الشيخ/أحمد التجاني أحمد البدوي يكتب :متى بدأ التهميش الحقيقي ولماذا ومن المسؤول؟ (3)

استعرضنا في المقالين السابقين التهميش وآثاره وانعكاساته، وذكرنا أن الغرض من إصدار قانون المناطق المقفولة أن تحدث فرقة وتباعد بين مناطق السودان وزرع بعض الفتن الإثنية والقبلية، فالاستعمار إضافة إلى القانون قسّم السودان إلى مناطق إدارية سُمّيت بأسماء القبائل مثلاً: ريفي حمر، ريفي البديرية، ريفي الشنابلة إضافة إلى تسمية مديرية بأكملها باسم قبيلة وهي دارفور، كل ذلك يصب في التجزئة والتفرقة حتى الحكم الوطني لم ينتبه إلى هذه الدسائس الخبيثة فظلت هذه الأسماء موجودة إلى عهد قريب ودارفور لا زالت تنتظر يوماً ما، والغريب في الأمر أن السودان حسب تركيبته الاجتماعية لم يتأثر بهذه الأسماء إلى أن جاء بعض السياسيين وحركوا هذه النعرات لتحقيق أهداف الاستعمار في تفتيت السودان يفعلون ذلك دون وعي وتحسب للمآلات، فالقبلية ليس لها حد معين تقف فيه، وبانفصال المناطق عن بعضها سوف تنتج قبليات أخرى على النطاق المحلي، وعليه تكون الوحدة مطلوبة مهما كانت سلبياتها وقولة سيدنا أبوبكر:(ما تخشونه في الجماعة خير مما تطلبونه في الفرقة)، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فعلينا نحن السودانيين أن نسعى إلى وحدة جديدة وبميثاق جديد نستصحب معه تجارب الماضي التي جعلت السودان موحداً نال إعجاب جميع شعوب العالم الرسميين منهم والشعبيين بأمأنته وصدقه واحترامه للآخرين، وتصديقاً لذلك ذهبنا إلى غرب أفريقيا أوقفونا في الشارع وقالوا لنا:”أيها السودانيون نحن معجبون بكم” وذهب كثير من السودانيين إلى لندن بعد الاستقلال فكان الخواجات يقيمون لهم الولائم ويدعونهم إلى منازلهم ويقولون لهم إن الشعب السوداني شعب محترم”، هكذا كنا ويجب أن نكون، فلنرجع إلى ماضينا ونأخذ منه الجميل المواكب المعاصر، ونترك ما دون ذلك، وتحقيقاً لذلك ورتقاً للفتق والوحدة يمكن ربط السودان مع بعضه بالطرق وتفعيل السكة الحديد وتوفير الخدمات للأقاليم كالصحة والتعليم والأمن، أما الاقتصاد فيجب مراقبة الصادر والوارد وتشجيع الإنتاج، كما علينا أن نراجع مناهج التعليم التي لم تهمل تلك الوحدة في طياتها ومرجعنا في ذلك المنهج القديم الذي كان فيه خريج الابتدائي يدير مؤسسة بكاملها، علينا أن نعيد المدارس الثانوية القومية كطقت وحنتوب والفاشر وغيرها التي ذابت فيها القبلية والعنصرية لاستيعابها الطلبة من كل مناطق السودان، وكذلك خلاوي القرآن من أكثر المؤسسات التي ذابت فيها القبلية بقرآنها وبتصوف مشائخها والذين كان لهم الأثر الكبير في خلق المجتمع السوداني بصفاته المعروفة، والمطلوب كذلك مراجعة الخدمة المدنية وتقليل الولايات والمحليات معتمدين على لوائح ما بعد الاستقلال وقبله يجب أن يكون التوظيف معتمداً على الكفاءة وليس من الضروري أن يحكم أبناء المناطق مناطقهم، لأن هذا كان سبب فشل الكثير من الحكومات وأشاع القبلية حتى الحكومة الحالية لم تستطع إلى الآن تشكيل حكومة بسبب الخلافات الجهوية والقبلية، ولو كانت الكفاءة والأداء هما المعيار لانتصرنا ولعبرنا، لكننا لا زلنا نراوح مكاننا مع التردي المستمر، وأما المؤسسات العسكرية كالشرطة والجيش والأمن  فيجب أن يرجعوا إلى الانضباط واحترام الكاكي كما كانوا من قبل والأصل في العسكرية الانضباط والاخشوشان، وعليهم أن يقوموا بواجبهم المحدد دون الانشغال بالبيع والشراء والتجارة والشركات إلا فيما يخصهم من تصنيع حربي وغيره، أما السياسة الخارجية فيجب أن تبنى على تبادل المنافع مع الكرامة والاستقلال والمحافظة على الدين والأعراف والتقاليد دون انحياز أو خضوع لأي جهة مهما كانت.

وهذا المنشور نعتبره مقترحاً لبرنامج عمل للحكومة الحالية أو القادمة والله المستعان والموفق

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى