محمد محمد خير يكتب : حزبي الخاص …

بعد أن يكمل الشاعر دورته التجريبية وينجز تجربته الإبداعية ومشروعه الشعري الخاص، يكون قد تجاوز أصداء الآخرين وظفر بصوته الخاص واكتسب بصمته، أما السياسي فحين يتقلّب بين الاتجاهات السياسية ويتيح له هذا التقلب المعافي معرفة الأحزاب معرفة لم تتيسّر للغير، عليه حينئذٍ تكوين (حزبه الخاص) في مقابل (الصوت الخاص) الذي يميّز الشاعر الذي اكتمل، ولما كان بي مَسٌّ من نسيم الحالتين قرّرت إشهار حزبي الخاص بعد أن تجاوزنا بحمد الله مرحلة (العمل السري).

حزبي الخاص لا اسم له لأنه يرتكز في الاستفادة من أخطاء الغير في المسميات ويصطحب تجربة الأحزاب السودانية منذ الخمسينات في هذا المضمار، فقد انقسم الحزب الشيوعي للحزب الشيوعي و(القيادة الثورية) هذا بحسب اتحاد القوى الوطنية الديمقراطية وحق وحشود وغيرها من الروافد الصغيرة، وانقسم البعث لعراقي وسوري، أما حزب الأمة فقد كان جناحان يرفان عليك (بجناح الصادق والإمام) قبل الانشطار الذري الذي قسّمه لإصلاح وتجديد، ولوطني وفدرالي والقيادة جماعية ولتنمية، والغريب أن كل هذه الأحزاب  شعارها شعار واحد هو (الله أكبر ولله الحمد)!!

أما الاتحادي فأصبح أصلاً وأمانة عامة وحركات دارفور نهشت لحم عبارة (تحرير السودان) حتى استعبدت العبارة!! لذا فإن حزبي الخاص يتجنّب التسمية لذا فهو حزب لا اسم له!! رئيسه بالطبع أنا وعضويته كما ذكرت آنفاً محمد محمد خير، أما جماهيره فهي الشريحة الضئيلة التي تقرأ من حين لآخر كتابات رئيس الحزب !!

إذن فهو حزب أحادي ذاتي، رئيسه هو أعضاء الحزب وأعضاء الحزب هم الرئيس ولهذه الهيكلية خلفية شعرية أرناها مظفر النواب في قصيدة الجمجمة حين قال:-

وحدي كنت التنظيم الثوري

وضلوعي كانوا الأعضـاء

يتخذ الحزب موقفاً عقلانياً تجاه القضايا كافة، فهو يناصر قضايا المرأة لكنه لا يمنحها العضوية، ولهذا القرار ترسيب في نفسية رئيس الحزب فقد زار (حفظه الله) ذات مرة أحد أصدقائه وأخذ يداعب طفل صديقه فسأله الطفل: (إنت معرس يا عمو)؟ فأجاب رئيس الحزب بنعم، فقال الطفل (لكين أنا أصلو ما حا اعرس)، فسأله الرئيس المتزوج لماذا؟ فقال الطفل: (لو عرست المرة بتشرب مني الشاي كلو)، ومنذ ذلك الأوان صار رئيس الحزب يعدِّد (الترامس) التي تهافتت منه لحلوق النساء ويحصي عدد (الكفتيرات) التي شربتها سعاد! لذا فحزبنا يناصر تبوؤ المرأة للمنصب العام ويدعم حرياتها ويقف موقفاً مبدئياً تجاه نون نسوتها وتاء تأنيثها إيماناً منه بأن النساء رياحييننا كما أضاف ابن حزم! ويمنح المرأة كل شيء إلا العضوية خوفاً على (الشاي)!.

الديمقراطية داخل الحزب تمتد بلا آفاق ولا نهايات، فالحزب يعقد مؤتمره السنوي (يومياً)، ولولا أن رئيس الحزب يشق على العضوية لأمر الحزب بعقد جمعيته العمومية عقب كل صلاة، فالحزب بجانب هُمُومه الراكزة يراجع ويقوِّم مكتسبات الجماهير على رأس كل ساعة .

يعتمد الحزب في ماليته على مرتب الرئيس المُقسّم بين تورنتو والكلاكلة ودبي وعلى تبرعات الرأسمالية من غير (شيّالي الحال)، ولما كانت هذه الصفة من الطباع الراسخة للرأسمالية السودانية، فإن  الحزب لم يتبق له سوى إبراهيم الكوباني !!!

لا يمنح الحزب عضويته لأي فئة اجتماعية أو شريحة فئوية أو قطاعات طلابية وشبابية حفاظاً على واحديته وقوامه الشيق الأخاذ الذي لا يكتسب هاتين الصفتين إلا بحصر العضوية والرئاسة على محمد محمد خير وهذا ما يقي الحزب شر الانقسامات، أما إذا انقسم الحزب وهو على هذه الواحدية الصمدية فذلك لا يعني إلا  (الشيزوفرنيا)!

الهتاف المحبذ لحزبنا يتصل بجذر لينيني، فقد كان الرئيس شغوفاً بهتاف (عاش نضال الطبقة العاملة) حين كان اشتراكياً في مستهل سنوات عمره في الستينات ولما هداه الله لطريق الحزب الواحد في الرجل الواحد في العضوية الموّحدة، فإنه يستعذب هتاف (عاش نضال الطبقة الواحدة)! فإذا استأثرتك (لقطة) من لقطات الحزب ورئيسه فما عليك إلا  بهذا الهتاف !!!

شعر له علاقة بالنص :

كلما فتّشت عن نفسي

وجدت الآخرين

كلما فتّشت عنهم

لم أجد فيهم سواي

هل أنا الفردُ الحشود

محمود درويش – الجدارية

من أرشيف الكاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى