتصادي، فما هو مستقبل الإسلاميين، وهل ستلجـأ قياداتهم للعمل تحت الأرض أم العمل السري؟.

العمل السري

 

البعض يرى أن الإسلاميين بعد موجة الاعتقالات الأخيرة سيلجأ معظمهم أو غالبيتهم من الصف الأول إن وُجد أو الثاني أو الثالث للعمل السري أو تحت الأرض مثلما لجأ الحزب الشيوعي إبان العهد البائد، فعمل تحت غطاء غير مرئي لكثير من الناس في ظل تضييق أمني وسياسي، وبالتالي ليس بالضرورة أن يلجأ كل الإسلاميين، وأن الأمر شبيه بما مر به الشيوعيون في السابق، ولكن في نهاية الأمر، فإن العمل تحت الأرض لدى الإسلاميين ليس بالشيء الجديد أو الغريب.

يقول المحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري لـ (الصيحة)، إن الإسلاميين شغالين تحت الأرض منذ نشأة الحركة الإسلامية في 1949، بالتالي ليس غريباً عليهم العمل السري أو تحت الأرض، رغم أنهم وجدوا فسحة كبيرة بعد الإنقاذ.

إيجاد مبرر

ويرى الساعوري: الآن النظام السياسي الحالي لا يبدو عليه أنه من الأنظمة المستبدة، وكأنه يعمل أو يريد أن يعزل الإسلاميين من نشاطهم السياسي دون أن يصرح من الآن، بالتالي من ناحية عملية النظام الفكري والواقع ونشاط الإسلاميين والعزل السياسي تلجأ إليه الحكومة مثلما تم من عزل سياسي في العراق وليبيا إبان حكم القذافي مما أدى للعمل تحت الأرض، فهو نشاط غير غريب على الإسلاميين، ولذلك لسان حال الحكومة الحالية إيجاد مبرر وأسباب لتطبيق العزل السياسي وتطبيق سياسة وضع اليد والعزل.

ليس دائماً

ولأن العزل السياسي لا يستمر طويلاً خاصة في ظل وضع انتقالي، فإن الساعوري يعتقد أن المستقبل ليس دائماً فيه عزل سياسي، غير أنه قال: يمكن بعد الفترة الانتقالية أن يصبح هنالك قانون، بيد أنه رأى أن العزل السياسي لا يمنع الإسلاميين من العمل تحت الأرض أو اللجوء إلى العمل السري بل يجعلهم يتماسكون أكثر خلال فترة العمل السري، وبالتالي الإجراء لا يحقق الهدف المرجو منه وهو منع نشاط يقودهم إلى مصلحتهم.

سلة واحدة

عند بعض المراقبين، يبدو أن القضية فيها لبس وأن وضع الإسلاميين كلهم في سلة واحدة، أمر معيب كما قال القيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان، وبالتالي الأمر يحتاج إلى (فرز كيمان) باعتبار أن هنالك إسلاميين خارج دائرة المؤتمر الوطني المحلول.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر في حديث لـ (الصيحة): ليس هنالك حجب سياسي أو عزل لمجموعة تحت مسمى الإسلاميين، وليس في القانون أو الوثيقة الدستورية  قانون لعزل أي مجموعة، وبالتالي ما يقصد من لفظ الإسلاميين هم داخل الحزب الذي حُظر لدواعٍ انتقالية، وهو المؤتمر الوطني المحلول الذي كان يسيطر على مقدرات الدولة وسخرها لإهانة وإذلال المواطن سواء كان أمنياً أو اقتصادياً أو من خلال التضليل الإعلامي بشكل محبط، فضلاً عن دخول سياسات أخرت السودان من الدخول في الأسرة الدولية، بذلك الفهم، فالوطني محظور بموجب الميثاق السياسي مع قياداته وأي شخصيات شاركت بطريقة مباشرة في أي عمل من خلال نهب أموال الشعب والفساد بكل أشكاله.

فرز الكيمان

كثير من المعتدلين يفرقون أو( يفرزون الكيمان)، عندما يتحدثون بشأن النشاط السياسي لأي حزب أو تنظيم سياسي سواء كان إسلامياً أو غير ذلك، باعتبار أن منع ذلك أو حجبه يخالف مبادئ الدستور أو أدب الثورة في الحرية والسلام والعدالة، ولذلك لا يستبعد خاطر الإسلاميين من المشهد الداخلي، ويرى أن المستقبل ليس فقط للإسلاميين، وإنما لكل السودانيين المنتمين لما يسمى بالحركة الإسلامية مصيرهم في المستقبل مصير كل القوى السياسية الأخرى، حيث أنه بعد انقضاء الفترة الانتقالية سيكون لهم الحق في الترشح والترشيح والبحث عن المقاعد السياسية التي تؤهلهم للعمل العام بطريقة قانونية ونزيهة في إطار القانون والدستور وحكم القانون، باعتبار أن الجميع شركاء في الوطن كما هو وارد في الدستور والقوانين والمبادئ العالمية. ولذلك أي عمل استثنائي للذين تسببوا في هذا العزل لعدم التزامهم بمبادئ وسيادة حكم القانون.

كمبارس إسلامي

أتاح التيار العريض للإسلاميين مساحة كافية للحركة والعمل دون قيود جعل البعض يربطها بمستقبل السودان الذي لا يرى فيه انفكاكاً منه، وبالتالي لا يرى القانوني د. أبوبكر عبد الرازق أي حاجة للإسلاميين في العمل تحت الأرض أو الانطواء لجهة أن الإجراء الذي يحدث إنما هو كمبارس يقوده الإسلاميون أنفسهم في المسرح السياسي، وقال عبد الرازق لـ (الصيحة)، إن الأغلبية التي ترتفع حناجرهم بالإساءة للإسلاميين كانوا مصادر لجهاز الأمن والمخابرات منذ زمن بعيد ولذلك مستقبل الإسلاميين تضعه جهة ما في هدوء لإنجاز مرحلة التحول وهي لحظة الأفول، التي بدأت تلوح وتضمن زوالهم من المسرح السياسي، وأضاف: إن ما تقوم به لجنة إزالة التمكين عبارة عن فرفرة مذبوح، لأنها تعاني من سكرات الموت والخروج من المسرح السياسي.

تكوين عريض

وتطرق عبد الرازق في إفاداته إلى جوهر التكوين العريض للتيار الإسلامي، ويرى أن المؤتمر الشعبي بتكوينه العريض مؤثر وتأثيره في المشهد الثقافي والاجتماعي، وكذلك هناك منبر السلام العادل، كذلك حزب الإصلاح الآن رغم الاعتقالات التي طالت بعض قياداته منهم راشد السر، واعتبر استهداف الطيب مصطفى جزءاً من استهداف قبيلة الصحافة والإعلام، إذا أضفنا إليه حسين خوجلي الذي يعتبر عضواً في المؤتمر الشعبي، وأمين حسن عمر وطني، وإسحاق أحمد فضل لله مؤتمر وطني، بالتالي الإسلاميون هم رصيد المستقبل شئنا أم أبينا، وذلك بخطوات التاريخ الممتد أن يكون واحداً من مكونات الساحة، ولذلك المستقبل للإسلاميين سواء رضيت أم لم ترضَ أمريكا، وأن المشهد اليوم ليس هنالك أسرة لا يوجد من بينها إسلامي منظم أو مدرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى